الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي الأَنْفَالِ، وَسَاءَتْ فِيهِ أخْلَاقُنَا، فَانْتَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أيْدِينَا، وَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ المُسْلِمِينَ عَنْ بَوَاءٍ، يَقُولُ: عَلَى السَّوَاءِ (1).
*
سَبَبُ الِاخْتِلَافِ فِي غَنَائِم غَزْوَةِ بَدْرٍ:
وَكَانَ سَبَبُ الخِلَافِ فِي غنَائِمِ بَدْرٍ مَا أخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالحَاكِمُ وابْنُ إسْحَاقَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فَالْتَقَى النَّاسُ فَهَزَمَ اللَّهُ العَدُوَّ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ، وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَى العَسْكَرِ يَحْوُونَهُ (2) ويَجْمَعُونَهُ،
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (22747) - وابن إسحاق في السيرة (2/ 253) - وحسن إسناده الحافظ في الفتح (6/ 319).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في البداية والنهاية (3/ 321): وقد زعم أبو عبيدٍ القاسم بن سلام رحمه الله أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسم غنائم بدر على السَّوَاء بين الناس، ولم يُخَمِّسها، ثم نزل بيان الخمس بعد ذلك ناسخًا لما تقدم، وهكذا روى الوَالِبِي عن ابن عباس وبه قال مجاهد، وعكرمة، والسدي، وفي هذا نظر، واللَّه أعلم. فإن في سياق الآيات قبل آية الخمس وبعدها كلها في غزوة بدر، فيقتضي أن ذلك نَزَل جملة في وقت واحد غير مُتَفَاصِل بتأخيرٍ يقتضي نَسْخَ بعضه بعضًا، ثم في الصحيحين - البخاري (3091) - ومسلم (1979) عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: في قصة شَارِفَيْهِ اللذَيْن اجتب أسنمتها حمزة: إن إحداهما كانت من الخُمُس يوم بدر، ما يرد صريحًا على أبي عبيد أن غنائم بدر لم تُخمس، بل خمست كما هو قول البخاري وابن جرير وغيرهما، وهو الصحيح الراجح واللَّه أعلم.
وقال الحافظ في الفتح (8/ 51): الجمهورُ على أن آية الخمس نزلت في قصة بدر.
(2)
حَوَى الشيء: جمعه وأحرَزَهُ. انظر لسان العرب (3/ 409).
وَأَحْدَقَتْ (1) طَائِفَة بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُصِيبُ العَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً (2)، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ، وَفَاءَ (3) النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ الذِينَ جَمَعُوا الغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ، وَقَالَ الذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ العَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا، نَحْنُ نَفَيْنَا عَنْهَا العَدُوَّ وهَزَمْنَاهُمْ، وَقَالَ الذِينَ أحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا، نَحْنُ أحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ العَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً وَاشْتَغَلْنَا بِهِ، فنَزَلَتْ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (4).
وَأَخْرَجَ ابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ مِنَ النَّفْلِ كَذَا وَكَذَا"، فتَقَدَّمَ الفِتْيَانُ (5) وَلَزِمَ المَشْيَخَةُ (6) الرَّايَاتِ فَلَمْ يَبْرَحُوهَا، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، قَالَ المَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءًا (7) لَكُمْ، لَوِ
(1) أحْدَقَ به: أحَاطَ. انظر لسان العرب (3/ 87).
(2)
الغِرَّة بكسر الغين: الغَفْلة. انظر النهاية (3/ 318).
(3)
يقال فَاءَ يَفِيءُ: أي رجع. انظر النهاية (3/ 434).
(4)
سورة الأنفال آية (1) - والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (22762) - وابن إسحاق في السيرة (2/ 253) - وأخرجه الحاكم في المستدرك وصححه - كتاب التفسير - باب صورة تقسيم الغنائم - رقم الحديث (3312).
(5)
في رواية ابن حبان في صحيحه قال: فتَسَارَعَ الشُّبَّان.
(6)
في رواية ابن حبان في صحيحه قال: وبَقِيَ الشيوخ.
(7)
الرِدء: العون والناصر. انظر النهاية (2/ 195). =