الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَاتِ: يَقُولُ تبارك وتعالى نَاهِيًا عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخَاذِ المُنَافِقِينَ بِطَانَةً، أيْ يُطْلِعُونَهُمْ عَلَى سَرَائِرِهِمْ وَمَا يُضْمِرُونَهُ (4) لِأَعْدَائِهِمْ، والمُنَافِقُونَ بِجُهْدِهِمْ وَطَاقَتِهِمْ لَا يَأْلُونَ المُؤْمِنِينَ خَبَالًا، أيْ: يَسْعَوْنَ في مُخَالفَتِهِمْ ومَا يَضُرُّهُمْ بِكُلِّ مُمْكِنٍ، وبِمَا يَسْتَطِيعُونَهُ مِنَ المَكْرِ والخَدِيعَةِ، ويَوَدُّونَ مَا يُعْنِتُ (5) المُؤْمِنِينَ ويُخْرِجُهُمْ وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ (6).
*
أسْئِلَتُهُمُ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم ومَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ فِيهِمْ:
وكَانَ اليَهُودُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا لِيَعْرِفُوا الحَقَّ، وَإِنَّمَا تَكَبُّرًا
(1) بِطَانَةُ الرجل: خاصَّتُهُ، وصاحب سِرِّه وداخلةُ أمره الذي يُشاوره في أحواله. انظر النهاية (1/ 135).
(2)
الأنامِلُ: هي رؤوس الأصابع. انظر لسان العرب (14/ 295).
(3)
سورة آل عمران آية (118 - 119) - والخبر في سيرة ابن هشام (2/ 171).
(4)
أضْمَرْتُ الشيء: أخْفَيْتُهُ. انظر لسان العرب (8/ 85).
(5)
العَنَتُ: المشَقَّة والفساد والهَلاك. انظر النهاية (3/ 277).
(6)
انظر كلام الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (2/ 106).
واسْتِهْزَاءً، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ بَيْنَا أنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَرْثٍ (1) وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ (2)، إِذْ مَرَّ اليَهُودُ (3) فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ؟ فَقَالُوا: مَا رَابَكُمْ (4) إلَيْه؟
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالُوا: سَلُوهُ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِي، فَلَمَّا نَزَلَ الوَحْيُ قَالَ:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (5).
(1) قال النووي في شرح مسلم (17/ 113): هو موضعُ الزَّرْعِ.
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (125) قال: في خِرَب المدينة.
والخِرَبُ بكسر الخَاءَ جمعُ خِرْبة، والخِرَبُ ضد العَامِر.
قال الحافظ في الفتْح (9/ 318): والأول أصوب فقد أخرجه مسلم في صحيحه - رقم الحديث (2794)(34) عن ابن مسعود بلفظ: كان في نخل.
(2)
العَسِيبُ: هو جَرِيدَةُ النَّخْلِ. انظر النهاية (3/ 212).
(3)
وفي بقيةِ الروايات في كتاب العلم - رقم الحديث (125) - وكتاب الاعتصام رقم الحديث (7297) - وكتاب التوحيد - رقم الحديث (7456) في صحيح البخاري، وكذا عند مسلم في صحيحه - رقم الحديث (2794) قال:". . . إذ مرّ بنفر من اليهود". قال الحافظ في الفتح (9/ 319): يحمل هذا الاختلاف على أن الفَرِيقين تَلاقوا، فيَصْدُق أن كُلًا مرّ بالآخر.
(4)
ما رَابَكُمْ إليه: أي ما حَاجَتُكُمْ إلى سُؤَاله. انظر النهاية (2/ 260).
(5)
قلتُ: هذا يدل على أن نزولَ آية الروح وقع بالمدينة، لكن روى الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2309) - والترمذي في جامعه - كتاب تفسير القرآن - باب ومن سورة بني إسرائيل - رقم الحديث (3407) بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: =