الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم أدخل عليها الحج، أو أحرم بالحج ثم أدخل عليه عمرة على خلاف عند أهل العلم في ذلك.
صفة الإفراد:
أن يهل بالحج مفردًا من الميقات في أشهر الحج، ثم لا يحل حتى ينتهي من أعمال الحج، وليس عليه هديٌ.
مسألة [2]: هل له أن يحرم بهذه الثلاثة الأنساك
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (5/ 82): وأجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء. اهـ
وقال النووي رحمه الله في «شرح مسلم» (1211): وقد أجمع العلماء على جواز الأنواع الثلاثة. اهـ
قلتُ: قد خالف ابن عباس رضي الله عنهما، فكان يرى وجوب التمتع، وكان يقول كما في «الصحيحين»: لا يطوف بالبيت حاجٌّ ولا غير حاجٍّ؛ إلا حلَّ.
(1)
وهو مذهب ابن حزم، واختاره ابن القيم، واستدلوا على الوجوب بالأحاديث المتواترة أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر من لم يسق الهدي من الصحابة أنَّ يحلَّ وأن يجعلها عمرة، وغضب عند أن تباطئوا في ذلك وقال:«لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولجعلتها عمرة» ، وقال:«دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» ، فقال سراقة بن مالك رضي الله عنه: يا رسول الله، أَلِعَامِنا هذا، أم لأبد؟ فقال:
(1)
أخرجه البخاري (4396)، ومسلم (1245)، واللفظ لمسلم.
(1)
وهذه الأدلة قوية كما ترى، ولكن ثبت من حديث عروة بن مضرس أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال له وقد شكا إليه أنه لم يترك حبلًا إلا وقف عليه حتى أتعب نفسه وراحلته:«من صلَّى صلاتنا يعني بالمزدلفة وكان قد وقف قبل ذلك ليلًا أو نهارًا؛ فقد تم حجُّه، وقضى تفثه» .
(2)
فهذا الحديث نصٌّ أن من حج مُفرِدًا فحجُّه كامل، وقد ثبت عن كبار الصحابة أنهم كانوا يحجون مفردين، كأبي بكر، وعمر، وعثمان.
وإذا قيل: إنَّ حديث عروة بن مضرس خاصٌّ بمن لم يدرك كما هو حال عروة.
فيُجاب عنه: بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تكلم بكلام عامٍّ يشمل قضية عروة بن مضرس وغيره.
وقد اختار شيخ الإسلام رحمه الله في قصة أمر الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الصحابة أن يجعلوها عمرة، وغضبه وتحتيمه أنَّ هذا الوجوب خاصٌّ بالصحابة رضي الله عنهم في ذلك العام.
وصحح هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله؛ وذلك لأنهم خوطبوا به مباشرة، وكان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أراد مخالفة الجاهلية الذين يقولون:(إنَّ العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض)، فأوجب عليهم في ذلك العام أن يحلوا مخالفةً
(1)
أخرجه البخاري (1785)، ومسلم (1218) من حديث جابر رضي الله عنه، واللفظ لمسلم.
(2)
سيأتي تخريجه إن شاء الله في «البلوغ» رقم (742).