الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَجِئْنَاهُمْ، فنَظَرْنَا إِلَى عَمَلِهِمْ سَاعَةً، ثُمَّ غَشِيَنَا (1) النَّوْمُ، فَانْطَلَقْتُ أنَا وَعَلِيٌّ، فَاضْطَجَعْنَا في صَوْرٍ مِنَ النَّخْلِ (2) في دَقْعَاءَ (3) مِنَ التُّرَابِ، فَنِمْنَا، فَوَاللَّهِ مَا أَهَبَّنَا (4) إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُنَا بِرِجْلِهِ، وَقَدْ تَتَرَّبْنَا (5) مِنْ تِلْكَ الدِّقْعَاءِ، فَيَوْمَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ:"يَا أبَا تُرَابٍ" لِمَا يَرَى عَلَيْهِ مِنَ التُّرابِ (6).
*
الصَّحِيحُ أَنَّ أبَا تُرَابٍ كُنِّيَ بِهَا رضي الله عنه بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ:
قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّ أَوَّلَ يَوْمٍ كَنَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بِأَبِي تُرَابٍ كَانَ بَعْدَ نِكَاحِهِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها، وَكَانَ نِكَاحُهَا بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى.
فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا في البَيْتِ.
فَقَالَ: "أيْنَ ابنُ عَمِّكِ؟ ".
(1) غَشِيَ الشيءَ: إذا لابَسَه. انظر لسان العرب (10/ 77).
(2)
صَوْرٌ مِنَ النخل: أي الجَمَاعة من النخل. انظر النهاية (3/ 55).
(3)
الدَّقْعَاءُ: عامَّة التراب، وقيل: التراب الدَّقِيق علي وجهِ الأرض. انظر لسان العرب (4/ 378).
(4)
ما أهَبَّنَا: أي ما أيْقَظَنَا. انظر النهاية (5/ 207).
(5)
تَتَرَّب: لَزِقَ به التراب. انظر لسان العرب (2/ 23).
(6)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18321) - وأخرجه في فضائل الصحابة - رقم الحديث (1172) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (811).
قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ (1) عِنْدِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لإِنْسَانٍ (2): "انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟ ".
فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ في المَسْجِدِ رَاقِدٌ.
فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضْطَجعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ وَأَصَابَهُ تُرَابٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى في الصَّحِيحِ: وَامْتَلَأَ ظَهْرُهُ تُرَابًا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُهُ (3) عَنْهُ، وَيَقُولُ:"قُمْ أبَا تُرَابٍ، قُمْ أبَا تُرَابٍ"(4).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا (5) -أَيْ تَكْنِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) يَقِل: بفتح الياء وكسر القاف: من القَيْلُولة، وهي نوم نِصْف النهار. انظر فتح الباري (2/ 104).
(2)
قال الحافظ في الفتح (2/ 104): يظهر لي أنَّه سَهْل رواي الحديث؛ لأنه لم يذكر أنَّه كان مع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غيره.
(3)
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري قال: فجعَل النبي صلى الله عليه وسلم يمسَحُ التُّراب عن ظهره.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الصلاة - باب نوم الرجال في المسجد - رقم الحديث (441) - وأخرجه في كتاب الأدب - باب التكَنِّي بأبي تراب - رقم الحديث (6204) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل عليّ بن أبي طالب صلى الله عليه وسلم رقم الحديث (2409).
(5)
قول الحافظ: فإن كان مَحْفُوظًا إشارة إلى تَوقفه فيه، فإن الحديث إسناده لا يخلُو من مَقَال. انظر شرح المواهب (2/ 235).
قلت: الحديث تفرَّد به ابن إسحاق في روايته، ولم يتابعه عليه أحد، وهو لم =