الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نُزُولُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وصَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فِي قُبَاءَ
(1)
وَكَانَ الأَنْصَارُ لَمَّا بَلَغَهُمْ مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا إِلَى المَدِينَةِ، يَخْرُجُونَ كُلَّ يَوْمٍ إِذَا صَلُّوا الصُّبْحَ إِلَى الحَرَّةِ (2) يَنْتَظِرُونَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ رَجَعُوا إِلَى مَنَازِلهِمْ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعِ الأَوَّلِ (3) سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ البِعْثَةِ -وَهِيَ السَّنَةُ الأُولَى مِنَ الهِجْرَةِ، المُوَافِق الثَّالِثِ وَالعِشْرِينَ مِنْ سِبْتَمْبَرَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتُمِائَةٍ مِنَ المِيلَادِ- خَرَجُوا عَلَى عَادَتِهِمْ، فَلَمَّا حَمِيَ الحَرُّ رَجَعُوا، فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى بُيُويهِمْ أَوْفَى (4) رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ (5) مِنْ آطَامِهِمْ، لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ مُبيِّضِينَ (6) يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ (7)، فَلَمْ يَمْلِكِ اليَهُودِيُّ أَنْ صَرَخَ
(1) قُبَاء: بضم القاف، سُمِّي بذلك لوجودِ بِئْرٍ هناكَ عُرفت القرية بها، وهي مساكن بني عمرِو بنِ عوفٍ من الأنصار، وهي قرية على ميلينِ من المدينةِ على يسارِ القاصد إلى مكة. انظر معجم البلدان (7/ 14).
(2)
الحَرَّة: هي أرضٌ بظاهرِ المدينةِ بها حجارة سُود كثيرة. انظر النهاية (1/ 351).
(3)
هذا هو المشهورُ من رواية ابن إسحاق في السيرة (2/ 105) - وانظر فتح الباري (7/ 655).
(4)
أوْفَى: أي طَلع إلى مكان عالٍ فأشرفَ منه. انظر لسان العرب (15/ 359).
(5)
أُطُم: هو الحِصْن. انظر النهاية (1/ 57).
(6)
قال الحافظ في الفتح (7/ 654): أي عليهم الثياب البيض التي كسَاهم إياها الزُّبير وطلحة.
(7)
قال الحافظ في الفتح (7/ 654): أي يزولُ السَّراب عن النظرِ بسبب عُرُوضهم له، =
بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ العَرَبِ (1)، هَذَا جَدُّكُمْ (2) الذِي تَنْتَظِرُونَ، فَثَارَ المُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ، فتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِ الحَرَّةِ، وَسُمْعَتِ الرَّجَّةُ (3) وَالتَّكْبِيرُ فِي بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، وَكَبّرَ المُسْلِمُونَ فَرَحًا بِقُدُومِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، فَتَلَقَّوْهُ وَحَيَّوْهُ بِتَحِيَّةِ النُّبُوَّةِ، فَطَفِقَ (4) مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ، مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ (5) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (6)
= وقيل معناهُ: ظهرَتْ حركَتُهُم للعين.
(1)
في رواية ابن إسحاق في السيرة (2/ 106): يا بَنِي قَيْلَة: بفتح القاف وهي الجَدَّة الكبرى للأنصارِ والِدَةُ الأوسِ والخَزْرَجِ، وهي قَيْلةُ بنتُ كَاهِلٍ.
(2)
قال الحافظ في الفتح (7/ 654): جدكم: بفتح الجيم أي حَظكم، وصاحبُ دَوْلَتكم الذي تتوقَّعُونه.
(3)
الرَّجَّةُ: الحركة الشديدة. انظر النهاية (2/ 181).
ومنه قوله تعالى في سورة الواقعة آية (4): {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} .
(4)
فطَفِقَ: أي فجَعَلَ. انظر لسان العرب (8/ 174).
(5)
قُلتُ: وقَع في رواية الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الزهد والرقائق - باب في حديث الهجرة - رقم الحديث (3009) عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:"فقدِمْنَا المدينةَ ليلًا".
قال الحافظ في الفتح (7/ 655): ويجمعُ بينهما بأن القُدُوم كان آخرَ الليل فدخل نهارًا.
(6)
قال الشيخ علي الطنطاوي في كتابه رجال من التاريخ ص 18: لأنه صلى الله عليه وسلم لم يَكُن مَلِكًا، ولا يلبسُ الحَرِير، ولا تلوحُ عليه شاراتُ المُلْك، ولا يتألقُ على جبينه التَّاج، بل كان عَبْدًا للَّه مُتَواضعًا، يَلْبَسُ ما يلبسُ الناس، ويأكلُ ما يأكلونَ، ويَجُوع إن جاعوا، ويشْبَع إن شَبِعوا، ولقد كان فىِ أصحابه الأغنياء المُوسِرون، ولكن محمدًا صلى الله عليه وسلم أحبَّ أن يعيش فقيرًا، وأن يَمُوت فقيرًا.