الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَغْتَةً (1)، وَقَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَتْبَعْنَا إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا"، فَاسْتَأْذَنهُ رِجَالٌ ظُهُورُهُمْ في عَلْوِ المَدِينَةِ أَنْ يَسْتَأْنِيَ بِهِمْ حَتَّى يَذْهَبُوا إِلَى ظُهُورِهِمْ، فَأَبَى (2) وَلمْ يَكنْ عَزْمُهُمْ عَلَى اللِّقَاءَ، وَلَا أعَدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ، وَلَا تَأهَّبُوا لَهُ أُهْبَتَهُ، وَلَكِنْ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ (3).
*
مَنْ تَخَلَّفَ بِعُذْرٍ:
تَخَلَّفَ عَنِ الخُرُوجِ إِلَى بَدْرٍ عَدَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِعُذْرٍ، وَقَدْ ضَرَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسِهَامِهِمْ وَأُجُورِهِمْ، فَمِنْ هَؤُلَاءِ الذِينَ تَخَلَّفُوا بِعُذْرٍ:
1 -
عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ رضي الله عنه: خَلَّفهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَتِهِ رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَأَقَامَ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ رضي الله عنها.
أَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّمَا تَغَيَّبَ عُثْمَانُ عَنْ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لَكَ أجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ"(4).
2 و 3 - طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وسَعِيدُ بنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما: بَعَثَهُمَا
(1) البَغْتَة: الفَجْأة. انظر النهاية (1/ 141).
(2)
تقدم قبل قليل تخريج هذا الحديث.
(3)
انظر زاد المعاد (3/ 169).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الخمس - باب إذا بعث الإمام رسولًا في حاجة - رقم الحديث (3130).
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يِتَحَسَّسَانِ (1) خَبَرَ العِيرِ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابنُ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لمَّا تَحَيَّنَ (2) انْصِرَافَ تِلْكَ العِيرِ مِنَ الشَّامِ، بَعَثَ طَلْحَةَ بنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدَ بنَ زَيْدٍ رضي الله عنهما، يَتَحَسَّسَانِ خَبَرَهَا، . . . فَقَدِمَ طَلْحَةُ وسَعِيدٌ المَدِينَةَ لِيُخْبِرَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ العِيرَ، فَوَجَدَاهُ قَدْ أُخْبِرَ بِهَا وَخَرَجَ، فَلَحِقَاهُ حَتَّى لَقِيَاهُ بِتُرْبَانَ (3) مُنْصَرِفًا مِنْ بَدْرٍ (4).
4 -
أَبُو لُبَابَةَ بنُ عَبْدِ المُنْذِرِ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرَّوْحَاءِ، واسْتَخْلفهُ عَلَى المَدِينَةِ (5) كَمَا سَيَأْتِي.
رَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كلَّهُنَّ، حَتَّى حَدَّثَنَا أَبُو لُبَابَةَ بنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْبَدْرِيُّ (6)، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى
(1) قال النووي في شرح مسلم (16/ 97): التحسُّسُ: هو طلبُ معرفَةِ الأخبارِ الغائِبَةِ والأحوال.
(2)
تَحيَّن: انتظر. انظر لسان العرب (3/ 423).
(3)
تُربَان: موضع كثيرُ المياه، بينه وبين المدينة نحو خمسة فَرَاسخ، والفَرْسخ: ثلاثة أميالٍ أو ستة. انظر النهاية (1/ 182) - انظر لسان العرب (10/ 223).
(4)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (1/ 254).
(5)
أخرج ذلك الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب ذكر أبي لبابة رضي الله عنه رقم الحديث (6716) - وانظر سيرة ابن هشام (2/ 224) - الطبقات لابن سعد (1/ 254)(2/ 241).
(6)
هذا هو الشاهد من هذا الحديث أنَّه بدري رضي الله عنه، وهو لم يشهد الوقعة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ردَّه، استخلفه على المدينة.
عن قَتْلِ جِنَّانِ (1) البُيُوتِ، فَأَمْسَكَ (2)
5 -
أَبُو أُمَامَةَ بنُ ثَعْلَبَةَ الأَنْصَارِيُّ أَجْمَعَ عَلَى الخُرُوجِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ أُمُّهُ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ خَالُهُ أبُو برْدَةَ بنُ نِيَارٍ (3): أَقِمْ عَلَى أُمِّكَ يَا ابْنَ أُخْتِي، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ: بَلْ أَنْتَ فَأَقِمْ عَلَى أُخْتِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ أبَا أُمَامَةَ بِالمُقَامِ عَلَى أُمِّهِ، وَخَرَجَ بِأَبِي بُرْدَةَ، فَقَدِمَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَدْرٍ وَقَدْ تُوُفِّيَتْ فَصَلَّى عَلَيْهَا (4).
6 -
عَاصِمُ بنُ عَدِيٍّ العَجْلَانِيُّ خَلَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قُبَاءَ وَأَهْلِ العَالِيَةِ (5) لِشَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهُمْ، فَقَدْ أَخْرَجَ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ عَنْ عَاصِمِ بنِ عَدِيٍّ قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ الخُرُوجَ إِلَى بَدْرٍ خَلَّفَ عَاصِمَ بنَ عَدِيٍّ عَلَى قُبَاءَ وَأَهْلِ العَالِيَةِ لِشَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهُمْ (6) فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ
(1) الجِنَّان: هي الحيات التي تكون في البيوتِ، واحدها جَانّ. انظر النهاية (1/ 296).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب رقم (12) - رقم الحديث (4016)(4017) - ومسلم في صحيحه - كتاب قتل الحيات - باب قتل الحيات - رقم الحديث (2233)(132).
