الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَشْرِيعُ الجِهَادِ
(1)
أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ في شَرْحِ مُشْكِلِ الآثارِ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ؛ لِيُعْبَدَ اللَّهُ عز وجل وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالفَنِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ"(2).
قَالَ ابنُ القَيِّمِ: وَأَمَّا نَبِيُّ المَلْحَمَةِ (3)، فَهُوَ الذِي بُعِثَ بِجِهَادِ أعْدَاءِ اللَّهِ، فَلَمْ
(1) الجِهَادُ: مُحَارَبة الكفار، وهو المبالغة واستِفْرَاغُ ما في الوُسْعِ والطاقَةِ من قولٍ أو فعلٍ. يُقال: جهد الرجل في الشيءِ: أي جَدَّ فيه وبَالغ، وجَاهَدَ في الحربِ مُجَاهدَةً وجِهَادًا. انظر النهاية (1/ 308).
(2)
عَلّقه البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب ما قيل في الرِّماح - ووصلهُ الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (231) وإسناده قوي - وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (15/ 509) وقال: إسناده صالح.
(3)
أخرج ابن حبان في صحيحه - كتاب التاريخِ - باب صفته صلى الله عليه وسلم وأخباره - رقم الحديث (6314) بسند صحيح على شرط الشيخين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسمِّي لنا نفسَهُ أسماءً، فقال:"أنا محمدٌ، وأحمد، والمقَفِّي، والحَاشِر، ونبِيُّ الرحمةِ، ونَبِيُّ الملحَمَةِ".
وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الفضائل - باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم رقم الحديث (2355) دون ذكر ونبي الملحمة.
فَلَمْ يُجَاهِدْ نَبِيٌّ وَأُمَّتُهُ قَطُّ مَا جَاهَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتُهُ، والمَلَاحِمُ (1) الكِبَارُ التِي وَقَعَتْ وَتَقَعُ بَيْنَ أُمَّتِهِ وبَيْنَ الكُفَّارِ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهَا قَبْلَهُ، فإنَّ أُمَّتَهُ يَقْتُلُونَ الكُفَّارَ فِي أقْطَارِ الأَرْضِ عَلَى تَعَاقُبِ الأَعْصَارِ، وَقَدْ أَوْقَعُوا بِهِمْ مِنَ المَلَاحِمِ مَا لَمْ تَفْعَلْهُ أُمَّةٌ سِوَاهُمْ (2).
قَالَ أحْمَد شَوْقِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
قَالُوا غَزَوْتَ، وَرُسْلُ اللَّهِ مَا بُعِثُوا
…
لِقَتْلِ نَفْسٍ وَلَا جَاؤُوا لِسَفْكِ دَمِ
جَهْلٌ وتَضْلِيلُ أحْلَامٍ وَسَفْسَطَةٌ
…
فتَحْتَ بِالسِّيْفِ بَعْدَ الفَتْحِ بِالقلَمِ
لَمَّا أتَى لَكَ عَفْوًا كُلُّ ذِي حَسَبٍ
…
تَكَفَّلَ السَّيفُ بالْجُهَّالِ والعَمَمِ (3)
والشَّرُّ إِنْ تَلْقَهُ بِالْخَيرِ ضِقْتَ بِهِ
…
ذَرْعًا وإنْ تَلْقَهُ بِالشَّرِّ يَنْحَسِمِ
* * *
(1) المَلْحَمَةُ: هي الحَرْبُ وموضعُ القِتَال، والجمعُ المَلاحِمُ، مأخوذٌ من اشتِبَاكِ الناسِ واختِلاطِهِمْ فيها. انظر النهاية (4/ 206).
(2)
انظر زاد المعاد (1/ 93).
(3)
العماعم: الجماعات المتفرقة. انظر لسان العرب (9/ 407).