الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ، وَالحَاكِمُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: . . . فَلَمَّا غَنِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَاحُوا عَسْكَرَ المُشْرِكِينَ، أَكَبَّ الرُّمَاةُ جَمِيعًا فَدَخَلُوا في العَسْكَرِ يَنْهَبُونَ، وَقَدِ الْتَقَتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُمْ: هَكَذَا -وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابعِ يَدَيْهِ- وَالْتَبَسُوا، فَلَمَّا أَخَلَّ الرُّمَاةُ تِلْكَ الخَلَّةَ التِي كَانُوا فِيهَا دَخَلَتِ الخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ المَوْضِعِ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَبَسُوا، وَقُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ (1).
وَأَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ (2)، فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ (3) هِيَ وَأُخْرَاهُمْ (4).
*
المُسْلِمُونَ يَقْتُلُونَ اليَمَانَ وَالِدَ حُذَيْفَةَ رضي الله عنهما خَطَأً:
فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ اليَمَانِ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي،
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2609) - والحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب قصة غزوة أُحد - رقم الحديث (3217).
(2)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (8/ 109): أي احتَرِزُوا من جهةِ أُخْرَاكم، وهي كلمةٌ تُقال لمَنْ يَخْشى أن يُؤْتى عندَ القتال من وَرَائه، وكان ذلك لما تَرَكَ الرُّماة مكانهم، ودَخَلُوا ينتَهِبُون عسكرَ المُشركين.
(3)
يُقال: جلدنَاهم بالسيوف: أىِ ضَرَبْنَاهم. انظر لسان العرب (2/ 323).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} - رقم الحديث (4065).
قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ (1).
وَفِي رِوَايَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ مَحْمُودَ بنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه، قَالَ: اخْتَلفتْ سُيُوفُ المُسْلِمِينَ عَلَى اليَمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَا يَعْرِفُونَهُ فَقتَلُوهُ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدِيَهُ (2)، فتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدِيَتِهِ عَلَى المُسْلِمِينَ (3).
وَرَوَى الحَاكِمُ وَابْنُ إِسْحَاقَ في السِّيرَةِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مَحْمُودَ بنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ. . . كَانَ اليَمَانُ وَالِدُ حُذَيْفَةَ، وَثَابِتُ بنُ وَقْشٍ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ، فترَكَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.
فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَفَلَا نَأْخُذُ أَسْيَافَنَا، ثُمَّ نَلْحَقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُنَا شَهَادَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ثُمَّ خَرَجَا، حَتَّى دَخَلَا في النَّاسِ، وَلَمْ يُعْلَمْ بِهِمَا، فَأَمَّا ثَابِتُ بنُ وَقْشٍ رضي الله عنه فَقتَلَهُ المُشْرِكُونَ، وَأَمَّا اليَمَانُ وَهُوَ حُسَيْلُ بنُ جَابِرٍ رضي الله عنه وَالِدُ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه فَاخْتَلفتْ عَلَيْهِ أَسْيَافُ المُسْلِمِينَ، فَقتَلُوهُ، وَلَا يَعْرِفُونَهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَبِي أَبِي، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا عَرَفْنَاهُ، وَصَدَقُوا، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ
(1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} - رقم الحديث (4065).
(2)
يدِيه: أي يدفَعَ له الدِّيَة.
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (23639).