الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
كَرَامَةُ اللَّهِ عز وجل لِلشَّهِيدِ:
أَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: . . . كَانَ أَبِي أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً (1)، غَيْرَ أُذُنِهِ (2).
وَأَخْرَجَ ابنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ، وَالإِمَامُ مَالِكٌ فِي المُوَطَّأِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: . . . فَدَخَلَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا -أَيْ قَبْرَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ حَرَامٍ وَالِدِ جَابِرٍ، وَعَمْرِو بنِ الجَمُوحِ لِأَنَّهُمَا دُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ- فَحُفِرَ عَنْهُمَا، وَعَبْدُ اللَّهِ قَدْ أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي وَجْهِهِ، فَيَدُهُ عَلَى جُرْحِهِ، فَأُمِيطَتْ (3) يَدُهُ عَنْ جِرَاحِهِ، فَانْبَعَثَ (4) الدَّمُ، فَرُدَّتْ يَدُهُ إِلَى مَكَانِهَا فَسَكَنَ (5) الدَّمُ.
قَالَ جَابِر: فَرَأَيْتُ أَبِي فِي حُفْرَتِهِ كَأَنَّهُ نَائِمٌ، وَمَا تَغَيَّرَ مَنْ حَالِهِ قَلِيلٌ وَلَا
(1) قال الحافظ في الفتح (3/ 580): هُنَيَّة: أي لم يتغَيَّر منه شيء إِلَّا شيئًا يَسِيرًا، وهي أذنه.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجنائز - باب هل يُخرج الميت من القبر واللحد لعلَّة؟ - رقم الحديث (1351).
(3)
أماطَ الشيءَ: تنَحَّى وبعد. انظر لسان العرب (13/ 233).
(4)
انبعَثَ الشيءُ: اندَفَعَ. انظر لسان العرب (1/ 438).
(5)
سَكَنَ الدَّمُ: أي توقَّفَ. انظر لسان العرب (6/ 311).
كَثِيرٌ، فَقِيلَ لَهُ: فَرَأَيْتَ أَكْفَانَهُ؟ قَالَ: إِنَّمَا كُفِّنَ فِي نَمِرَةٍ خُمِّرَ (1) بِهَا وَجْهُهُ، وَجُعِلَ عَلَى رِجْلَيْهِ الحَرْمَلُ (2)، فَوَجَدْنَا النَّمِرَةَ كَمَا هِيَ، وَالحَرْمَلُ عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى هَيْئَتِهِ، وَبَيْنَ ذَلِكَ سِتٌّ وأَرْبَعُونَ سَنَةً (3).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَهَذَا الحَدِيثُ الذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه يُخَالِفُ فِي الظَّاهِرِ رِوَايَةَ ابْنِ سَعْدٍ وَالإِمَامَ مَالِكًا مِنْ أَنَّه حُفِرَ عَنْهَا بَعْد سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ المُرَادُ بِكَوْنِهِمَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ قُرْبَ المُجَاوَرَةِ، أَوْ أَنَّ السَّيْلَ خَرَقَ أَحَدَ القَبْرَيْنِ فَصَارَا كَقَبْرٍ وَاحِدٍ (4).
وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه يُجْرِي العَيْنَ التِي عِنْدَ قُبُورِ الشُّهَدَاءَ بِالمَدِينَةِ أَمَرَ مُنَادِيًا، فنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ مَيِّتٌ، فَلْيَأْتِهِ، قَالَ جَابِرٌ: فَذَهَبْتُ إِلَى أَبِي، فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ (5)، فَأَصَابَتِ المِسْحَاةُ (6)
(1) التخْمِيرُ: التغْطِيَةُ. انظر لسان العرب (4/ 211).
(2)
الحَرْمَلُ: هو نبتٌ وَرَقُهُ كورَقِ الخِلافِ، ونُورُه كنُورِ اليَاسَمِين. انظر لسان العرب (3/ 144).
(3)
أخرجه ابن سعد في طبقاته (3/ 288) - وأخرجه الإمام مالك في الموطأ - كتاب الجهاد - باب الدفن في قبر واحد للضرورة - وصحح إسناده الحافظ في الفتح (3/ 580).
(4)
انظر فتح الباري (3/ 580).
(5)
يتَثَنَّونَ: أي يَنْحَنُون. انظر لسان العرب (2/ 136).
(6)
المِسْحَاة: هي المِجْرَفة من الحديد. انظر النهاية (4/ 280).