الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
سَبَبُ الغَزوَةِ:
كَانَ سَبَبُ هَذِهِ الغَزْوَةِ العَظِيمَةِ هُوَ: إقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ مِنَ الشَّامِ في عِيرٍ (1) لِقُرَيْشٍ عَظِيمَةٍ، فِيهَا أمْوَالٌ لَهُمْ، وَتِجَارَةٌ وَهِيَ نَفْسُ العِيرِ التِي أَفْلَتَتْ مِنَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ العُشَيْرَةِ حِينَ ذَهَابِهَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ (2).
وَكَانَتْ عِيرُهُمْ أَلْفَ بَعِيرٍ، وَكَانَ المَالُ خَمْسِينَ ألْفَ دِينَارٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أُوقِيَّةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، إِلَّا حُوَيْطِبُ بنُ عَبْدِ العُزَّى، فَلِذَلِكَ كَانَ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، وَكَانَ فِيهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا أَوْ أرْبَعُونَ، مِنْهُمْ: مَخْرَمَةُ بنُ نَوْفَلٍ، وعَمْرُو بنُ العَاصِ (3).
*
تَهَيُّأُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وخُروجُهُ إِلَى بَدْرٍ:
فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي سُفْيَانَ مُقْبِلًا مِنَ الشَّامِ في تِجَارَةٍ لِقُرَيْشٍ، نَدَبَ (4) المُسْلِمِينَ إِلَيْهَا، وَقَالَ لَهُمْ:"هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ، فِيهَا أمْوَالُهُمْ، فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّهَ يُنْفِلُكُمُوهَا"(5).
(1) العِيرُ: هي الإبِلُ بأحمالها. انظر النهاية (3/ 297).
(2)
انظر سيرة ابن هشام (2/ 218).
(3)
انظر سيرة ابن هشام (2/ 218) - البداية والنهاية (3/ 271) - زاد المعاد (3/ 153).
(4)
يقالُ ندَبْتُهُ فانتَدَب: أي بعثتُهُ ودعَوْتُه فأجاب. انظر النهاية (5/ 29).
(5)
أخرج ذلك ابن إسحاق في السيرة (2/ 218) وإسناده صحيح.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي أيُّوبٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ونَحْنُ في المَدِينَةِ: "إنِّي أُخْبِرْتُ (1) عَنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهَا مُقْبِلةٌ، فهَلْ لَكُمْ أَنْ نَخْرُجَ قِبَلَ هَذِهِ العِيرِ، لَعَلَّ اللَّهَ يُغْنِمْنَاهَا؟ " قُلْنَا: نَعَمْ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ (2).
وَلَمْ يَسْتَنْفِرِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم كُلَّ النَّاسِ، بَلْ طَلَبَ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ (3) حَاضِرًا، فَانْتَدَبَ النَّاسَ، فَخَفَّ بَعْضُهُمْ وَثَقُلَ بَعْضُهُمْ، فتَخَلَّفَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ لِأنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَلْقَى حَرْبًا، إِنَّمَا خَرَجَ لِلْعِيرِ (4).
أَخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ
(1) أخبره بذلك بَسْبَسَةُ بن عمرو الجهني رضي الله عنه، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب ثبوت الجنة للشهيد - رقم الحديث (1901) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بعثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بُسَيْسَةَ، عينًا ينظرُ ما صَنَعتْ عير أبي سفيان، فجاء وما في البيت أحدٌ غيري وغير رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فحدَّثه الحديث. . .
قلتُ: هكذا ورَدَ اسم بَسْبَسة في صحيح مسلم مصغرًا بلفظ: بُسَيْسَة.
ووقع عند ابن إسحاق في السيرة (2/ 229): بلفظ: بسبس، وصوَّب الحافظ في الإصابة (1/ 420) الأول: أي: بَسْبَسَةُ.
(2)
أورد ذلك الهيثمي في المجمع (6/ 73 - 74) وقال: رواه الطبراني وإسناده حسن - وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (3/ 37).
(3)
الظهْرُ: الإبل التي يُحمل عليها ويُركب. انظر النهاية (3/ 152) - جامع الأصول (8/ 182).
(4)
انظر سيرة ابن هشام (2/ 219) - دلائل النبوة للبيهقي (3/ 32) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (1/ 254) - البداية والنهاية (3/ 272).