الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى، يَقُولُونَ: يَثْرِبَ، وَهِيَ المَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ"(1).
وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ الكَلَامِ عَلَى الإِذْنِ بِالهِجْرَةِ، فَرَاجِعْهُ هُنَاكَ.
*
فَضَائِلُ المَدِينَةِ المُنَوَّرةِ:
وَأَمَّا فَضَائِلُ المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ فَحَدِّثْ عَنْهَا وَلَا حَرَجَ:
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وَقَدْ شَرُفَتِ المَدِينَةُ بِهِجْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا، وصَارَتْ كَهْفًا لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، ومَعْقِلًا وَحِصْنًا مَنِيعًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَدَارَ هُدًى لِلْعَالَمِينَ (2).
أخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الإيمَانَ لَيَأْرِزُ (3) إِلَى المَدِينهِ كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا"(4).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب فضائل المدينة- باب فضل المدينة وأنها تنفي النَّاس - رقم الحديث (1871) - ومسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب المدينة تنفي شرارها - رقم الحديث (1382).
(2)
انظر البداية والنهاية (3/ 218).
(3)
قال الحافظ في الفتح (4/ 580): يَأْرِزُ: بفتح أوله وسكون الهمزة وكسر الراء أي ينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب فضائل المدينة - باب الإيمان يأرز إلى المدينة - =
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: أيْ أَنَّهَا كَمَا تَنْتَشِرُ الحَيَّةُ في جُحْرِهَا في طَلَبِ مَا تَعِيشُ بِهِ، فَإِذَا رَاعَهَا شَيْءٌ رَجَعَتْ إِلَى جُحْرِهَا، كَذَلِكَ الإِيمَانُ انْتَشَرَ في المَدِينَةِ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ لَه مِنْ نَفْسِهِ سَائِقٌ إِلَى المَدِينَةِ، لِمَحَبَّتِهِ في النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَشْمَلُ ذَلِكَ جَمِيعَ الأزْمِنَةِ؛ لأَنَّهُ في زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم للتَّعَلُّمِ مِنْهُ، وفِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ والتَّابِعِينَ وتَابِعِيهِمْ لِلِاقْتِدَاءِ بِهَدْيِهِمْ، وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لِزِيَارَةِ مَسْجِدِهِ وَقَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم (1)
وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وقَدِ انْفَرَدَ الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ بَقِيَّةِ الأئِمَّةِ الأرْبَعَةِ بِتَفْضِيلِ المَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ، والمَشْهُورُ عَنِ الجُمْهُورِ أَنَّ مَكَّةَ أفْضَلُ مِنَ المَدِينَةِ إِلَّا المَكَانَ الذِي ضَمَّ جَسَدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدِ اسْتَدَلَّ الجُمْهُورُ عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا هَهُنَا، وأشْهَرُ دَلِيلٍ لَهُمْ في ذَلِكَ مَا أخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُمَا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عِنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَدِيِّ بنِ الحَمْرَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وهُوَ يَقُولُ لِمَكَّةَ:"وَاللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وأحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ عز وجل، ولَوْلَا أنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكَ مَا خَرَجْتُ"(2).
= رقم الحديث (1876) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب بيان أن الإِسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا - رقم الحديث (147).
(1)
انظر الفتح (4/ 580).
(2)
أخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18716) - وابن ماجه في سننه - كتاب المناسك - باب فضل مكة - رقم الحديث (3108) - وانظر كلام الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (3/ 219).