الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْهَزَمْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا، فَلَا تَذْهَبُوا بِالغُنْمِ وَنَبْقَى، فَأَبَى الفِتْيَانُ، وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ. . .} إلى قوله تَعَالَى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} (1).
*
سَبَبٌ آخَرُ:
وَوَرَدَ سَبَبٌ آخَرُ فِي نُزُولِ آيَةِ الأنْفَال وَهُوَ مَا أخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ لِغَيْرِهِ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قُتِلَ أَخِي عُمَيْرٌ، وَقَتَلْتُ سَعِيدَ بنَ العَاصِ (2) وَأَخَذْتُ سَيْفَهُ، وَكَانَ يُسَمَّى ذَا الكَتِيفَةِ، فَأتَيْتُ بِهِ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي القَبَضِ"(3).
قَالَ: فَرَجَعْتُ، وَبِي مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قتلِ أَخِي، وَأَخْذِ سَلَبِي، قَالَ: فَمَا جَاوَزْتُ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ الأَنْفَالِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
= ومنه قوله تعالى في سورة القصص آية (34) على لسان موسى عليه السلام: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} .
(1)
سورة الأنفال آية (1) - والحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب الصلح - باب وأصلحوا ذات بينكم - رقم الحديث (5093) - وأخرجه أبو داود في سننه - كتاب الجهاد - باب في النفل - رقم الحديث (2737) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول (8/ 206).
(2)
قوله رضي الله عنه: سعيد بن العاص وَهْم، والصحيح العاص بن سعيد، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى.
(3)
القَبَضُ: بالتحريك بمعنى المَقْبُوض، وهو ما جُمع من الغنيمة قبل أن تُقسم. انظر النهاية (4/ 6).
"اذْهَبْ فَخُذْ سيْفَكَ"(1).
وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ سَعْدِ بنِ وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ شَفَانِيَ اللَّهُ اليَوْمَ مِنَ المُشْرِكِينَ، لِي هَذَا السَّيْفَ، قَالَ:"إِنَّ هَذَا السَّيْفَ لَيْسَ لَكَ وَلَا لِي، ضَعْهُ"، قال: فَوَضَعْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، قُلْتُ: عَسَى أَنْ يُعْطِي هَذَا السَّيْفُ اليَوْمَ مَنْ لَمْ يُبْلَ بَلَائِي (2)، قَالَ: إِذَا رَجُلٌ يَدْعُونِي مِنْ وَرَائِي (3)، قُلْتُ: قَدْ أُنْزِلَ فِيَّ شَيْءٌ؟ قال: "كُنْتَ سَأَلْتَنِي السَّيْفَ، وَلَيْسَ هُوَ لِي، وَإِنَّهُ قَدْ وُهِبَ لِي، فَهُوَ لَكَ"، قال: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (4).
وَظَاهِرُ هَذِهِ الأَحَادِيثِ أَنَّ مَا فِيهَا كُلَّهَا أسْبَابٌ لِنُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ (5)، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُسْتَنْكَرُ فَإِنَّ الجَمِيعَ أَخْبَرَ بِمَا شَاهَدَهُ أَوْ حَصَلَ لَهُ فِي هَذِهِ الغَزْوَةِ، وَالأَسْبَابُ قَدْ تَتَعَدَّدُ كَمَا هُوَ مَعْلُوم.
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (1556) - وأصله في صحيح مسلم - كتاب الجهاد والسير - باب الأنفال - رقم الحديث (1748)(34).
(2)
يُبْلَ بَلَائي: أي لم يعْمَل مثل عَمَلي في الحرب. انظر النهاية (1/ 154).
(3)
في رواية الترمذي في جامعه، قال: فجاءني الرسول صلى الله عليه وسلم.
(4)
سورة الأنفال آية (1) - والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (1538) - وأخرجه الترمذي في جامعه - كتاب التفسير - باب ومن سورة الأنفال - رقم الحديث (3079) - وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وأصله في صحيح مسلم - كتاب الجهاد والسير - باب الأنفال - رقم الحديث (1748)(34).
(5)
الآية هي قوله تَعَالَى في سورة الأنفال آية (1): {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .