الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحج أو العمرة، وهو مذهب الشافعي، ومالك، والثوري، وأبي ثور، وأبي يوسف، ومحمد، وابن المنذر، وبه قال عطاء، ورجَّحه ابن قدامة، وهو قول بعض الحنابلة؛ لأنه يشمله حديث:«ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ» ، وهو قول الظاهرية، لكن بالغ ابن حزمٍ فقال: ولا يجزئه الإحرام إذا عاد إلى الميقات.
• وذهب أحمد، وإسحاق إلى أنه يلزمه العود إلى الميقات، وحمل ابن قدامة كلام أحمد على من يجاوز الميقات ممن يجب عليه الإحرام.
والصواب هو القول الأول، والله أعلم.
(1)
مسألة [12]: من جاوز الميقات فخشي إن رجع أن يفوته الحج
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (5/ 73): لَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْحَجِّ بِرُجُوعِهِ إلَى الْمِيقَاتِ، أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ، فِيمَا نَعْلَمُهُ؛ إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: مَنْ تَرَكَ الْمِيقَاتَ فَلَا حَجَّ لَهُ. وَمَا عَلَيْهِ الْجمْهُورُ أَوْلَى
…
وانظر بقية كلامه.
وأثر سعيد لم يصح كما تقدم.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَإِذَا أَحْرَمَ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ؛ فَعَلَيْهِ دَمٌ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ. اهـ
(1)
انظر: «المغني» (5/ 70)، «المجموع» (7/ 204).
فَصْلٌ في المواقيت الزمانية
المواقيت الزمانية:
هي المذكورة في قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:197]، وقد أجمعوا على أنَّ شوالًا، وذا القعدة من أشهر الحج.
• واختلفوا هل يدخل شهر ذي الحجة في ذلك بتمامه، أم بعضه على أقوال:
القول الأول: أنَّ أشهر الحج (شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة)، وهو قول عطاء، ومجاهد، والحسن، والشعبي، والنخعي، وأحمد، والثوري، وأصحاب الرأي.
واستدلوا على ذلك بأنه قد صحَّ أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما كما في «تفسير الطبري» (3/ 444)، وابن عمر رضي الله عنهم كما في «الكبرى» للبيهقي (4/ 342) فسَّرا الأشهر بذلك، وجاء ذلك أيضًا عن ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 302)، وابن جرير (3/ 444)، وغيرهما، ولكن في إسناده: شريك القاضي، وهو ضعيفٌ، وجاء عن ابن الزبير كما في «الكبرى» للبيهقي (4/ 342)، وفي إسناده: أبو سعد البَقَّال، وهو ضعيفٌ.
القول الثاني: أنَّ أشهر الحج (شوال، وذو القعدة، وتسعة أيام من ذي الحجة
مع ليلة النحر)، وهو قول الشافعي؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة:197]، ومن المعلوم أنه لا يصح الإحرام بالحج في اليوم العاشر.
القول الثالث: أنَّ أشهر الحج (شوال، وذو القعدة، وذو الحجة بتمامها)، وهو قول مالك، واختاره بعض الحنابلة، ورجَّحه ابن حزمٍ، واختاره الشيخ ابن عثيمين.
واستدلوا بالآية: {أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، وأقل الجمع غالبًا في اللغة ثلاثة، وهذا القول جاء عن عمر بن الخطاب، أخرجه سعيد بن منصور في «تفسيره» (334)، من طريق: عروة، عن عمر، وهو منقطعٌ؛ لأنَّ عروة بن الزبير لم يدرك عمر بن الخطاب. وصحَّ هذا القول عن ولده عبدالله بن عمر كما في «تفسير ابن جرير» (3/ 447).
وقال ابن حزمٍ رحمه الله في «المحلى» (821): قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ولا يطلق على (شهرين، وبعض آخر) أشهر، وأيضًا فإن رمي الجمار -وهو من أعمال الحج- يُعمل في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وطواف الإفاضة -وهو من فرائض الحج- يُعمل في ذي الحجة كله بلا خلاف منهم؛ فصح أنها ثلاثة أشهر، وبالله تعالى التوفيق. اهـ
وهذا القول هو الصواب، والقول الأول يرده ما ذكره ابن حزمٍ رحمه الله، والقول الثاني يرده ما ذكره ابن حزم، وأيضًا قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في يوم النحر «يوم الحج الأكبر» ،