الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَكِنْ غَلَبَ القَضَاءُ وَالقَدَرُ، وَعَامَّةُ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِالخُرُوجِ رِجَالٌ لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا قَدْ عَلِمُوا الذِي سَبَقَ لِأَصْحَابِ بَدْرٍ مِنَ الفَضِيلَةِ (1).
فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ أَبَى إِلَّا الخُرُوجَ إلى العَدُوِّ، وَلَمْ يَتَنَاهَوْا إلى رَأْيِهِ، قَالَ:"شَأْنُكُمْ إِذًا"(2).
*
تَهَيُّؤُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لِلْخُرُوجِ:
ثُمَّ صَلَّى الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم الجُمُعَةَ بِالنَّاسِ، فَوَعَظَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِالجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ لَهُمُ النَّصْرَ إِذَا صَبَرُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّهَيُّؤِ لِعَدُوِّهِمْ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ.
ثُمَّ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ العَصْرَ، وَقَدْ حُشِدَوا وَحَضَرَ أَهْلُ العَوَالِي، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَهُ.
وَكَانَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمْ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ رضي الله عنهما: اسْتَكْرَهْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الخُرُوجِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَبِمَا يُرِيدُ، وَالوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ، فردُّوا الأَمْرَ إِلَيْهِ، فنَدِمُوا جَمِيعًا عَلَى مَا صَنَعُوا.
(1) انظر البداية والنهاية (4/ 387).
(2)
أخرجه الإِمام أحمد في مسنده - وإسناده صحيح على شرط مسلم - رقم الحديث (14787).
فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ لَبِسَ لَأَمَتَهُ (1)، وَظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ (2)، وَتَقَلَّدَ السَّيْفَ، فَلَمَّا رَآه النَّاسُ قَامُوا، فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُخَالِفَكَ، وَلَا نَسْتَكْرِهَكَ عَلَى الخُرُوجِ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ"(3).
ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم في النَّاسِ بِالخُرُوجِ إلى العَدُوِّ، وَأَنْ لَا يَرْجعَ حَتَّى يُقَاتِلَ.
* عَقْدُ الأَلْوِيَةِ وَخُرُوجُ المُسْلِمِينَ إِلَى أُحُدٍ:
ثُمَّ عَقَدَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم الأَلْوَيةَ، لِوَاءً لِلْأَوْسِ دَفَعَهُ إلى أُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه، وَلوَاءً لِلْخَزْرَجِ دَفَعَهُ إِلَى الْحُبَابِ بنِ المُنْذِرِ رضي الله عنه، وَلوَاءً لِلْمُهَاجِرِينَ دَفَعَهُ إلى مُصْعَبَ بنِ عُمَيْرٍ رضي الله عنه، وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المَدِينَةِ ابنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الصَّلَاةِ بِالنَّاسِ بِمَنْ بَقِي في المَدِينَةِ، ثُمَّ خَرَجَ صلى الله عليه وسلم في أَلْفٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَخَرَجَ السَّعْدَانِ أَمَامَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه، وَسَعْدُ بنُ عُبَادَةَ رضي الله عنه يَعْدُوَانِ،
(1) اللَّأَمَةُ: الدرع. انظر النهاية (4/ 191).
(2)
أي لبس درعًا فوق دِرع. انظر النهاية (3/ 152).
(3)
علقه الإِمام البخاري في صحيحه - كتاب الاعتصام - باب قول اللَّه تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} - ووصله الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (14787)(15722) - وأبو داود في سننه - كتاب الجهاد - باب في لبس الدرع - رقم الحديث (2590) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (6077) - وإسناده صحيح.