الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَدَدُهَا بِالضَّبْطِ، وَكَانُوا بِقِيَادَةِ أَبِي جَهْلِ بنِ هِشَامٍ لَعَنَهُ اللَّهُ (1).
*
الثَّأْرُ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ:
وَلَمَّا فَرَغَتْ قُرَيْشٌ مِنْ جَهَازِهَا، وَأَجْمَعَتْ عَلَى المَسِيرِ، ذَكَرَتْ مَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ مِنَ العَدَاوَةِ وَالحَرْبِ (2)، فَقَالُوا: إنَّا نَخْشَى أَنْ يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا، فكَادَ ذَلِكَ يُثْنِيهِمْ، فتَبَدَّى لَهُمْ إبْلِيسُ في صُورَةِ سُرَاقَةَ بنِ مَالِكِ بنِ جُعْشُمٍ المُدْلِجِيّ (3)، وَكَانَ مِنْ أشْرَافِ بَنِي كِنَانَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا لَكُمْ جَارٌ (4) مِنْ أَنْ تَأْتِيكُمْ كِنَانَةُ مِنْ خَلْفِكُمْ بِشَيءٍ تَكْرَهُونَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا المَوْقِفَ في القُرْآنِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ
(1) انظر سيرة ابن هشام (2/ 278) دلائل النبوة للبيهقي (3/ 32) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (1/ 259) - البداية والنهاية (3/ 275).
(2)
قال ابن إسحاق في السيرة (2/ 222 - 223): كانت الحرب التي وقعت بين قُريش وبين بَنِي بكر سببها: أن ابن لحفص بن الأخْيَفِ من بني عامر بن لؤي، قتَلَه رجلٌ من بني بكر بإشَارَة من عامر بن يزيد بن المُلَوَّح أحد بني بكر، ثم أخذ بثأرهِ أخُوه مِكْرَز بن حفص فقتل عامرًا وخاضَ بسيفه في بَطنِهِ، ثم جاء من الليل فعلَّقه بأستار الكعبة، فبينما هم في ذلك من حربهم حجز الإسلام بين الناس، فتشاغَلُوا به، حتى أجمَعَتْ قريشٌ المَسِير إلى بدر، فذكروا الذين بينهم وبين بني بكر فخافُوهُمْ بسبب ذلك.
(3)
سُرَاقة هذا هو الذي كان يتبَعُ الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة، وقد أسلمَ رضي الله عنه في غزوةِ الطائف سنة ثمان من الهجرة.
(4)
والمُجِيرُ: هو الذي يَمْنَعُك. انظر لسان العرب (2/ 415).
عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1).
وَحِينَئِذٍ خَرَجُوا بِحَدِّهِمْ (2) وَحَدِيدِهِمْ، يُحَادُّونَ (3) اللَّهَ وَرَسُولهُ، وَمَعَهُمْ القِيَانُ (4) يَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ، ويُغَنِّينَ بِهِجَاءِ المُسْلِمِينَ، وَهُمْ في غَايَةِ البَطَرِ (5) وَالكِبْرِ والخُيَلَاءِ (6)، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ (7) وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (8).
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ، ومُجَاهِدُ، وقتَادَةُ، والضَّحَّاكُ، والسُّدِّيُّ في قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} قَالُوا: هُمُ المُشْرِكُونَ، الذِينَ قَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ (9).
(1) سورة الأنفال آية (48).
(2)
الحَدُّ والحِدُّ: سواء من الغضب: أي أنهم خرجوا وهم في مُنتهى الغضب علي المسلمين. انظر النهاية (1/ 340).
(3)
المُحَادَّاة: المُعَادَاة والمُخَالفة والمُنَازعة. انظر النهاية (1/ 340).
ومنه قوله تعالى في سورة المجادلة آية (20): {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} .
(4)
القِيَان: هن الإماء المُغَنِّيَات. انظر النهاية (4/ 118).
(5)
البَطَر: هو الطُّغْيَان عند النَّعْمَة وطُول الغِنَى. انظر النهاية (1/ 134).
(6)
الخُيَلاءُ: الكِبْرُ والعُجْبُ. انظر لسان العرب (4/ 265).
(7)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 72): رِئَاءَ النَّاس: هو المُفَاخَرَة والتكَبُّر عليهم.
(8)
سورة الأنفال آية (47).
(9)
انظر تفسير ابن كثير (4/ 73).