الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَمْنَعُكَ مِنِّي يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُ"، وَدَفَعَ جِبْرِيلُ عليه السلام فِي صَدْرِهِ، فَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ:"مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ " قَالَ: لَا أَحَدْ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنْ لَا أُكَثِّرَ (1) عَلَيْكَ جَمْعًا أَبَدًا.
فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالُوا: وَيْلَكَ، مَالَكَ؟ فَقَالَ: نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ طَوِيلٍ فَدَفَعَ فِي صَدْرِي، فَوَقَعْتُ لِظَهْرِي، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ مَلَكٌ، وَشَهِدْتُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَا أُكَثِّرُ عَلَيْهِ جَمْعًا، وَجَعَلَ يَدْعُو قَوْمَهُ إِلَى الإِسْلَامِ، وَنَزَلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (2).
*
قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِقِصَّةِ دُعْثُورٍ:
قُلْتُ: وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (3) قِصَّةٌ شَبِيهَةٌ بِقِصَّةِ دُعْثُورِ بنِ الحَارِثِ، وَلَكِنْ بِغَيْرِ سِيَاقِ أَهْلِ السِّيَرِ وَالمَغَازِي، وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الغَزْوَةِ، وَبِغَيْرِ اسْمِهِ
(1) لا أُكْثِّرُ: أي لا أجمع عليك. لسان العرب (12/ 36).
(2)
سورة المائدة آية (11) - والخبر في سيرة ابن هشام (3/ 52) - والطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 266) - البداية والنهاية (4/ 375) - دلائل النبوة للبيهقي (3/ 167).
(3)
صحيح البخاري - كتاب المغازي - باب غزوة ذات الرقاع - رقم الحديث (4135) - ومسلم في صحيحه - كتاب الفضائل - باب توكُّلِه صلى الله عليه وسلم على اللَّه تَعَالَى وعِصْمَة اللَّه له من الناس - رقم الحديث (843).
هَذَا، بَلِ اسْمُهُ غَوْرَثُ بنُ الحَارِثِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ البَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ: وَسَيَأْتِي فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ قِصَّةٌ تُشْبِهُ هَذِهِ فَلَعَلَّهُمَا قِصَّتَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (1).
وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ مَحْفُوظَةً فَهِيَ غَيْرُهَا قَطْعًا، لِأَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ اسْمُهُ غَوْرَثُ بنُ الحَارِثِ، وَلَمْ يُسْلِمْ، بَلِ اسْتَمَرَّ عَلَى دِينِهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَاهَدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (2).
* * *
(1) انظر دلائل النبوة للبيهقي (3/ 169).
(2)
انظر البداية والنهاية (4/ 375).