الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا، وَلِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ خَدِيعَتِهِمْ وَغَبَنِهِمْ، وَهَذَا فِي الْبَيْعِ كَهُوَ فِي الشِّرَاءِ، وَالْحَدِيثُ قَدْ جَاءَ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ مُخْتَصًّا بِالشِّرَاءِ لَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ. اهـ
مسألة [9]: حكم بيع الحاضر للبادي
.
جاء النهي عن ذلك عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الباب، وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه في «الصحيحين»
(1)
أيضًا، وجاء عن أنس، وجابر رضي الله عنهما في «صحيح مسلم» (1522، 1523)، وفي حديث أنس زيادة:«وإن كان أخاه لأبيه وأمه» ، وأصل حديث أنس في «البخاري» (2161)، بدون الزيادة، وجاء عن غيرهم.
• وقد أخذ جمهور العلماء بتحريم هذا البيع؛ للأحاديث المذكورة، وثبت عن جمع من الصحابة النهي عن ذلك، منهم: أنس بن مالك، وابن عمر، وأبو هريرة رضي الله عنهم، كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (6/ 240)، و «الأوسط» لابن المنذر (10/ 103).
• وذهب مجاهد، وأبو حنيفة، وأحمد في رواية إلى الجواز، وتمسكوا بعموم قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«الدين النصيحة»
(2)
، وزعموا أنه ناسخ لحديث النهي.
وأجاب الجمهور عن ذلك بحمل حديث النصيحة على عمومه؛ إلا في بيع
(1)
أخرجه البخاري برقم (2160)، ومسلم برقم (1515).
(2)
رواه مسلم برقم (55)، من حديث تميم الداري رضي الله عنه.
الحاضر للبادي، فهو خاصٌّ، فيقضي على العام، والنسخ لا يثبت بالاحتمال.
وجمع البخاري بينها بتخصيص النهي بمن يبيع له بالأجرة كالسمسار، وأما من يبيعه بغير أجرة؛ فيجوز، وهذا القول تفرد به البخاري فيما نعلم، وليس بصحيح؛ لأنَّ أحاديث النهي ليس في واحد منها تعرض لذكر الأجرة.
والصواب في هذه المسألة هو قول الجمهور، والله أعلم.
(1)
تنبيه: أكثر أهل العلم يُلحِقون بالبادي في الحكم من شابهه، بأن يكون غريبًا من بلدة أخرى، أو يسكن شعبًا، أو واديًا بعيدًا عن أسواق المسلمين.
(2)
تنبيه آخر: ليس المقصود بأنَّ من جهل الأسعار والمعاملات فلا يجوز البيع له، فقد سُئلت اللجنة الدائمة عن شخص أراد أن يبيع ذهبًا وهو لا يعرف السعر، فهل يجوز لقريبه أن يبيع له أم أنه يدخل في النهي. فأجابت اللجنة بأنَّ هذا ليس من بيع الحاضر للبادي، بل هو من باب الإحسان، والرفق، والنصيحة، ولا ينبغي أن يظن ظانٌّ أن معنى الحديث (لا يبع عالم لجاهل)، وإلا لفسدت مصالح الناس. اهـ
فائدة: وضع الحنابلة، والشافعية شروطًا في النهي المتقدم، وهي:
1) أن يكون الحضري قصد البدوي ليتولى له البيع، فلو عرض البدوي ذلك على الحاضر؛ فلا يمنع.
(1)
انظر: «المغني» (6/ 308 - 309)، «الفتح» (2158)، «المحلى» (1470).
(2)
انظر: «الفتح» (2158)، «التمهيد» (12/ 274) ط/مرتبة.