الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
بَدْءُ القِتَالِ وَإِبَادَةُ حَمَلَةِ لِوَاءِ المُشْرِكينَ:
ثُمَّ الْتَحَمَ الجَيْشَانِ، وَاقْتَتَلَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ قِتَالًا شَدِيدًا في كُلِّ مَكَانٍ مِنْ مَيْدَانِ المَعْرَكَةِ، وَكَانَ ثِقَلُ المَعْرَكَةِ يَدُورُ حَوْلَ لِوَاءِ المُشْرِكِينَ، فَقَدْ تَعَاقَبَ (1) بَنُو عَبْدِ الدَّارِ لِحَمْلِ اللِّوَاءِ بَعْدَ قَتْلِ قَائِدِهِمْ طَلْحَةُ بنُ أَبِي طَلْحَةَ، فَحَمَلَهُ أَخُوهُ أَبُو شَيْبَةَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَتَقَدَّمَ لِلْقِتَالِ، وَهُوَ يَقُولُ:
إِنَّ عَلَى أَهْلِ اللِّوَاءِ حَقًّا
…
أَنْ تُخْضَبَ (2) الصَّعْدَة (3) أَوْ تَنْدَقَّا
فَحَمَلَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه، فَضَرَبَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ضَرْبَةً بَترَتْ (4) يَدَهُ مِنْ كَتِفِهِ، حَتَّى وَصَلَتْ إلى سُرَّتِهِ، فَبَانَتْ رِئَتُهُ، وَمَاتَ.
ثُمَّ رَفَعَ اللِّوَاءَ أَخُوهُمَا أَبُو سَعْدِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَرَمَاهُ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه بِسَهْم أَصَابَ حُنْجُرَتَهُ، فَقَتَلَهُ.
ثُمَّ رَفَعَ اللِّوَاءَ مُسَافِعُ بنُ طَلْحَةَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَرَمَاهُ عَاصِمُ بنُ ثَابِتِ بنِ أَبِي الأَقْلَحِ رضي الله عنه بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ حَمَلَ اللِّوَاءَ بَعْدَهُ أَخُوهُ الحَارِثُ بنُ طَلْحَةَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَرَمَاهُ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ.
= وانظر التفاصيل في: الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 269) - سيرة ابن هشام (3/ 76) - البداية والنهاية (4/ 390).
(1)
العَاقب: الذي يخلِفُ من كان قبله. انظر النهاية (3/ 242).
(2)
تُخَضَّب: تبتَّل. انظر النهاية (2/ 38).
(3)
الصعدة: هي الرمح. انظر لسان العرب (7/ 344).
(4)
بتر: قَطع. انظر النهاية (1/ 94).
فَكَانَتْ أُمُّهُمَا -وَهِيَ سُلَافَةُ- مَعَهُمَا، فَلَمَّا رَأَتْ مَا فَعَلَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه بِأَبْنَائِهَا، نَذَرَتْ إِنْ أَمْكَنَهَا اللَّهُ مِنْ رَأْسِ عَاصِمٍ أَنْ تَشْرَبَ فِيهِ الخَمْرَ، وَكَانَ عَاصِمٌ رضي الله عنه، قَدْ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا، وَلَا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ، ثُمَّ حَمَلَ اللِّوَاءَ كِلَابُ بنُ طَلْحَةَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَقتَلَهُ الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ رضي الله عنه.
فَهَؤُلَاءِ الأَرْبَعَةُ أَوْلَادُ طَلْحَةَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، كُلُّهُمْ قُتِلُوا حَوْلَ لِوَاءِ المُشْرِكِينَ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ أَبُوهُمْ طَلْحَةُ وَعَمَّاهُمْ عُثْمَانُ وَأَبُو سَعْدٍ.
ثُمَّ حَمَلَ اللِّوَاءَ بَعْدَهُمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَرْطَاةُ بنُ شُرَحْبِيلَ، فَقتَلَهُ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَقِيلَ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه، ثُمَّ حَمَلَ اللِّوَاءَ شُرَيْحُ بنُ قَارِظٍ، فَقتَلَهُ قُزْمَانُ، ثُمَّ حَمَلَ لِوَاءَ المُشْرِكِينَ أَبُو يَزِيدَ بنُ عُمَيْرِ بنِ هَاشِمٍ، وَيُقَالُ أَبُو زَيْدٍ عَمْرُو بنُ عَبْدِ مَنَافِ بنِ هَاشِمٍ العَبْدَرِيُّ، فَقتَلَهُ قُزْمَانُ.
وهَكَذَا قُتِلَ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ حَمَلَةِ لِوَاءَ المُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَحْمِلُهُ.
وَأَصْبَحَ لِوَاءُ المُشْرِكِينَ شُؤْمًا عَلَيْهِمْ، مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا قُتِلَ، فَتَرَكُوهُ مُلْقًى عَلَى الأَرْضِ (1).
أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: . . . وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ، حَتَّى قُتِلَ مِنْ
(1) انظر تفاصيل ذلك في: الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 269) - سيرة ابن هشام (3/ 82).