الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالمَقْصُودُ بِالفِئَتَيْنِ فِي هَذَا الحَدِيثِ جَيْشُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَجَيْشُ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه، فَإِنَّهُ لَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه، وَبُويِعَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ بِالخِلَافَةِ تَنَازَلَ عَنْهَا لِمُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه، وَكَانَ تَسْلِيمُ الحَسَنِ رضي الله عنه الأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ رضي الله عنه فِي الخَامِسِ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ مِنَ الهِجْرَةِ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ العَامُ عَامَ الجَمَاعَةِ؛ لِاجْتِمَاعِ الكَلِمَةِ فِيهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه.
قَالَ ابْنُ العِمَادِ فِي شَذَرَاتِ الذَّهَبِ فِي أَحْدَاثِ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ مِنْهَا: سَارَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه بِجُيُوشِهِ نَحْوَ الشَّامِ، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ قَيْسُ بنُ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه، وَسَارَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه بِجُيُوشِهِ فَالْتَقَوْا بِنَاحِيَةِ الأَنْبَارِ (1)، فَوَفَّقَ اللَّهُ الحَسَنَ رضي الله عنه، فَحَقَنَ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ، وَتَرَكَ الأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ رضي الله عنه كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ، وَظَهَرَ حِينَئِذٍ صِدْقُ الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ فِيهِ حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ"(2).
*
فَوَائِدُ الحَدِيثِ:
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَفِي هَذَا الحَدِيثِ مِنَ الفَوَائِدِ:
1 -
عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ.
= باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: "إِنَّ ابنِي هذا لَسَيِّد" - رقم الحديث (7109).
(1)
الأنْبَارُ: هي مدينة في العراق على الفُرَاتِ في غَرْبي بغداد. انظر معجم البلدان (1/ 206).
(2)
انظر شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (1/ 228).
2 -
وَمَنْقَبَةٌ لِلْحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما، فَإِنَّهُ تَرَكَ المُلْكَ لَا لِقِلَّةٍ، وَلَا لِذِلَّةٍ وَلَا لِعِلَّةٍ، بَلْ لِرَغْبَتِهِ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ لِمَا رَآهُ مِنْ حَقْنِ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ، فَرَاعَى أَمْرَ الدِّينِ وَمَصْلَحَةَ الأُمَّةِ.
3 -
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الخَوَارِجِ الذِينَ كَانُوا يُكَفِّرُونَ عَلِيًّا رضي الله عنه وَمَنْ مَعَهُ، وَمُعَاوِيَةَ رضي الله عنه وَمَنْ مَعَهُ، بِشَهَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلطَّائِفَتَيْنِ بِأَنَّهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ.
4 -
وَفِيهِ فَضِيلَةُ الإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا سِيَّمَا فِي حَقْنِ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ.
5 -
وَفِيهِ وِلَايَةُ المَفْضُولِ الخِلَافَةَ مَعَ وُجُودِ الأَفْضَلِ؛ لِأَنَّ الحَسَنَ رضي الله عنه وَمُعَاوِيَةَ رضي الله عنه وَلِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا الخِلَافَةَ، وَسَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، وَسَعِيدُ بنُ زَيْدٍ رضي الله عنه فِي الحَيَاةِ، وَهُمَا بَدْرِيَّانِ.
6 -
وَفِيهِ جَوَازُ خَلْعِ الخَلِيفَةِ نَفْسَهُ إِذَا رَأَى فِي ذَلِكَ صَلَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ.
7 -
وَفِيهِ النُّزُولُ عَنِ الوَظَائِفِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ بِالمَالِ.
8 -
وَفِيهِ أَنَّ السِّيَادَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالأَفْضَلِ، بَلْ هُوَ الرَّئِيسُ عَلَى القَوْمِ وَالجَمْعُ سَادَةٌ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّؤْدُدِ، وَقِيلَ مِنَ السَّوَادِ لِكَوْنِهِ يَرْأَسُ عَلَى السَّوَادِ العَظِيمِ مِنَ النَّاسِ أَي الأَشْخَاصِ الكَثِيرَةِ.
9 -
وَفِيهِ إِطْلَاقُ الِابْنِ عَلَى ابْنِ البِنْتِ (1).
(1) انظر فتح الباري (14/ 571).