الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
يَهُودُ بَنِي عَوْفٍ أُمَّةٌ مَعَ المُؤْمِنِينَ، لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ، وَللْمُسْلِمِينَ دِينُهُمْ، مَوَالِيهِمْ وأنْفُسُهُمْ، إِلَّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ، فَإِنَّهُ لَا يُهْلِكُ إِلَّا نَفْسَهُ، وَأَهْلَ بَيْتهِ.
3 -
لِبَقِيَّهِ اليَهُودِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَبَنِي الحَارِثِ، وَبَنِي سَاعِدَةَ، وَبَنِي جُشَمٍ، وَبَنِي الأَوْسِ، وَبَنِي ثَعْلَبَةَ، وَجَفْنَةَ، وَبَنِي الشُّطَيبَةِ، مِثْلُ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ، وأَنَّ بِطَانَةَ يَهُودٍ كَأَنْفُسِهِمْ.
4 -
لَا يَخْرُجُ مِنْ يَهُودٍ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
5 -
عَلَى اليَهُودِ نَفَقَتُهُمْ، وَعَلَى المُسْلِمِينَ نَفَقَتُهُمْ، وَإِنَّ بَيْنَهُمُ النَّصْرَ عَلَى مَنْ حَارَبَ أَهْلَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، وَأَنَّ بَيْنَهُمُ النُّصْحَ والنَّصِيحَةَ، وَالبِرَّ دُونَ الإِثْمِ (1).
د- بُنُودُ الصَّحِيفَةِ المُتَعَلِّقَةِ بِالقَوَاعِدِ العَامَّةِ:
1 -
المَدِينَةُ حَرَامٌ جَوْفُهَا لِأَهْلِ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، وَإِنَّ الجَارَ كَالنَّفْسِ، غَيْرُ مُضَارٍّ (2)، وَلَا آثِمٍ، وإنَّهُ لَا تُجَارُ حُرْمَةٌ إِلَّا بِإذْنِ أَهْلِهَا.
2 -
مَا كَانَ بَيْنَ أَهْلِ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ مِنْ حَدَثٍ (3) أَوِ اشْتِجَارٍ (4) يُخَافُ
(1) قال السهيلي في الروض الأنف (2/ 350): أي إن البِرَّ والوفَاء ينبغي أن يكون حَاجزًا عن الإثم.
(2)
يُقالُ: ضَارَرْتُ الرجل ضِرَارًا ومُضَارَّة: إذا خَالفتُهُ. انظر لسان العرب (8/ 47).
(3)
الحَدَثُ: الأمر الحَادِثُ المُنْكَرُ الذي ليس بِمُعْتَاب ولا معروف. انظر النهاية (1/ 338).
(4)
الاشْتِجَارُ: الاختِلاف. انظر النهاية (2/ 399).
فَسَادُهُ، فَإِنَّ مَرَدَّهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وإِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
3 -
أَنَّ بَيْنَهُمْ -أيْ أَهْلَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ- النَّصْرُ عَلَى مَنْ دَهَمَ (1) الْمَدِينَةَ.
4 -
مَنْ خَرَجَ آمِنٌ، وَمَنْ قَعَدَ آمِنٌ بِالمَدِينَةِ، إِلَّا مَنْ ظَلَمَ أَوْ أَثِمَ، وَإِنَّ اللَّه جَارٌ لِمَنْ بَرَّ وَاتَّقَى، ومُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2).
بِهَذِهِ الحِكْمَةِ، وبِهَذِهِ الحَذَاقَةِ (3) أرْسَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَوَاعِدَ مُجْتَمَعٍ جَدِيدٍ، وَكَانَتْ هَذِهِ الظَّاهِرَةُ أَثَرًا لِلْمَعَانِي التِي كَانَ يَتَمَتَّعُ بِهَا أُولَئِكَ الأَمْجَادُ بِفَضْلِ صُحْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَعَهَّدُهُمْ بِالتَّعْلِيمِ، والتَّرْبِيَةِ وتَزْكِيَةِ النُّفُوسِ، والحَثِّ عَلَى مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ، ويُؤَدِّبُهُمْ بِآدَابِ الوُدِّ والإِخَاءَ والمَجْدِ والشَّرَفِ والعِبَادَةِ والطَّاعَةِ. . . وبِجَانِبِ هَذَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يَحُثُّ حَثًّا شَدِيدًا عَلَى الِاسْتِعْفَافِ عَنِ المَسْأَلَةِ، ويَذْكُرُ فَضَائِلَ الصَّبْرِ والقَنَاعَةِ، وَكَانَ يَعُدُّ المَسْأَلَةَ كُدُوحًا (4) أَوْ خُدُوشًا أَوْ خُمُوشًا في وَجْهِ السَّائِلِ (5)، اللَّهُمَّ إِلَّا إِذَا كَانَ مُضْطَرًّا، كَمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ لَهُمُ بِمَا في
(1) دَهَمَهُمْ أمْرٌ: إذا غَشِيَهُمْ. انظر لسان العرب (4/ 431).
