الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
712 -
وَعَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلَالِ» . رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: حكم التلبية
.
• في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: أنها سُنَّة، وهو مذهب أحمد، والشافعي، والحسن بن حي؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لبَّى هو وأصحابه واستمروا على ذلك، وهي من شعائر الحج.
الثاني: واجبة، وإذا تركها؛ فعليه دمٌ، وهو مذهب المالكية؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
(1)
حسن لغيره. أخرجه أحمد (4/ 55)، وأبوداود (1814)، والنسائي (5/ 162)، والترمذي (829)، وابن ماجه (2922)، وابن حبان (3802)، من طريق سفيان بن عيينة عن عبدالله بن أبي بكر عن عبدالملك بن أبي بكر بن الحارث عن خلاد بن السائب بن خلاد عن أبيه به. وهذا إسناد ضعيف رجاله رجال الشيخين إلا خلاد بن السائب، فهو من رجال أصحاب السنن وقد روى عنه خمسة ووثقه ابن حبان، فهو مجهول الحال، والله أعلم.
ولكن للحديث شاهد يحسن به، وهو ما أخرجه أحمد (1/ 321)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 187) من طريق عبدالصمد بن عبدالوارث عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار حدثنا أبوحازم عن جعفر بن عباس عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«إن جبريل أتاني فأمرني أن أعلن بالتلبية» ، وإسناده ضعيف؛ لضعف عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، وأما جعفر بن عباس فهو ابن تمام بن عباس، نسب إلى جده، كما في «التاريخ الكبير» ، وهو ثقة، وثقه أبوزرعة كما في «الجرح والتعديل» ، والحديث حسن بطريقيه، والله أعلم.
لبَّى، وقال:«لتأخذوا عني مناسككم»
(1)
، ولحديث السائب بن خلاد الذي في الكتاب، وهو قول بعض الشافعية.
الثالث: أنها شرط لصحة الإحرام، وهو مذهب الثوري، وأبي حنيفة، والظاهرية، قال ابن حزمٍ:(وهو فرضٌ ولو مرة) وهو قول عطاء وبعض الشافعية.
قال أبو عبد الله غفر الله له: أما حديث: «خذوا عني مناسككم» ؛ فهو حديث مجملٌ، ومعناه: أن نفعل كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحج، فما كان واجبًا؛ فعلناه على سبيل الوجوب، وما كان مستحبًّا؛ فعلناه على سبيل الاستحباب، ولا يصح أن يقال:(كل ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحج فهو واجبٌ)؛ لهذا الحديث، فقد أجمع أهل العلم على أنَّ كثيرًا من الأفعال التي فعلها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ليست واجبة، بل مستحبة؛ وعلى هذا فيؤخذ الوجوب والاستحباب من أدلة أخرى، والله أعلم.
وأما حديث السائب بن خلاد؛ فإنَّ الأمر على سبيل الاستحباب، فإنَّا لا نعلم أحدًا أوجب رفع الصوت في التلبية غير داود، وابن حزم، ومع ذلك فقال ابن حزم:(فرض ولو مرة)، ولا نعلم له دليلًا على تخصيص الوجوب بمرة.
فالظاهر أنَّ الراجح هو القول الأول، والله أعلم.
ولا ينبغي لإنسان أن يترك التلبية؛ للخلاف في وجوبها، ولفضيلتها، فقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من حديث سهل ابن سعد أنه قال: ما من مسلم يلبِّي إلا لبَّى ما عن يمينه وشماله من حجر، أو شجر، أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا، وهاهنا.
(1)
أخرجه مسلم (1297) عن جابر رضي الله عنه.