الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنها: مَكَثْنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَمَا نَدْرِي أَيْنَ وُجِّهَ (1) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الجِنِّ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ فَأَنْشَدَهُ هَذِهِ الأَبْيَاتَ، وَالنَّاسُ يَتْبَعُونَهُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَمَا يَرَوْنَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ، قَالَتْ: فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَهُ عَرَفْنَا حَيْثُ وُجِّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ وَجْهَهُ إِلَى المَدِينَةِ (2).
*
إِسْلَامُ بُرَيْدَةَ بنِ الحُصِيبِ رضي الله عنه
-:
أَخْرَجَ ابنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ عَاصِمٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ فَانْتَهَى إِلَى الغَمِيمِ (3) أَتَاهُ بُرَيْدَةُ بنُ الحُصَيْبِ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَكَانُوا زُهَاءَ (4) ثَمَانِينَ بَيْتًا، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم العِشَاءَ، فَصَلُّوا خَلْفَهُ (5).
وَأَقَامَ بُرَيْدَةُ رضي الله عنه بِأَرْضِ قَوْمِهِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أُحُدٍ، فَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَهُ، وَشَهِدَ الحُدَيْبِيَةَ، وَبَيْعَةَ الرِّضْوَانِ.
(1) أينَ وجّه: أي أين تَوجه. انظر النهاية (5/ 139).
(2)
أخرج قصة أم معبد: الحاكم في المستدرك - كتاب الهجرة - باب حديث أم معبد في الهجرة - رقم الحديث (4333) - والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 491) - وابن سعد في طبقاته (1/ 111) - وإسنادها حسن.
(3)
الغَمِيم: بفتح أوله وكسر ثانيهِ هو موضعٌ قرب المدينة بين رَابِغَ والجُحْفة. انظر معجم البلدان (3/ 398).
(4)
زُهَاء: أي قَدْر. انظر النهاية (2/ 291).
(5)
انظر الطبقات الكبرى (4/ 441) - الإصابة (1/ 418) - سير أعلام النبلاء (2/ 469).
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنِ ابنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً (1).
وَكَانَ بُرَيْدَةُ رضي الله عنه مِمَّنْ تَطَاوَلَ لِأَخْذِ اللِّوَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ، عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: حَاصَرْنَا خَيْبَرَ، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنَ الغَدِ عُمَرُ، فَخَرَجَ، فَرَجَعَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، وَأَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ شِدَّةٌ وَجَهْدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي دَافِعٌ اللِّوَاءَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، لَا يَرْجعُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ".
فَبِتْنَا طَيِّبَةً أَنْفُسُنَا أَنَّ الفَتْحَ غَدًا، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، صَلَّى الغَدَاةَ، ثُمَّ قَامَ قَائِمًا، فَدَعَا بِاللِّوَاءِ وَالنَّاسُ عَلَى مَصَافِّهِمْ، فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ أَرْمَدُ (2)، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ، وَفُتِح لَهُ.
قَالَ بُرَيْدَةُ رضي الله عنه: وَأَنَا فِيمَنْ تَطَاوَلَ لَهَا (3).
وَكَانَ بُرَيْدَةُ رضي الله عنه مِنْ سَاكِنِي المَدِينَةِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى البَصْرَةِ، وَابْتَنَى بِهَا دَارًا، ثُمَّ خَرَجَ غَازِيًا إِلَى خُرَاسَانَ، فَأَقَامَ بِمَرْوٍ حَتَّى مَاتَ وَدُفِنَ فِيهَا، وَهُوَ آخِرُ
(1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث (4473) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث (1814)(147) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (22953).
(2)
الرَّمَدُ: هو وجعُ العينِ وانتِفَاخُها. انظر لسان العرب (5/ 311).
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (22993).