الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
شَأْنُ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما:
وَأَمَّا زَيْنَبُ رضي الله عنها، فَإِنَّهَا وُلِدَتْ فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتِ امْرَأَةً عَاقِلَةً لَبِيبَةً (1) جَزْلَةً (2)، زَوَّجَهَا أبُوهَا عَلِيٌّ رضي الله عنهما مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَخِيهِ جَعْفَرَ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَلِيًّا، وَعَوْنًا الأَكْبَرَ، وَعَبَّاسًا، وَمُحَمَّدًا، وَأُمَّ كُلْثُومٍ، وَكَانَتْ مَعَ أَخِيهَا الحُسَيْنِ رضي الله عنه لَمَّا قُتِلَ، وَحُمِلَتْ إِلَى دِمَشْقَ، وَمَاتَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بنِ جَعْفَرَ رضي الله عنهم أجْمَعِينَ (3).
*
غَضَبُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها:
وَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها حَتَّى مَاتَتْ، وَعِنْدَمَا أَرَادَ عَلَيٌّ رضي الله عنه أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ، غَضِبَتْ فَاطِمَةُ، وَأَتَتِ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم تَشْتَكِيهِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: "أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا العَاصِ بنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي (4)، وَإِنَّ فَاطِمَةَ
(1) لَبِيبة: عَاقلة. انظر لسان الرب (12/ 216).
(2)
امرأة جَزْلة: جيدة الرأي. انظر لسان العرب (2/ 276).
(3)
انظر الإصابة (8/ 166) - أسد الغابة (5/ 300) - البداية والنهاية (5/ 306).
(4)
قال ابن الأثير في جامع الأصول (11/ 504): هذا المُشَارُ إليه بالوعد والوَفَاءِ: هو =
بَضْعَةٌ (1) مِنِّي، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءُهَا، وَاللَّهِ لَا تَجْتَمعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ".
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَنِي هِشَامِ بنِ المُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّهَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا، ويُؤْذِينِي مَا آذَاهَا".
وَفِي لَفْظٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا"، ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ (2) فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ، قَالَ:"حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا (3)، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا".
= أبو العاص بن الربيع زوجُ رينبَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كان أُسِرَ في غزوة بدر الكبرى، فَنفذت زينب فداءه من مكة، فعرف رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الذي نفذته قِلادةً كانت لخديجة رضي الله عنها، فَرَقَّ لها رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رِقَّةً شديدة، واستطْلَقَ أسيرَها من المسلمين، وشَرَط رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على أبي العاص بن الربيع أن يُنْفِذِ زينب إليه إذا وصل إلى مكة، فَفَعل رضي الله عنه.
(1)
البَضْعَةُ بالفتح: هي القطعة من اللَّحْمِ، وقد تُكسَرُ، أي أنها جزءٌ منه صلى الله عليه وسلم، كما أن القطعة من اللحم جزء من اللحم. انظر النهاية (1/ 133).
(2)
هو أَبُو العاص بن الربيع رضي الله عنه زوج زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم.
(3)
قال الحافظ في الفتح (10/ 412): أي هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة، وأما الجمع بينهما الذي يستلزم تأذِّي النبي صلى الله عليه وسلم لتأذِّي فاطمة به فلا، والذي يظهر لي أنَّه لا يبعد أن يُعَدَّ في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يُتزوج على بناته، ويحتمل أن يكون ذلك خَاصًّا بفاطمة رضي الله عنها.