(2)
انظر تفاصيل هذه الصحيفة في: سيرة ابن هشام (2/ 115) - البداية والنهاية (3/ 238) - الرَّوْض الأُنُف (2/ 350) - سبل الهدى والرشاد (3/ 382).
(3)
الحَذَاقَةُ: المَهَارَة في كل عمل. انظر لسان العرب (3/ 94).
(4)
الكُدُوحُ: الخُدُوشُ، وكل أثَرٍ من خَدْشٍ أو عَضٍّ فهو كَدْح. انظر النهاية (4/ 135).
(5)
أخرج الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح على شرط الشيخين - رقم الحديث (5680) - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "المسألةُ كُدُوحٌ في وجهِ صاحبها يوم القيامة". =
العِبَادَاتِ مِنَ الفَضَائِلِ، والأَجْرِ وَالثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ، وكَانَ صلى الله عليه وسلم يَرْبِطُهُمْ بِالوَحْيِ النَّازِلِ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ رَبْطًا مُوثَقًا يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمْ، وَيَقْرَؤُونَهُ، لِتَكُونَ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ إِشْعَارًا بِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ حُقُوقِ الدَّعْوَةِ، وتَبِعَاتِ الرِّسَالَةِ، فَضْلًا عَنْ ضَرُورَةِ الفَهْمِ وَالتَّدَبُّرِ.
وهَكَذَا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعْنَوِيَّاتِ ومَوَاهِبَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وزَوَّدَهُمْ بِأعْلَى القِيَمِ والأَقْدَارِ والمُثُلِ، حَتَّى صَارُوا صُورَةً لِأَعْلَى قِمَّةٍ مِنَ الكَمَالِ عُرِفَتْ في تَارِيخِ البَشَرِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ.
ثُمَّ إِنَّ هَذَا الرَّسُولَ القَائِدَ الأَعْظَمَ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَمَتَّعُ مِنَ الصِّفَاتِ المَعْنَوِيَّةِ والظَّاهِرَةِ، ومِنَ الكَمَالَاتِ والمَوَاهِبِ والأَمْجَادِ والفَضَائِلِ ومَكَارِمِ الأَخْلَاقِ ومَحَاسِنِ الأَعْمَالِ، بِمَا جَعَلَتْهُ تَهْوِي إِلَيْهِ الأَفْئِدَةُ، وتَتَفَانَى عَلَيْهِ النُّفُوسُ، فَمَا يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ إِلَّا ويبادِرُ صَحَابَتُهُ رضي الله عنهم إلى امْتِثَالِهِ، ومَا يَأْتِي بِرُشْدٍ وتَوْجِيهٍ إِلَّا ويَتَسَابَقُونَ إلى التَّحَلِّي بِهِ.
بِمِثْلِ هَذَا اسْتَطَاعَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبْنِيَ في المَدِينَةِ مُجْتَمَعًا جَدِيدًا، أرْوَعَ وأشْرَفَ مُجْتَمَعٍ عَرَفَهُ التَّارِيخُ، وَأَنْ يَضَعَ لِمَشَاكِلِ هَذَا المُجْتَمَعِ حَلًّا تَتَنَفَّسُ لَهُ
= وأخرج البخاري في صحيحه - رقم الحديث (1474) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (1040)(104) عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يزَالُ الرجُل يسألُ الناس، حتى يأتِي يوم القيامة، ليس في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ".
مُزْعَةٌ: بضم الميم أي قِطْعَة. انظر النهاية (4/ 277).
الإِنْسَانِيَّةُ الصُّعَدَاءَ (1) ، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَعِبَتْ في غَيَاهِبِ الزَّمَانِ ودَيَاجِيرِ (2) الظُّلُمَاتِ (3).
* * *
(1) تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ: النَّفَسُ إلى فَوْقٍ مَمْدُود، وقيل هو النَّفَسُ بِتَوَجُّع. انظر لسان العرب (7/ 343).
(2)
الدَّيَاجِيرُ: جمع دُيْجُورٍ، وهو الظَّلام. انظر لسان العرب (4/ 293).
(3)
انظر الرحيق المختوم ص 88