الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
شِدَّةُ وَشَجَاعَةُ حَمْزَةَ رضي الله عنه
-:
كَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ قِتَالًا يَوْمَ أُحُدٍ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه، فَإِنَّهُ أَخَذَ يَهُدُّ الكَافِرِينَ هَدًّا.
فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ وَحْشِيِّ بنِ حَرْبٍ قَاتِلِ حَمْزَةَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى القِتَالِ فَلَمَّا اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعُ بنُ عَبْدِ العُزَّى الخُزَاعِيُّ، فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟
قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا سِبَاعُ يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ البُظُورِ (1) أَتُحَادُّ (2) اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم؟
قَالَ: ثُمَّ شَدَّ (3) عَلَيْهِ، فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ (4).
*
قِصَّةُ الرَّجُلِ الذِي أَلْقَى الثَّمَرَاتِ:
رَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ، فَأَيْنَ أَنَا؟ .
(1) البُظُور: جمع بَظْرٍ، وهي اللحمة التي تقطع من فرج المرأة عند الختان، ودعاهُ بذلك؛ لأن أمه كانت تختِنُ النساء. انظر فتح الباري (7/ 118) - النهاية (1/ 137).
(2)
المُحَادَّاة: المُعَاداةُ والمُخَالفَة. انظر النهاية (1/ 340).
(3)
شَدَّ في العدو: أي أسرَعَ وعَدَا. انظر لسان العرب (7/ 55).
(4)
قوله: كأمس الذاهب: قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (7/ 118): هي كنايةٌ عن قتلِهِ أي صَيَّره عَدَمًا، وفي رواية ابن إسحاق في السيرة (3/ 78) قال: فكأنما أخطَأَ رأسَهُ، وهذا يُقال عند المبالغة في الإصابة.
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه رقم الحديث (4072).
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "في الجَنَّةِ"، فَأَلقى تَمَرَاتٍ في يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ (1).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَزَعَمَ ابْنُ بِشْكُوَالَ أَنَّهُ عُمَيْرُ بنُ الحُمَامِ، وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ الخَطِيبُ، وَاحْتَجَّ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم في صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ عُمَيْرَ بنَ الحُمَامِ رضي الله عنه أَخْرَجَ تَمَرَاتٍ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ، إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ (2).
لَكِنْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ في حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَالقِصَّةُ التِي في البَابِ وَقَعَ التَّصْرِيحُ في حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهَا كَانَتْ يَوْمَ أُحُدٍ، فَالذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ وَقَعَتَا لِرَجُلَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (3).
* أَمْهَرُ الرُّمَاةِ أَبُو طَلْحَةَ (4) الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه:
وَقَاتَلَ أَبُو طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه قِتَالًا عَظِيمًا يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانَ مِنْ أَمْهَرِ
(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المغازي - باب غزوة أُحد - رقم الحديث (4046) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب ثبوت الجنة للشهيد - رقم الحديث (1899) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (14314).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب ثبوت الجنة للشهيد - رقم الحديث (1901) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (12398).
(3)
انظر فتح الباري (8/ 99).
(4)
هو أبو طلحة الأنصاري، واسمه زيدُ بن سهل الخزرجي، من بني النجار أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد أعيانِ البدريين، وهو زوجُ أمِّ سُليم والدة أنس رضي الله عنهما، وآخي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي عبيدةَ بن الجراح، مات رضي الله عنه سنة خمسين أو سنة إحدى وخمسين. انظر أسد الغابة (2/ 246).
الرُّمَاةِ فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُجَوِّبٌ (1) عَلَيْهِ، بِحَجَفَةٍ (2) لَهُ، وَكانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ (3)، كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْن أَوْ ثَلَاثًا (4).
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْجَبُ بِشَجَاعَةِ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه، حَتَّى إِنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ أَشَدُّ عَلَى المُشْرِكينَ مِنْ فِئَةٍ"(5).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى في المُسْنَدِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "صَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ في الجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ فِئَةٍ"(6)، قَالَ: وَكَانَ يَجْثُو (7) بَيْنَ يَدَيْهِ
(1) مُجَوِّبٌ: بضم أوله وفتح الجيم وتشديد الواو: أي مُتَرّس عليه يَقِيه بها، ويُقال للتّرس أيضًا جوبة. انظر فتح الباري (8/ 108) - النهاية (1/ 300).
(2)
الحَجَفَةُ: هي الترس. انظر النهاية (1/ 333).
(3)
قال الحافظ في الفتح (8/ 109): شَدِيدُ النزْعِ: أي رميُ السهم.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} - رقم الحديث (4064) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب السير - باب غزوة النساء مع الرجال - رقم الحديث (1811) - وأخرجه الإمام أحمد في المسند - رقم الحديث (12024).
(5)
الفِئَةُ: هي الفِرْقَةُ والجماعَةُ من الناس. انظر النهاية (3/ 364).
والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (13105) - وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(6)
قوله صلى الله عليه وسلم: "خيرٌ من فئة": قال السندي رحمه اللَّه تعالى في شرح المسند (7/ 135): أي أهيبُ في صدورِ العدوِّ من فئة.
(7)
الجَاثِي: هو الَّذي يجلسُ علي ركبتَيْهِ. انظر لسان العرب (2/ 180). =