الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَانَتْ تُقَاتِلُ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ القِتَالِ، وأَبْلَتْ بَلَاءً حَسَنًا، وَإِنَّهَا لَحَاجِزَةٌ (1) ثَوْبَهَا عَلَى وَسَطِهَا، حَتَّى جُرِحَتْ اثْنَيْ عَشَرَ جُرْحًا، وكَانَ قَدْ ضَرَبَهَا ابنُ قَمِئَةَ -قبَّحَهُ اللَّهُ- ضَرْبَةً عَلَى عَاتِقِهَا (2)، وَكَانَ أَعْظَمَ جِرَاحِهَا، فَدَاوَتْهُ سَنَةً، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ:"مَنْ يُطِيقُ مَا تُطِيقِينَ يَا أُمَّ عِمَارَةَ؟ "، فَقَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ نُرَافِقَكَ في الجَنَّةِ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُمْ رُفَقَائِي في الجَنَّةِ". فَقَالَتْ رضي الله عنها: مَا أُبَالِي مَا أَصَابَنِي مِنَ الدُّنْيَا (3).
قَالَ الدُّكْتُور مُحَمَّد أَبُو شَهْبَة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّ الإِنْسَانَ لَيُدْهَشُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَاعَةِ التِي لَا نَكَادُ نَجِدُ لَهَا مِثَالًا في تَارِيخِ الدُّنْيَا، وَإِنَّ لِهَذِهِ السَّيَدَةِ البَطَلَةِ لَتَارِيخًا حَافِلًا في بَابِ الجِهَادِ في الإِسْلَامِ، . . . وَشَهِدَتْ كَذَلِكَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَأَبْلَت بَلَاءً حَسَنًا في حُرُوبِ الرِّدَّةِ (4).
*
جِهَادُ النِّسَاءِ:
وَلقدْ ضَرَبَ نِسَاءُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهن، أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ في غَزْوَةِ أُحُدٍ العَظِيمَةِ، فكُنَّ يَسْقِينَ العَطْشَى، وَيُدَاوِينَ الجَرْحَى، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: . . . وَلقدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ،
(1) احتَجَزَ الرجُلُ بالإزَارِ: إذا شده على وَسَطِه. انظر النهاية (1/ 332).
(2)
العَاتِقُ: ما بين المِنْكَبِ والعُنُق. انظر لسان العرب (9/ 38).
(3)
انظر الطبَّقَات الكبْرى لابن سعد (8/ 441) - سير أعلام النبلاء (2/ 279) - سيرة ابن هشام (3/ 91).
(4)
انظر السِّيرة النَّبوِية في ضوء القرآن والسنة للدكتور محمد أبو شهبة (2/ 203).