الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رفع ثمنها على عامة المسلمين، أو ما أشبه ذلك من الصور التي يكون التسعير فيها مصلحة لعامة المسلمين دون إضرار بالتجار؛ فلحاكم المسلمين عند ذلك أن يسعر عليهم تلك السلع، ويمنعهم من الزيادة فيها.
وأما إذا ارتفعت الأسعار من غير تلاعب من الباعة والتجار؛ فلا يجوز للحاكم أن يُسعر على قول الجمهور، فإذا كان السبب في ارتفاع الأسعار كثرة الطلب، وقلة السِّلع، ولا يأتي بها الباعة أحيانًا إلا بمشقة عظيمة؛ فحينئذٍ إذا ارتفعت السلعة إلى أضعاف ثمنها فلا بأس.
(1)
مسألة [2]: هل يلزم البائع الواحد بأن لا يبيع بأقل من سعر السوق
؟
• الجمهور على عدم جواز التسعير في هذه الصورة أيضًا، بل يبيع كل إنسان بما تيسر له، وبما يرى أنَّ له فيه مصلحة وربحًا، والناس يتفاوتون في شراء السلعة وفي الإتيان بها إلى السوق.
• وذهب مالك وأصحابه إلى جواز هذا التسعير حتى لا يفسد على الناس سوقهم، واستدل مالك بما رواه في «موطئه» (2/ 651) عن يونس بن يوسف، عن سعيد بن المسيب، أنَّ عمر بن الخطاب مرَّ بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبًا له بالسوق، فقال له عمر: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا. وهذا إسناد صحيح.
(1)
انظر: «المغني» (6/ 311)، «الطرق الحكمية» (ص 244 - 257)، «الاستذكار» (20/ 76)، «شرح البلوغ» للعثيمين.
وأخرجه الشافعي كما في «الكبرى» للبيهقي (6/ 29) عن الدراوردي، عن داود بن صالح التمار، عن القاسم بن محمد، عن عمر رضي الله عنه، أنه مرَّ بحاطب بن أبي بلتعة بالسوق، وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرهما؟ فقال له: مدين لكل درهم. فقال له عمر: قد حُدِّثْتُ بِعِيْرٍ جاءت من الطائف تحمل زبيبًا، وهم يغترون بسعرك، فإما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك البيت، فتبيعه كيف شئت. فلما رجع عمر حاسب نفسه، ثم أتى حاطبًا في داره، فقال: إنَّ الذي قلت لك ليس عزمة مني، ولا قضاء، إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فَبِعْ، وكيف شئت فبع. اهـ
وإسناده منقطع؛ لأنَّ القاسم لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولكن الأثر يصح بالطريق التي قبلها.
قلتُ: والراجح قول الجمهور؛ لحديث الباب، إلا أن يرى ولي الأمر المصلحة الشرعية في ذلك لدفع ضرر حاصل، وأما أثر عمر رضي الله عنه، ففي طريق الشافعي أنَّ ذلك ليس على طريق الإلزام.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (6/ 311 - 312)، «الطرق الحكمية» (ص 254).