الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [3]: العمرة على أهل مكة
.
• صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما، كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (4/ 88)، أنه قال: يا أهل مكة لا عمرة لكم، إنما عمرتكم الطَّواف بالبيت.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (5/ 14 - 15): وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ عُمْرَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى الْعُمْرَةَ وَاجِبَةً، وَيَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ عُمْرَةٌ، إنَّمَا عُمْرَتُكُمْ طَوَافُكُمْ بِالْبَيْتِ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ. اهـ
وذهب شيخ الإسلام كما في «مجموع الفتاوى» (26/ 248 - 301)، إلى أنها بدعة (ص 264)، واختار هذا القول ابن القيم في «زاد المعاد» (2/ 94)، والإمام الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (2626).
وقد استدلوا على عدم المشروعية بأنه لم يثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه اعتمر من مكة، أو خرج إلى خارجها بقصد العمرة، ولم يفعل ذلك أحدٌ من صحابته إلا عائشة وحدها كما في «مجموع الفتاوى» ، و «زاد المعاد» .
قال أبو عبد الله غفر الله له: ظاهر كلام الأئمة المتقدمين عدم الوجوب؛ لقولهم (ليس عليه) بخلاف ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمة الله عليهما.
• وذهب طائفة من أهل العلم إلى مشروعية العمرة للمكي، وكذلك للآفاقي إذا أراد أن يكرر، وهذا القول عزاه للأئمة الأربعة صاحب كتاب «الفقه على المذاهب الأربعة» (1/ 685 - 686)، وعزاه الشيخ ابن عثيمين للجمهور كما
في «الشرح الممتع» (7/ 56).
وقد جاء عن عمر وعلي رضي الله عنهما ما يؤيد هذا القول، أخرجهما ابن أبي شيبة، وفي إسناده أذينة العبدي، وهو مجهول.
وثبت عن ابن عمر، وابن الزبير، وعائشة رضي الله عنهم، أنهم كانوا يعتمرون، وهم بمكة؛ يخرجون إلى الحل. أخرج ذلك عنهم ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة.
وهذا القول اختاره ابن حزم، وابن قدامة، والنووي، وابن دقيق العيد، وابن حجر، والشوكاني، واللجنة الدائمة، والشيخ مقبل رحمه الله.
واستدلوا على ذلك بحديث عائشة في «الصحيحين» ،
(1)
أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمرها من التنعيم.
قال ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (1785): وبعد أن فعلته عائشة بأمره صلى الله عليه وسلم دلَّ على مشروعيته. اهـ
وأصحاب هذا القول يقولون: يُحْرِم من أراد العمرة من الحل، ويخرج من الحرم.
وقد أخرج ابن أبي شيبة بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لا يضركم يا أهل مكة ألا تعتمروا؛ فإن أبيتم؛ فاجعلوا بينكم وبين الحرم بطن الوادي. وفي إسناده عمر بن كيسان، وهو مجهول، تفرد بالرواية عنه عمرو بن دينار.
(1)
أخرجه البخاري برقم (1785)، ومسلم برقم (1211).
قلتُ: وهذا القول هو الصحيح، والله أعلم
• وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يحرم من مكة نفسها، وهو قول البخاري رحمه الله، فقد بوَّبَ في «صحيحه»:[باب مهل أهل مكة للحج والعمرة]، واختاره الصنعاني، والشوكاني في «السيل الجرار» (2/ 216)؛ لحديث ابن عباس بعد أن ذكر المواقيت مرفوعًا:«هُنَّ لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» .
وقد أجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله على الاستدلال بحديث ابن عباس كما في «الشرح الممتع» (7/ 57)، فقال بعد أن ذكره: ظاهره أنَّ العمرة لأهل مكة تكون من مكة. ثم قال: هذا الظاهر يعارضه حديث عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر أخاها أن يخرج بها؛ لتحرم من التنعيم؛ فإن قال قائلٌ: عائشة ليست من أهل مكة، فَأُمِرت أن تخرج إلى الحل؛ لتحرم منه؟ قلنا: ليس المانع من إحرام الآفاقي من مكة هو أنه ليس من أهل مكة، بدليل أنَّ الآفاقي يحرم بالحج من مكة، فلو كانت مكة ميقاتًا للإحرام بالعمرة؛ لكانت ميقاتًا لأهل مكة، وللآفاقيين الذين هم ليسوا من أهلها، وهذا واضح، وأيضًا: العمرة الزيارة، والزائر لابد أن يفد إلى المزور؛ لأنَّ من كان معك في البيت إذا وافقك في البيت لا يقال:(إنه زارك)، وهذا ترجيحٌ لُغوي .... وانظر بقية كلامه.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (5/ 14 - 15)«المجموع» (7/ 209)«البيان» (4/ 117)«المحلى» (822)«إحكام الأحكام» (3/ 7)«النيل» (1812)، «مصنف ابن أبي شيبة» (4/ 223 - 224)(4/ 534).