الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُنَّا فِي رَمَضَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أفْطَرَ، فَافْتدَى بِطَعَامِ مِسْكِينٍ، حَتَّى أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (1).
وَقَالَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ: وَقَالَ ابنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثنَا الأَعْمَشُ حَدَّثنَا عَمْرُو بنُ مُرَّةَ حَدَّثنَا ابنُ أَبِي لَيْلَى حَدَّثنَا أصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم: نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، وَرُخِّصَ لَهُمْ في ذَلِكَ، فنَسَخَتْهَا:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فَأُمُرُوا بِالصَّوْمِ (2).
*
المَرْحَلَةُ الثَّانِيَةُ:
هِيَ صِيَامُهُ، لَكِنْ إِذَا أفْطَرَ أحَدُهُمْ إِنَّمَا يَحِلُّ لَهُ الأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالجِمَاعُ إِلَى صَلَاةِ العِشَاءِ، أَوْ يَنَامَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَمَتَى نَامَ أَوْ صَلَّى العِشَاءَ حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ والجِمَاعُ إِلَى اللَّيْلَةِ القَابِلَةِ، فَوَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّةً كَبِيرَةً (3).
(1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الصيام - باب قوله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} رقم الحديث (1145)(150).
(2)
علقه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الصوم - باب {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} . قال الحافظ في الفتح (4/ 699): وصله أبو نعيم في المستخرج والبيهقي من طريقه.
(3)
انظر زاد المعاد (2/ 30) - تفسير ابن كثير (1/ 510).
أَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنِ البَرَاءَ بنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الإِفْطَارَ، فنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ أبَا قَيْسٍ صِرْمَةَ بنَ أَبِي أنَسٍ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَآتَهُ فَقَالَ لَهَا: أعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ (1)، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةٌ (2) لَكَ، فَأَصْبَحَ صَائِمًا، فَلَمَّا انتصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (3).
وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّاسُ في رَمَضَانَ إِذَا صَامَ الرَّجُلُ فَأَمْسَى، فنَامَ، حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ حَتَّى يُفْطِرَ مِنَ الغَدِ، فَرَجَعَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ سَهِرَ عِنْدَهُ، فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ نَامَتْ، فَأَرَادَهَا، فَقَالَتْ: إنِّي قَدْ نِمْتُ، قَالَ: مَا نِمْتِ، ثُمَّ وَقَعَ بِهَا، وَصَنَعَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ،
(1) فغلبَتْهُ عينَاهُ: أي نَام.
(2)
الخَيبَةُ: الحِرْمَانُ والخُسْرَانُ. انظر لسان العرب (4/ 256).
(3)
سورة البقرة آية (187) - والحديث أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الصوم - باب قوله تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} - رقم الحديث (1915) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب الصوم - باب السحور - رقم الحديث (3460)(3461).