الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالسُّؤَالِ.
3 -
وَفِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ، وَنَسْخِ مَا تَقَرَّرَ بِطَرِيقِ الْعِلْمِ بِهِ، لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَتْ عِنْدَهُمْ بِطَرِيقِ القطْعِ لِمُشَاهَدَتِهِمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِهَتِهِ، وَوَقَعَ تَحَوُّلُهُمْ عَنْهَا إِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ بِخَبَرِ هَذَا الْوَاحِدِ.
4 -
وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَ النَّاسِخِ لَا يَثْبُتُ في حَقِّ المُكَلَّفِ حَتَّى يَبْلُغَهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالإِعَادَةِ مَعَ كَوْنِ الأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الكَعْبَةِ وَقَعَ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ تِلْكَ بِصَلَوَاتٍ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِعْلَامُ ذَلِكَ فَالفَرْضُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ.
5 -
وَفِيهِ جَوَازُ تَعْلِيمِ مَنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ مَنْ هُوَ فِيهَا.
6 -
وَفِيهِ أَنَّ اسْتِمَاعَ المُصَلِّي لِكَلَامِ مَنْ لَيْسَ في الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ (1).
*
رَدَّةُ فِعْلِ النَّاسِ لَمَّا حُوِّلَتِ القِبْلَةُ:
وَلَمَّا حُوِّلَتِ القِبْلَةُ إِلَى الكَعْبَةِ المُشَرَّفَةِ حَصَلَ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ والرَّيْبِ، مِنَ الكَفَرَةِ وَمِنَ اليَهُودِ ارْتِيَابٌ وَزَيْغٌ عَنِ الهُدَى وتَخَبِيطٌ
(1) انظر فتح الباري (1/ 136)(2/ 66).
وَشَكٌّ، وَقَالُوا:{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} أيْ: مَا لِهَؤُلَاءِ تَارَةً يَسْتَقْبِلُونَ كَذَا، وَتَارَةً يَسْتَقْبِلُونَ كَذَا؟ (1).
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ (2) مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (3).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: أيْ: هُوَ المَالِكُ المُتَصَرِّفُ الحَاكِمُ الذِي لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، الذِي يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ في خَلْقِهِ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ في شَرْعِهِ، وَهُوَ الذِي يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ عَنِ الطَّرِيقِ القَوِيمِ، وَلَهُ في ذَلِكَ الحِكْمَةُ التِي يَجِبُ لَهَا الرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ (4).
أَمَّا المُسْلِمُونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَيْفَ حَالُنَا بِصَلَاتِنَا إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ؟ وَكَيْفَ بِمَنْ مَاتَ مِنْ إخْوَانِنَا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ
(1) انظر تفسير ابن كثير (1/ 454).
(2)
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تفسيرة (1/ 452): قيل المرادُ بالسفهاء هاهنا: المُشركون، مُشْرِكو العرب، وقيل أحبارُ يَهُود، وقيل المُنَافقون، والآية عامَّةٌ في هؤلاء كلهم، واللَّه أعلم.
(3)
سورة البقرة (142).
(4)
انظر البداية والنهاية (3/ 268 - 269).