الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
خُرُوجُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حَمْرَاءَ الأَسَدِ:
حَمَلَ لِوَاءَ المُسْلِمِينَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مَجْرُوحٌ فِي وَجْهِهِ، وَمَشْجُوجٌ فِي جَبْهَتِهِ، وَقَدْ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُوَ مُتَوَهِّنٌ (1) مَنْكِبُهُ الأَيْمَنُ مِنْ ضَرْبَةِ ابْنِ قَمِئَةَ، وَرُكْبَتَاهُ مَجْحُوشَتَانِ (2)، وَخَرَجَ مَعَهُ جَمِيعُ مَنْ حَضَرَ القِتَالَ بِأُحُدٍ عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الجِرَاحِ وَالقَرْحِ (3).
أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها (4): {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} (5).
قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبُوكَ مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ، وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَانْصَرَفَ المُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا.
قَالَ: "مَنْ يَذْهَبُ فِي أَثَرِهِمْ"، فَانتدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ (6) رَجُلًا قَالَ: كَانَ
(1) الوَهَنُ: الضَّعْفُ. انظر النهاية (5/ 203).
(2)
جُحِشَ: أي خُدِشَ. انظر النهاية (1/ 233).
(3)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 274).
(4)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 124): في الكلام حذف تقديره: عن عائشة أنها قرأت هذه الآية {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا} ، أو أنها سئلت عن هذه الآية أو نحو ذلك.
(5)
سورة آل عمران آية (172).
(6)
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في البداية والنهاية (4/ 428): هذا السياق غريبٌ =
فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ رضي الله عنهما (1).
وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَلِيلُهُ فِي السَّيْرِ ثَابِتُ بنُ الضَّحَّاكِ الخَزْرَجِيُّ، حَتَّى عَسْكَرَ بِحَمْرَاءَ الأَسَدِ، وَأَقَامَ المُسْلِمُونَ بِذَلِكَ المَكَانِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَكَانُوا يُوقِدُونَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي النِّيرَانَ حَتَّى كَانَتْ تُرَى مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ.
وَلَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَمْرَاءَ الأَسَدِ مَعْبَدَ بنَ أَبِي مَعْبَدٍ الخُزَاعِيَّ، وَكَانَتْ خُزَاعَةُ مُسْلِمُهُمْ وَمُشْرِكُهُمْ هَوَاهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانُوا لَا يُخْفُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا كَانَ بِهَا، وَمَعْبَدٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَزّ (2) عَلَيْنَا مَا أَصَابَكَ فِي أَصْحَابِكَ، وَلَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ عَافَاكَ فِيهِمْ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى لَقِيَ أبَا سُفْيَانَ بنَ حَرْبٍ وَمَنْ مَعَهُ بِالرَّوْحَاءَ، وَقَدْ أَجْمَعُوا الرَّجْعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ مَعْبَدًا قَالَ: مَا وَرَاءَكَ يَا مَعْبَدُ؟
= جدًا، فإن المشهُورُ عند أصحابِ المغَازِي، أن الذين خَرَجوا مع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى حمرَاء الأسد كل من شَهِدَ أُحدًا، وكانوا سَبعمائة -كما تقدم- قُتِل منهم سبعون وبقي الباقون.
وقال الشَّامِيُّ في سبُل الهدى والرشاد (4/ 314): ولا تخالف بينَ قولِ عائِشَةَ وما ذكره أصحاب المغازي؛ لأنه يمكن أن يكون السبعونَ سبقُوا غيرهم، ثم تلاحقَ الباقونَ، ولم يُنبّه على ذلك الحافظ في الفتح.
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب الذين استجابوا للَّه والرسول - رقم الحديث (4077) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الفضائل - باب من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما رقم الحديث (2418).
(2)
عَزَّ: أي عَظُمَ واشتَدَّ. انظر لسان العرب (9/ 186).