الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ بَابَهُ وَخَافَهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ إِلَى سَلَّام بنِ مِشْكَمٍ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي النَّضِيرِ فِي زَمَانِهِ ذَلِكَ، وَصَاحِبَ كَنْزِهِمْ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَضَيَّفَهُ وَسَقَاهُ خَمْرًا، وَأَخْبَرَهُ مِنْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، فَبَعَثَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْا نَاحِيَةً مِنَ المَدِينَةِ، يُقَالُ لَهَا: العُرَيْضُ (1)، فَحَرَّقُوا فِي أَصْوَارٍ (2) مِنْ نَخْلٍ بِهَا، وَوَجَدُوا رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَحَلِيفًا لَهُ فِي حَرْثٍ لَهُمَا، فَقَتَلُوهُمَا، ثُمَّ وَلَّوْا مُدْبِرِينَ.
*
خُرُوجُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم
-:
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ فِي أَثَرِهِمْ يَطْلُبُهُمْ فِي مِائَتَيْنِ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِينَةِ أَبَا لُبَابَةَ بَشِيرَ بنَ عَبْدِ المُنْذِرِ رضي الله عنه، فَجَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ يُلْقُونَ جُرَبَ (3) السَّوِيقَ، وَهِيَ عَامَّةُ أَزْوَادِهِمْ، يَتَخَفَّفُونَ مِنْهَا لِلنَّجَاءِ، حَتَّى بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرْقَرَةَ (4) الكُدْرِ (5)، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى المَدِينَةِ، وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَانَتْ غَيْبَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم
(1) العُرَيضُ: بضم العين مُصَغَّر: واد بالمدينة به أموالًا لأهلها. انظر النهاية (3/ 193).
(2)
الأَصْوَار: جمع صَوْر: هي الجماعة مِنَ النَّخْل. انظر النهاية (3/ 55).
(3)
الجُرَبُ: جمع جِرَابٍ، وهو وِعَاءٌ من إهَابٍ -أي جلد- الشاء لا يوضع فيه إلا يابس. انظر لسان العرب (2/ 228).
(4)
القَرْقَرَ: الأرض المستوية. انظر النهاية (4/ 43).
(5)
الكُدرُ: ماءٌ لبني سليم، وأصل الكُدْرِ: طيرٌ في ألوانها كُدْرَة، سُمي الموضع أو الماء بها. انظر لسان العرب (4/ 43) - الرَّوْض الأُنُف (3/ 220).
خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ حِينَ رَجَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُول اللَّهِ! أَتَطْمَعُ لَنَا أَنْ تَكُونَ غَزْوَةً؟ قَالَ: "نَعَمْ".
قَالَ ابنُ هِشَامٍ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ غَزْوَةَ السَّوِيقِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا طَرَحَ القَوْمُ مِنْ أَزْوَادِهِمْ السَّوِيقَ، فَرَجَعَ المُسْلِمُونَ بِسَوِيقٍ كَثِيرٍ (1).
* * *
(1) انظر تفاصيل هذه الغزوة في: سيرة ابن هشام (3/ 50 - 51) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 264) - وعند ابن كثير في البداية والنهاية (3/ 366): أن غزوة السويق هذه هي غزوة "قرقرة الكدر".