الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إذا تأخر فلا بأس أن يطوف عند خروجه ليكون آخر عهده بالبيت، وعلى هذا أصحاب المذاهب الأربعة، وقد أوجبه بعضهم، والصحيح عدم وجوبه، وهو مذهب الحنفية والحنابلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابة به في عمرة القضاء، وقد مكثوا في مكة ثلاثة أيام.
(1)
مسألة [8]: الوقوف في الملتزم
.
• ذهب جماعةٌ كثيرون من الفقهاء إلى استحباب التزام ما بين الركن والباب؛ فيلصق به صدره ووجهه ويدعو، ولم يصح في هذا العمل حديثٌ عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فالذي أخرجه أبو داود (1899)، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أنه استلم الحَجَر، وأقام بين الركن والباب، فوضع صدره ووجه وذراعيه وكفيه، وهكذا، وبسطهما بسطًا، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يفعل. في إسناده: المثنى بن الصباح، وهو شديد الضعف.
وأخرج أبو داود (1898)، من حديث عبد الرحمن بن صفوان قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد خرج من الكعبة هو وأصحابه، وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت، ورسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وسطهم.
وهذا الحديث ضعيفٌ أيضًا؛ لأنَّ في إسناده: يزيد بن أبي زياد الهاشمي، وهو ضعيفٌ، وقد ضعَّف الحديثين الإمام الألباني رحمه الله في «ضعيف أبي داود» ،
(1)
انظر: «الإنصاف» (4/ 61)، «المبسوط» (4/ 35)، «حاشية الدسوقي» (2/ 35)، «شرح مختصر خليل» (2/ 342)، «بدائع الصنائع» (2/ 227).
والحديث الثاني مخالفٌ لما اشتهر أن الملتزم بين الركن الأسود والباب.
ولكن صحَّ الالتزام بالبيت عن جماعة من التابعين، وصحَّ عن ابن عباس أنه قال: الملتزم بين الركن والباب، كما في «مصنف عبد الرزاق» .
وصحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان لا يلزم شيئًا من البيت، وقال به عطاء، وصحَّ عنه أنه قال: لم أر أبا هريرة، ولا جابرًا، ولا أبا سعيد، ولا ابن عمر يلتزم أحدٌ منهم البيت. كما في «مصنف عبد الرزاق» .
وهذا الذي نقول به، ونأمر به؛ لأنه لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الالتزام شيء، وخير الهدي هدي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، والذين يرون الالتزام اختلفوا: فمنهم من يرى أن يلتزم بين الركن والباب، وهم الأكثر، ومنهم من كان يرى الالتزام في دبر الكعبة، ومنهم من كان يرى الالتزام من جهة الحجر، وأيضًا استحب الحنابلة، والشافعية، والحنفية الالتزام بعد طواف الوداع، وليس لهم دليل على تخصيصه بذلك الوقت، وآثار التابعين والصحابة ليس فيها تقييد بذلك، والله أعلم.
(1)
(1)
وانظر: «المغني» (5/ 342)، «المجموع» (8/ 258)، «حاشية ابن عابدين» (3/ 545)، «أخبار مكة» للفاكهي (1/ 160 - 177)، «مصنف عبدالرزاق» (5/ 73 - 76)، «مصنف ابن أبي شيبة» (5/ 318) ط/رشد، «سنن البيهقي» (5/ 150)، «الشرح الممتع» (7/ 403).