الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: معنى الخراج بالضمان
.
الخراج: هو الكسب والربح، ومنه قوله تعالى:{أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون:72]، والمقصود بالحديث أنَّ المنافع الناتجة من السلعة تكون لضامن السلعة، فلو أنَّ إنسانًا اشترى سيارة مثلًا، فأَجَّرها واستفاد منها، ثم وقف على عيب في السيارة كان عند البائع، فتكون المنفعة للمشتري، ولا يُطالب برد الأجرة؛ لأنَّ السيارة كانت في ضمانه بحيث لو تلفت لم يرجع على البائع بشيءٍ، ويُعَبِّر بعض الفقهاء بقولهم: الغُنْمُ لمن عليه الغرم.
وهذه المسألة لها صُور:
أولها: أن تكون الزيادة متصلة بالمبيع، كالسمن، والكِبَر، والتعلم، والحمل، فهذه الأشياء يردها بنمائها؛ لأنه يتبع في العقود، والفسوخ، وقد نُقِل على هذا الإجماع، وخالف شيخ الإسلام، وجعله رواية عن أحمد، فقال بأنَّ النماء المتصل للمشتري أيضًا، واختار ذلك الإمام العثيمين رحمه الله؛ لعموم الحديث: «الخراج
بالضمان»، وعليه فلو فسخ؛ فيرد البائع للمشتري فارق قيمة السلعة بين يوم البيع ويوم الفسخ، وهذا القول هو الصحيح، والله أعلم.
ثانيها: أن تكون الزيادة منفصلة، ولكنها ليست من عين المبيع كالكسب، مثل الاستفادة من السيارة، أو العبد، وما أشبه ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله: فكل ذلك للمشتري في مقابلة ضمانه؛ لأنَّ العبد لو هلك هلك من مال المشتري، وهو معنى قوله عليه السلام:«الخراج بالضمان» ، ولا نعلم في هذا خلافًا.
ثم قال: وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، ولا نعلم عن غيرهم خلافهم. اهـ
قلتُ: قد خالف في المسألة عثمان البتي، وعبيد الله بن الحسن كما في «المحلى» ، والصواب قول الجمهور.
ثالثها: أن تكون الزيادة منفصلة، ولكنها من عين المبيع، كالولد، والثمرة، واللبن.
• فالجمهور على أنَّ الزيادة لا ترد أيضًا، وهي للمشتري مقابل ضمانه؛ للحديث المتقدم، ووافقهم ابن حزم، ولكنه استدل على ذلك بقوله: لأنه حدث في ماله، وفي ملكه، وليس مما وقع عليه الشراء؛ فلا حق للمردود عليه فيه.
• وذهب مالك إلى قول الجمهور؛ إلا في الولد فإنه يرد مع أمه.
• وقال أبو حنيفة: ليس له الرد، ويرجع على البائع بأرش العيب.
• وقال عثمان البتي، وعبيد الله بن الحسن، وزفر: يردها، ويرد الضمان المنفصل الذي هو فرعٌ منها؛ لأنَّ العقد قد تم على الحيوان، وهذا الشيء موجود فيه؛ فالظاهر أنه يرد معه، وهذا قول بعض الشافعية، والحنابلة، كما في «الإنصاف» ، و «الحاوي» ، و «المغني» فيما إذا كان الحمل موجودًا عند العقد.
وهذا هو الصحيح في حالة وجود الحمل تامًّا عند العقد.
وأما إن كان غير موجود فالصحيح قول الجمهور، وإن كان موجودًا، ولكنه في بداية الحمل، أو أثنائه فيرجع إلى الصورة الأولى، وبالله التوفيق.
(1)
تنبيه: قاس الحنفية المغصوب على المبيع، فقالوا: للغاصب خراج المغصوب؛ لأنه ضامن له، وخالفهم الجمهور فقالوا: ليس له خراجه، بل يجب عليه رد المغصوب مع خراجه، وهو الصحيح.
(2)
(1)
انظر: «المغني» (6/ 226، 232)، «المحلى» (1591)، «الاختيارات» (126)، «الحاوي» (5/ 245)، «الإنصاف» (4/ 369).
(2)
انظر شرح الحديث من «معالم السنن» للخطابي، و «شرح السنة» للبغوي.