(3)
هو أبو بُردة بن نِيارٍ، واسمه هَانِئٌ، شهد رضي الله عنه العقبة، وبَدرًا، والمشاهد كلها مع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وتوفي رضي الله عنه في السنة الثالثة والخمسين من الهجرة. انظر أسد الغابة (4/ 385).
(4)
انظر أسد الغابة (4/ 375).
(5)
العالِيَة والعَوَالي: هي أماكن بأعلى أراضي المدينةِ، أدنَاها من المدينة على أربعة أميال، وأبعدها من جِهة نَجْد ثمانية أميال. انظر النهاية (3/ 267).
(6)
لم أقِفْ علي هذا الشيءِ الَّذي من أجلِه خَلَّف رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عاصمَ بن عَدِي العَجْلاني رضي الله عنه على أهل قُباء وأهل العالِيَة، ولعله خلَّفه من أجل أن يَوُمَّ الناس أو يحكُمَ بينهم، =
وَأَجْرِهِ فَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَهَا (1)
7 -
الحَارِثُ بنُ الصِّمَّةِ رضي الله عنه وَقَعَ فكُسِرَ بِالرَّوْحَاءِ، فَرَدَّهُ إِلَى المَدِينَةِ (2).
8 -
خَوَّاتُ بنُ جُبَيْرٍ رضي الله عنه: قَالَ مُوسَى بنُ عُقْبَةَ في مَغَازِيهِ: خَرَجَ خَوَّاتُ بنُ جُبَيْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الصَّفْرَاءَ (3) أصَابَ سَاقَهُ حَجَرٌ فكُسِرَ، فَرَجَعَ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِهِ (4).
9 -
حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ رضي الله عنه: أَخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أنَي خَرَجْتُ أنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ (5)، قَالَ: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا؟ فَقُلْنَا: مَا
= لأنه صلى الله عليه وسلم كان من عادته إذا خرج لغزوةٍ أن يُخَلِّف بعض من يَنُوب عنه في أمرِ الصلاة وغيرها.
(1)
أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب ذكر مناقب عاصم بن عدي رضي الله عنه رقم الحديث (5825) - وابن سعد في الطبَّقَات الكُبْرى (1/ 254).
(2)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى (1/ 254) - فتح الباري (8/ 20).
(3)
وادِي الصَّفْرَاء: هو وادٍ من ناحِيَة المدينة، وهو كثير النخل والزّرع في طريق الحاج، وسلكه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غير مَرَّة. انظر معجم البلدان (5/ 193).
(4)
انظر أسد الغابة (2/ 131) - الاستيعاب (2/ 38).
(5)
هو حُسَيْل بن جابرٍ والد حُذَيفة، وإنما قيل له اليَمان؛ لأنه أصاب دَمًا في قومه، فهرب إلى المدينة، وحالَفَ بني عبد الأشْهَلِ من الأنصار، فسمَّاه قومه اليمان؛ لأنه حالفَ الأنصار، وهم من اليَمَن، وهاجر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وشهد مع الرسول أحدًا فَقُتل خَطَأ، قتله المسلمون بسبَبِ الفَوْضى التي حدثت يوم أُحد. انظر الإصابة (2/ 66).
نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلَّا المَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى المَدِينَةِ وَلَا نُقَاتِلَ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ الخَبَرَ، فَقَالَ:"انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهِدِهِمْ (1)، ونَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ"(2).
10 -
جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: رَوَى أَبُو دَاوُدَ في سُنَنِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَمْتِحُ (3) لِأَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ (4).
وَقَدْ أنْكَرَ الوَاقِدِيُّ (5) رِوَايَةَ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ هَذِهِ، وَقَالَ: هَذَا
(1) قال الإمام النووي في شرح مسلم (12/ 122): أما قضِيَّةُ حذيفةَ وأبيه فإن الكفار استحلَفُوهُما لا يُقَاتلان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوةِ بَدْر فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بالوَفَاء، وهذا ليس للإِيجاب فإنه لا يجب الوفاء بِتَركِ الجهاد مع الإمام ونائِبِه، ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يَشِيع عن أصحابه نقضُ العهدِ وإن كان لا يلزمهم ذلك، لأن المُشِيعَ عليهم لا يَذْكر تأويلًا.
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب الوفاء بالعهد - رقم الحديث (1787) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (23354).
(3)
المَاتِحُ: هو المُسْتَقِي من البئرِ بالدَلْو من أعلى البئر. انظر النهاية (4/ 248).
(4)
أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الجهاد - باب في المرأة والعبد يُحذيان من الغنيمة - رقم الحديث (2731) - وصحح إسناده الحافظ في الفتح - والإصابة (1/ 546).
(5)
هو محمد بن عمر بن واقِدٍ الأسلمي، وهو ضعيف، لكنه لا يُستغنى عنه في المغازي والسير. قال عنه الذهبي في السير (9/ 454): جَمَعَ، فأوعى، وخلط الغثَّ بالسمين، والخرَزَ بالدرِّ الثمين، فاطّرحوه لذلك، ومع هذا فلا يُستغنى عنه في المَغَازي، وأيامِ الصحابة وأخبارهم.
وقال الإمام الذهبي في السير في موضع آخر (9/ 469): وقد تقرَّر أن الواقدي ضعيفٌ، يُحتاج إليه في الغزوات، والتاريخِ، ونُورِدُ آثاره من غير احتجاجٍ، أما في الفرائض، فلا ينبغي أن يُذكر.