الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [183]: إذا نذر إنسان أن يهدي فكم يجزئه
؟
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (5/ 451 - ): وَإِذَا نَذَرَ هَدْيًا وَأَطْلَقَ، فَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُهُ شَاةٌ، أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ فِي النَّذْرِ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا، وَالْهَدْيُ الْوَاجِبُ فِي الشَّرْعِ إنَّمَا هُوَ مِنْ النَّعَمِ، وَأَقَلُّهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُتْعَةِ:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]، حُمِلَ عَلَى مَا قُلْنَا؛ فَإِنْ اخْتَارَ إخْرَاجَ بَدَنَةٍ كَامِلَةٍ، فَهُوَ أَفْضَلُ، وَهَلْ تَكُونُ كُلُّهَا وَاجِبَةً؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا تَكُونُ وَاجِبَةً. اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْأَعْلَى لِأَدَاءِ فَرْضِهِ، فَكَانَ كُلُّهُ وَاجِبًا، كَمَا لَوْ اخْتَارَ الْأَعْلَى مِنْ خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَوْ كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ.
وَالثَّانِي: يَكُونُ سُبْعُهَا وَاجِبًا، وَالْبَاقِي تَطَوُّعًا، لَهُ أَكْلُهُ وَهَدِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى السُّبْعِ يَجُوزُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا بَدَلٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَبَحَ شَاتَيْنِ.
فَإِنْ عَيَّنَ الْهَدْيَ بِشَيْءٍ، لَزِمَهُ مَا عَيَّنَهُ، وَأَجْزَأَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ، مِمَّا يُنْقَلُ أَوْ مِمَّا لَا يُنْقَلُ؛ فَإِنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ رَاحَ يَعْنِي إلَى الْجُمُعَةِ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً»
(1)
. فَذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ فِي الْهَدْيِ. وَعَلَيْهِ إيصَالُهُ إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ هَدْيًا، وَأَطْلَقَ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَحِلِّ الْهَدْيِ الْمَشْرُوعِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33]. فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْقَلُ، كَالْعَقَارِ، بَاعَهُ، وَبَعَثَ ثَمَنَهُ إلَى الْحَرَمِ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِيهِ.
(1)
أخرجه البخاري برقم (881)، ومسلم برقم (850) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.