الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
فَضَائِلُ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ:
أخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "صَلَاةٌ في مَسْجدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ ألْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ"(1).
وأخْرَجَ ابنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ والإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ خَيْرَ مَا رُكبَتِ إِلَيْهِ الرَّوَاحِلُ (2)، مَسْجدِي هَذَا، والبَيْتُ العَتِيقُ"(3).
وأخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِنِّي آخِرُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ مَسْجدِي آخِرُ المَسَاجِدِ"(4).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة - باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة - رقم الحديث (1190). وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة - رقم الحديث (1394).
(2)
الرَّاحِلَة منَ الإبل: هو البَعير القوي في الأسْفَارِ والأحْمَال، والذَّكر والأنثى فيه سَواء. انظر النهاية (2/ 191).
(3)
أخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب الصلاة - باب المساجد - رقم الحديث (1616). وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (14782) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (576).
(4)
أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة - رقم الحديث (1394)(507) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب الصلاة - باب المساجد - رقم الحديث (1621).
قَالَ الإِمَامُ السِّنْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَائِيِّ: أيْ آخِرُ المَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ المَشْهُودِ لَهَا بِالفَضْلِ، أَوْ آخِرُ مَسَاجِدِ الأنْبِيَاءَ، أَوْ أَنَّهُ يَبْقَى آخِرَ المَسَاجِدِ، ويَتَأَخَّرُ عَنِ المَسَاجِدِ الأُخَرِ في الفَنَاءَ.
وأخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، ومَسْجِدِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم (1)، ومَسْجِدِ الأَقْصَى"(2).
* * *
(1) قال الحافظ في الفتح (385/ 3): وفي العُدُول عن مسجدي إشَارة إلى التَّعظيم، ويحتمل أن يكون ذلك من تَصَرُّف الرواة، ويُؤَيِّدُهُ قوله في حديث أبي سعيد:"ومَسْجدِي".
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة - باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة - رقم الحديث (1189) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب فضل المساجد الثلاثة - رقم الحديث (1397).
ثَانِيًا: المُؤَاخَاةُ (1) بَيْنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ
العَمَلُ الثَّانِي الذِي قَامَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ بِنَائِهِ المَسْجِدَ هُوَ عَقْدُ المُؤَاخَاةِ بَيْنَ المُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ، وذَلِكَ أَنَّ المُهَاجِرِينَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ، لِأَنَّهُمْ ترَكُوا أمْوَالَهُمْ خَلْفَهُمْ، فَأَرَادَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم حَلَّ هَذِهِ الأَزْمَةِ المَادِّيَّةِ التِي اجْتَاحَتِ المُهَاجِرِينَ.
وعُقِدَتِ المُؤَاخَاةُ في دَارِ أنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه (2).
(1) قال الشيخ محمد الغزالي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في فقه السيرة ص 179: ومعنى هذا الإخَاء أن تَذُوب عَصَبِيَّات الجاهلية، فلا حَمِيَّة إِلَّا للإسلام.
وقال الشيخ أبو الحسن النَّدْوي في كتابه السِّيرة النَّبوِيَّة ص 198: وكان هذا الإخاءُ أساسًا لإِخَاءٍ إسلامي عالَمِي فريدٍ من نوعه، ومقدمةً لنَهْضَة أمةٍ ذات دَعوة ورسالة، تنطلق لصِيَاغة عالمٍ جديد، قائِمٍ على عقائِدَ صحيحة معينة، وأهدافٍ صالحة مُنْقِذَةٍ للعالم من الشَّقاء والتَّنَاحُر والانتحار، وعلى علاقات جديدة من الإيمان والإخَاء المعنوي والعمل المشترك، وكان هذا الإخاء المَحْدُود بين المهاجرين والأَنْصار طَلِيعَةً وشَرِيطَةً لاستئناف حياةٍ جديدة للعالم والإنسانية.
(2)
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الكفالة - باب قوله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} - رقم الحديث (2294) - وأخرجه في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب ما ذَكَر النبي صلى الله عليه وسلم. . . - رقم الحديث (7340) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم رقم الحديث (2529)(204)(205).
وفِي رِوَايَةٍ أَنَّ المُؤَاخَاةَ عُقِدَتْ في المَسْجِدِ (1).
وكَانُوا تِسْعِينَ رَجُلًا، نِصْفُهُمْ مِنَ المُهَاجِرِينَ، ونِصْفُهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ، وقِيلَ كَانُوا مِائَةً، فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ عَلَى الحَقِّ وَالمُوَاسَاةِ، ويَتَوَارَثُونَ بَعْدَ المَمَاتِ دُونَ ذَوِي رَحِمٍ (2).
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} (3)، قَالَ رضي الله عنه: كَانَ المُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ يَرِثُ المُهَاجِرُ الأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ التِي آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نَسَخَتْ (4).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: هَكَذَا وَقَعَ في هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ نَاسِخَ مِيرَاثِ الحَلِيفِ هَذِهِ الآيَةُ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} ، ورَوَى أَبُو دَاوُدَ في سُنَنِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ في قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} قال: كَانَ الرَّجُلُ يُحَالِفُ الرَّجُلَ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ، فَيَرِثُ
(1) قاله أبو سعيد في "شَرَف المصطفى" فيما نقله الحافظ في الفتح (7/ 690)، وقد جمع بينهما الحافظ في الفتح (4/ 727) فقال: ويمكن الجَمْع على أن ابتداء المؤاخاة كان في أوائل قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة، واستمَرَّ يجددِّها بحسب من يَدخل الإِسلام أو يَحْضُرُ إلى المدينة، وهَلُمَّ جَرًّا، وليس باللازم أن تكون المُؤَاخاةُ وقَعَتْ دُفْعَةً واحدة.
(2)
انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (1/ 110).
(3)
سورة النساء آية (33).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب (7) - رقم الحديث (4580) - وأخرجه في كتاب الفرائض - باب ذوي الأرحام - رقم الحديث (6747).