الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا جَاءَ بِكَ؟ ".
قَالَ: وَقَعَ فِي نَفْسِي خَوْفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجِئْتُ أحْرُسُهُ (1)، فَدَعَا له رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَامَ (2).
*
فَوَائِدُ الحَدِيثِ:
قَالَ الحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وفِي هَذَا الحَدِيثِ مِنَ الفَوَائِدِ:
1 -
الأَخْذُ بِالحَذَرِ والاحْتِرَاسُ مِنَ العَدُوِّ.
2 -
وَأَنَّ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَحْرُسُوا سُلْطَانَهُمْ خَشْيَةَ القَتْلِ.
3 -
وفِيهِ الثَّنَاءُ عَلَى مَنْ تَبَرَّعَ بِالخَيْرِ وتَسْمِيَتُهُ صَالِحًا، وَإِنَّمَا عَانَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ مَعَ قُوَّةِ تَوَكُّلِهِ لِلِاسْتِنَانِ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ (3) يَوْمَ أُحُدٍ، ولَبِسَ عَلَى رَأْسِهِ المِغْفَرَ، وأقْعَدَ الرُّمَاةَ عَلَى فَمِ الشِّعْبِ، وخَنْدَقَ حَوْلَ المَدِينَةِ، مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا اشْتَدَّ البَأْسُ كَانَ أمَامَ الكُلِّ صلى الله عليه وسلم، . . . وتَعَاطَى أسْبَابَ الأَكْلِ والشُّرْبِ، وادَّخَرَ لِأَهْلِهِ قُوتَهُمْ، وَلَمْ يَنْتظِرْ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ
(1) قال الإمام النووي في شرح مسلم (15/ 148): قال العلماء: كان هذا الحديث قبل نزول قوله تَعَالَى في سورة المائدة آية (67): {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ترَكَ الاحتِرَاس حين نزلت هذه الآية، وأمر أصحابه بالانصرافِ عن حِرَاسته.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب الحِراسة في الغزو في سبيل اللَّه - رقم الحديث (2885) - ومسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رقم الحديث (2410)(40).
(3)
ظَاهَرَ بينَ دِرْعَيْنِ: أي جَمَع ولَبِسَ أحدهما فوق الآخر. انظر النهاية (3/ 152).
السَّمَاءَ، وهُوَ أحَقُّ الخَلْقِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ ذَلِكَ، وأيْضًا فَالتَّوَكُّلُ لا يُنَافِي تَعَاطِي الأَسْبَابِ؛ لأَنَّ التَّوَكُّلَ عَمَلُ القَلْبِ وهِيَ عَمَلُ البَدَنِ، وَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ عليه السلام:{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (1)، وَقَالَ الذِي سَأَلهُ، أعْقِلُ نَاقَتِي وَأَتَوَكَّلُ، أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟
قَالَ صلى الله عليه وسلم: "اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ"(2)، فأشَارَ إِلَى أَنَّ الِاحْتِرَازَ لَا يَدْفَعُ التَّوَكُّلَ، وَاللَّهُ أعْلَمُ (3).
وَأَخْرَجَ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنْ أبَيِّ بنِ كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابُهُ المَدِينَةَ، وآوَتْهُمُ الأَنْصَارُ، رَمَتْهُمُ العَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، كَانُوا لا يَبِيتُونَ إِلَّا بِالسِّلَاحِ، ولا يُصْبِحُونَ إلَّا فِيهِ (4).
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاودَ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَهْلِ بنِ الحَنْظَلِيَّةِ قَالَ: ثُوِّبَ (5) بالصَّلَاةِ يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وهُوَ
(1) سورة البقرة آية (260).
(2)
حديث صحيح أخرجه الترمذي في جامعه - كتاب صفة القيامة والرقائق والورع - باب (50) - رقم الحديث (2686) - وابن حبان في صحيحه - كتاب الرقائق - باب الورع والتوكل - رقم الحديث (731).
(3)
انظر فتح الباري (6/ 176) - (11/ 373).
(4)
أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب شأن نزول آية {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} - رقم الحديث (3564) - والبيهقي في دلائل النبوة (3/ 6).
(5)
التَّثْوِيبُ في صلاةِ الفَجْرِ: هو أن يَقُولَ المؤذن: "الصَّلاةُ خيرٌ منَ النَّوم" مرتين. انظر النهاية (1/ 221).