الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَسْمِيَةُ يَثْرِبَ بطَيْبَةَ، وَطَابَةَ وَالمَدِينَةَ
كَانَتِ المَدِينَةُ المُنَوَّرَةُ عَلَى سَاكِنِهَا صلى الله عليه وسلم أفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ تُسَمَّى فِي الجَاهِلِيَّةِ يَثْرِبَ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهَا المَدِينَةَ، وطَيْبَةَ وَطَابَةَ (1).
رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللَّه تَعَالَى سَمَّى المَدِينَةَ طَابةَ"(2).
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: وفي الحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ تَسْمِيَيهَا طَابَةَ، ولَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا لَا تُسَمَّى بِغَيْرِهِ، فَقَدْ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى المَدِينَةَ في مَوَاضِعَ مِنَ القُرْآنِ (3)،
(1) قال الحافظ في الفتح (4/ 574): والطابُ والطيِّب لغتان بمعنى، واشتقاقهما من الشيء الطيِّب، وقال بعضُ أهلِ العلم: وفي طِيبِ تُرَابها وهَوَائها دليلٌ شَاهِدٌ على صِحَّة هذه التَّسْمِيَةِ.
(2)
أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب المدينة تنفي شِرَارها - رقم الحديث (1385).
(3)
منها في سورة التربة آية (101) وهي قوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} - وآية (120) في سورة التوبة وهي قوله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} - وآية (60) من سورة الأحزاب وهي قوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} - وآية (8) في سورة المنافقون وهي قوله تعالى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} .
وسَمَّاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم طَيْبَةَ (1).
وأخْرَجَ الطَّيَالِسِيُّ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانُوا يُسَمُّونَ المَدِينَةَ يَثْرِبَ، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَيْبَةَ (2).
وأخْرَجَ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: أقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَبُوكَ حَتَّى أشْرَفْنَا (3) عَلَى المَدِينَةِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"هَذِهِ طَابَةٌ"(4).
قُلْتُ: وَقَدْ جَاءَتْ بَعْضُ الأَحَادِيثِ فِيهَا النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَةِ المَدِينَةِ يَثْرِبَ فَمِنْ ذَلِكَ مَا أخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَمَّى المَدِينَةَ يَثْرِبَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّه، هِيَ طَابَةٌ، هِيَ طَابَةٌ"(5).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: لِأَنَّ يَثْرِبَ إمَّا مِنَ التَّثْرِيبِ الذِي هُوَ التَّوْبِيخُ والمَلَامَةُ، أَوْ مِنَ الثَّرَبِ وهُوَ الفَسَادُ، وكِلَاهُمَا مُسْتَقْبَح، وكَانَ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الِاسْمَ الحَسَنَ، وَيَكْرَهُ الِاسْمَ القَبِيحَ (6).
(1) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (9/ 133).
(2)
أخرجه الطيالسي في مسنده - رقم الحديث (798).
(3)
شَارَفَ الشيءَ: أي دنَا منه وقَارَب أن يَظْفَر به. انظر لسان العرب (7/ 91).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب فضائل المدينة - باب المدينة طابة، رقم الحديث (1872).
(5)
أخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18519).
(6)
انظر فتح الباري (4/ 572).