الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالقُرُونِ قَبْلَهُمْ، وَلَا يَكُونَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ، فَإِنَّهُمْ بِبَرَكَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَطَاعَتِهِ فِيمَا أمَرَهُمْ، فتَحُوا القُلُوبَ وَالأَقَالِيمَ شَرْقًا وَغَرْبًا فِي المُدَّةِ اليَسِيرَةِ، مَعَ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُيُوشِ سَائِرِ الأَقَالِيمِ، مِنَ الرُّومِ وَالفُرْسِ وَالتُّرْكِ والصَّقَالِبَةِ وَالبَرْبَرِ وَالحُبُوشِ وَأَصْنَافِ السُّودَانِ والقِبْطِ، وطَوَائِفِ بَنِي آدَمَ، قَهَرُوا الجَمِيعَ حَتَّى عَلَتْ كَلِمَةُ اللَّهِ، وَظَهَرَ دِينُهُ عَلَى سَائِرِ الأَدْيَانِ، وَامْتَدَّتِ المَمَالِكُ الإِسْلَامِيَّةُ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ أَجْمَعِينَ، وَحَشَرَنَا فِي زُمْرَتِهِمْ، إِنَّهُ كَرِيمٌ وَهَّابٌ (1).
*
اسْتِعْرَاضُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أصْحَابَهُ وَرَدُّهُ الصِّغَارَ:
خَرَجَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وخَيَّمَ بِعَسْكَرِهِ عِنْدَ بِئْرِ أَبِي عِنبَةٍ (2)، فَعَرَضَ أصْحَابَهُ، وَرَدَّ مَنِ اسْتَصْغَرَهُ، وَكَانَ مِمَّنْ رَدَّهُ: أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، وَالبَرَاءُ بنُ عَازِبٍ، وَرَافِعُ بنُ خَدِيج، وَأُسَيْدُ بنُ ظُهَيْرٍ، وَزَيْدُ بنُ أَرْقَمٍ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ (3).
أَخْرَجَ إلإِمَامُ البُخَاريُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ:
(1) انظر تفسير ابن كثير (4/ 72).
(2)
بِئر أبي عِنَبَة بكسر العين وفتح النون: بئرٌ معروفة بالمدينة، عندها عرض رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أصحابه لما سار إلى بدر. انظر النهاية (3/ 276).
(3)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (1/ 254).
اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ (1).
وفِي رِوَايَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَالَ البَرَاءُ رضي الله عنه: اسْتَصْغَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنَا وَابْنُ عُمَرَ، فرُدِدْنَا يَوْمَ بَدْرٍ (2).
وَرُدَّ عُمَيْرُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه فبَكَى، فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ سَعْدٌ: رَأَيْتُ أَخِي عُمَيْرًا قَبْلَ أَنْ يَعْرِضَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْخُرُوجِ إِلَى بَدْرٍ يَتَوَارَى، فَقُلْتُ: مَالَكَ يَا أَخِي؟ فَقَالَ: إِنِّي أخَافُ أَنْ يَرَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَسْتَصْغِرَنِي فَيَرُدَّنِي، وَأَنَا أُحِبُّ الخُرُوجَ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُنِي الشَّهَادَةَ، قَالَ: فَعُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَصْغَرَهُ، فَقَالَ:"ارْجعْ"، فبَكَى عُمَيْرٌ، فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ سَعْدٌ: فكُنْتُ أَعْقِدُ لَهُ حَمَائِلَ سَيْفِهِ (3) مِنْ صِغَرِهِ (4).
وَقُتِلَ عُمَيْرٌ رضي الله عنه في غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَعُمُرُهُ لسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً (5)، فَقَدْ أَخْرَجَ
(1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب عدة أصحاب بدر - رقم الحديث (3956).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18633).
(3)
حِمالة السيف: بكسر الحاء هو السير الذي يُقلّده المتقلد، والجمع حَمَائِل. انظر لسان العرب (3/ 334).
(4)
أخرج ذلك الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب مناقب عمير بن أبي وقاص رضي الله عنه رقم الحديث (4916) - وإسناده حسن - وذكره الهيثمي في المجمع، وعزاه للطبراني والبزار، وقال: إن رجال الطبراني رجال الصحيح - وانظر سير أعلام النبلاء (1/ 97).
(5)
انظر أسد الغابة (3/ 420) - الإصابة (4/ 603).