الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
حَالُ المُنَافِقِينَ:
وَأَمَّا المُنَافِقُونَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ هَمٌّ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ، أَجْبَنُ القَوْمِ وَأَرْعَنُهُمْ (1)، وَأَخَذَلُهُمْ لِلْحَقِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فيهم:{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ (2) يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ (3) يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (4).
*
مُدَاوَاةُ جِرَاحِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم
-:
فَلَمَّا هَدَأَ الأَمْرُ أَخَذَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم يُدَاوُونَ جِرَاحَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ أَخْرَجَ ابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ رضي الله عنه
(1) الرُّعُونة: الحُمْقُ. انظر لسان العرب (5/ 250).
(2)
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (2/ 145): يعني لا يغشَاهُمُ النعاس من القَلَقِ والجَزَع والخَوف.
(3)
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تفسيره (2/ 145): اعتقدوا أن المشرِكِين لما ظهَرُوا تلك الساعة أنها الفَيْصَلَة، وأن الإسلام قد بَادَ وأهله، هذا شأنُ أهل الرَّيْبِ والشَّكِّ إذا حصل أمرٌ من الأمور الفَظِيعَة، تحصل لهم هذه الظُّنُون الشنيعة.
(4)
سورة آل عمران آية (154).
قَالَ: . . . أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَأَتَى المِهْرَاسَ (1)، وَأَتَاهُ بِمَاءٍ فِي دَرَقَتِهِ (2)، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ، فَوَجَدَ لَهُ رِيحًا فَعَافَهُ، فَغَسَلَ بِهِ الدَّمَ الذِي فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ يَقُولُ صلى الله عليه وسلم:"اشتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"(3).
ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَأَخَذَتْ تُدَاوِي جِرَاحَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ، وَانْصَرَفَ المُشْرِكُونَ خَرَجَ النِّسَاءُ إِلَى الصَّحَابَةِ يُعِينُونَهُمْ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ فِيمَنْ خَرَجَ، فَلَمَّا رَأَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَنَقَتْهُ، وَجَعَلَتْ تَغْسِلُ جِرَاحَاتِهِ بِالمَاءِ فَيَزْدَادُ الدَّمُ (4).
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: . . . فَكَانَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَغْسِلُ الدَّمَ، وكَانَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَسْكُبُ (5) عَلَيْهَا المَاءَ بِالمِجَنِّ (6)، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ المَاءَ لَا يَزِيدُ
(1) المِهْرَاسُ: هو ماءٌ بجَبَلِ أُحد. انظر النهاية (5/ 224).
(2)
الدّرَقَةُ: التُّرْسُ من جُلُودٍ ليست فيها خشبٌ ولا عقب. انظر لسان العرب (4/ 333).
(3)
أخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة - باب ذكر طلحة بن عبيد اللَّه رضي الله عنه رقم الحديث (6979).
(4)
أورد ذلك الحافظ في الفتح (8/ 123) - وسكت عليه.
(5)
سكب: صَبَّ. انظر لسان العرب (6/ 302).
(6)
المِجَنُّ: التُّرْس. انظر النهاية (4/ 256).