الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ" (1)، ثُمَّ نَدَبَ (2) أَصْحَابَهُ صلى الله عليه وسلم، فتَصَدَّى لَهُمْ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه فِي رَهْطٍ (3) مِنَ المُهَاجِرِينَ، فَقَاتَلُوهُمْ وَرَمَوْهُمْ بِالحِجَارَةِ حَتَّى أَهْبَطُوهُمْ مِنَ الجَبَلِ (4).
*
تَغْشِيَةُ النُّعَاسِ لِلْمُؤْمِنِينَ:
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ عَلَى المُسْلِمِينَ، حِينَ اشتَدَّ عَلَيْهِمُ الخَوْفُ، فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ نَائِمٌ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} (5).
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا، يَسْقُطُ وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ فَآخُذُهُ (6).
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صحِيحِهِ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، . . . وَلقدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ أَبِي
(1) أخرج ذلك الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب استحباب الدعاء بالنصر - رقم الحديث (1743) - وابن إسحاق في السيرة (3/ 96).
(2)
ندبتَهُ: أي بعثَتُه ودعَوْتَهُ فأجَاب. انظر النهاية (5/ 29).
(3)
الرهط من الرجال: ما دُون العشرة. انظر النهاية (2/ 257).
(4)
انظر سيرة ابن هشام (3/ 96).
(5)
سورة آل عمران آية (154).
(6)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب (21) - رقم الحديث (4068).
طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا، مِنَ النُّعَاسِ (1).
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه قَالَ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ، وَمَا مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا يَمِيدُ (2) تَحْتَ حَجَفَتِهِ (3) مِنَ النُّعَاس، فَذَلِكَ قَوْلَهُ عز وجل:{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} (4).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وَالمَقْصُودُ أَنَّ أُحُدًا وَقَعَ فِيهَا أَشْيَاءُ مِمَّا وَقَعَ فِي بَدْرٍ، مِنْهَا: حُصُولُ النُّعَاسِ حَالَ الْتِحَامِ الحَرْبِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى طُمَأْنِينَةِ القُلُوبِ بِنَصْرِ اللَّهِ وَتَأْيِيدِهِ، وَتَمَامِ تَوَكُّلِهَا عَلَى خَالِقِهَا وَبَارِئِهَا (5).
وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ: وَالنُّعَاسُ فِي الحَرْبِ وَعِنْدَ الخَوْفِ دَلِيلٌ عَلَى الأَمْنِ، وَهُوَ مِنَ اللَّهِ، وَفِي الصَّلَاةِ، وَمَجَالِسِ الذِّكْرِ، وَالعِلْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ (6).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة النساء مع الرجال - رقم الحديث (1811).
(2)
يَمِيد: تحزَك ومَال. انظر لسان العرب (13/ 230).
(3)
الحَجَفَة: التُّرْسُ. انظر النهاية (1/ 333).
(4)
أخرجه الترمذي في جامعه - كتاب التفسير - باب ومن سورة آل عمران - رقم الحديث (3252) - وأخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب قصة غزوة أحد - رقم الحديث (3218).
(5)
انظر البداية والنهاية (4/ 404).
(6)
انظر زاد المعاد (3/ 182).