الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفَضْلًا (1)، فَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَهْدِيَهُ ذَلِكَ إِلَى الإِسْلَام، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا أصَابَهُ، وَذَكَرْتُ مَا مَاتَ عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ، بَعْدَ الذِي كُنْتُ أرْجُو لَهُ، أحْزَنَنِي ذَلِكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي حُذَيْفَةَ رضي الله عنه بِخَيْرٍ (2).
*
الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي صَنَادِيدَ قُرَيْشٍ فِي القَلِيبِ:
جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ لَيَالٍ (3) فِي بَدْرٍ بَعْدَ انْتِهَاءَ الْمَعْرَكَةِ، فَلَمَّا كَانَ
(1) يَتَجلى حِلْمُ وعَقْلُ عُتبة بن ربيعة في أنه حاول إقناعَ قريش على عدم خَوْض المعركة مع المسلمين ونُصْحه الشديد لهم، لكن دُون جدوى، وهو الذي قال فيه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كما تقدم:"إن يكن في القوم أحدٌ يأمرُ بخير، فعسى أن يكون صاحبَ الجمل الأحمر"، وكان عُتبة بن ربيعة، وهو الذي حاور رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في مكة، فقرأ عليه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سورة فصلت، فعاد لقريش ينصحهم باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم أو بتركه ودعوته، فإن ظهر على العرب فهو من عزّ فريش -وقد تقدم ذكر ذلك في الفترة المكية، فراجعه-.
(2)
أخرج ذلك ابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة - باب ذكر أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة رضي الله عنه رقم الحديث (7088) - وأخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب كلام النبي صلى الله عليه وسلم مع أموات المشركين - رقم الحديث (5045) وإسناده جيد - وأخرجه ابن إسحاق في السيرة (2/ 352) بدون سند.
(3)
كان هذا من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُقيم في أرض المعركة بعد انتهائها ثلاث ليالٍ، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه - رقم الحديث (3065) - وابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (4776) عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: كان رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا غلب قَومًا أحبَّ أن يُقِيم بعَرْصَتِهم ثلاثًا، وفي رواية البخاري قال: ثلاث ليال.
قال الحافظ في الفتح (6/ 297): العَرْصَة: بفتح العين والصاد وسكون الراء: هي البُقْعة الواسعة بغير بِنَاء من دار وغيرها.
وقال المُهَلَّب فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (6/ 297): حكمة الإقامة لإراحة الظهر -وهي الإبل- والأنفُس، ولا يخفى أن محله إذا كان في أمن من عدو وطارِقٍ. =
بِبَدْرٍ اليَوْمُ الثَّالِثُ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ، فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَى وَتَبِعَهُ أصْحَابَهُ، وَقَالُوا: مَا نُرَاهُ يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرِّكيِّ (1)، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِم:"يَا فُلَانَ بنَ فُلَانٍ، وَفُلَانَ بنَ فُلَانٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ ".
فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ".
قَالَ قتادَةُ: أحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أسْمَعَهُمْ قَوْله، تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا، وَنَقِيمَةً وحَسْرَةً ونَدَمًا (2).
وَفِي رِوَايَةِ الإِمَامِ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ وَالإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا أبَا جَهْلِ بنَ هِشَامٍ، يَا عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، يَا شَيْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، يَا أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ (3)، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإنِّي
= وقال ابن الجوزي فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (6/ 297): إنما كان يُقِيم ليظهر تأثير الغلبة فكأنه يقول: من كانتْ فيه قوة منكم فليرجعْ إلينا.
(1)
قال الحافظ في الفتح (8/ 32): شَفَةُ الرَّكيِّ: أي طرف البئر.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب قتل أبي جهل - رقم الحديث (3976) - وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الجنة وصفة نعيمها - باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه - رقم الحديث (2873) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (16359).
(3)
قال الحافظ في الفتح (8/ 33): وفي بعض مَن ذُكِرَ نَظَرٌ، لأن أمية بن خلف لم يكن =