الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ أَنَّهُ فَعَلَ شَيْئًا اسْتَوْجَبَ بِهِ الجَنَّةَ حِينَ صَنَعَ بِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَا صَنَعَ.
*
مَقْتَلُ أُبَيِّ بنِ خَلَفٍ لَعَنَهُ اللَّهُ:
فَلَمَّا أَسْنَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الشِّعْبِ أَدْرَكَهُ أُبَيُّ بنُ خَلَفٍ، وَهُوَ يَقُولُ: أَيْنَ مُحَمَّدٌ؟ لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، فَقَالَ القَوْمُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَعْطِفُ (1) عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَّا؟ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"دَعُوهُ".
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ: فَاعْتَرَضَهُ رِجَالٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اسْتَأْخِرُوا، اسْتَأْخِرُوا"، فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحَرْبَةَ مِنَ الحَارِثِ بنِ الصِّمَّةِ رضي الله عنه، فَلَمَّا أَخَذَهَا صلى الله عليه وسلم انْتَفَضَ بِهَا انْتِفَاضَةً تَطَايَرَ عَنْهُ أصْحَابُهُ تَطَايُرَ الشَّعْرَاءِ (2) عَنْ ظَهْرِ البَعِيرِ إِذَا انْتَفَضَ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَطَعَنَهُ في تُرْقُوَتِهِ (3) مِنْ فُرْجَةٍ بَيْنَ سَابِغَةِ (4) الدِّرْعِ، وَالبَيْضَةِ تَدَهْدَهَ (5) مِنْهُ -أَيْ مِنَ الطَّعْنَةِ- عَنْ فَرَسِهِ مِرَارًا،
= عبيد اللَّه رضي الله عنه رقم الحديث (6979) - والترمذي في جامعه - كتاب الجهاد - باب ما جاء في الدرع - رقم الحديث (1787) - وأخرجه في كتاب المناقب - باب مناقب طلحة بن عبيد اللَّه رضي الله عنه رقم الحديث (4071) - وإسناده حسن.
(1)
عطفَ عليه: إذا كَرَّ، والكَرُّ: الرجوع. انظر لسان العرب (9/ 269)(12/ 64).
(2)
الشَعْرَاء: هي ذِبَّانٌ حُمْرٌ، وقيل: زُرقٌ تقعُ على الإبل والحَمِيرِ وتؤذِيهَا أذًى شديدًا. انظر النهاية (2/ 430).
(3)
التُّرْقوُةُ: هي العَظْمُ الَّذي بين ثُغرَةِ النَّحْرِ والعاتق. انظر النهاية (1/ 183).
(4)
سابِغَةُ الدرع: هي شيء من حَلَقِ الدروع تستُرُ العنق. انظر النهاية (2/ 304) - لسان العرب (6/ 160).
(5)
تَدَهْدَهَ: أي تدحْرَجَ وسقَطَ. انظر النهاية (2/ 133).
وَجَعَلَ يَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، وَقَدْ خَدَشَهُ في عُنُقهِ خَدْشًا غَيْرَ كَبِيرٍ، قَالَ: قَتَلَنِي وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ، فَقَالُوا لَهُ: ذَهَبَ وَاللَّهِ فُؤَادُكَ، وَاللَّهِ إِنَّ بِكَ مِنْ بَأْسٍ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ قَالَ لِي بِمَكَّةَ: "أَنَا أَقْتُلُكَ"، فَوَاللَّهِ لَوْ بَصَقَ عَلَيَّ لَقَتَلَنِي.
وَقِصَّةُ ذَلِكَ أَنَّ أُبَيَّ بنَ خَلَفٍ كَانَ يَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ عِنْدِي فَرَسًا أَعْلِفُهُ كُلَّ يَوْمٍ فَرَقًا (1) مِنْ ذُرَةٍ أَقْتُلُكَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"بَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ".
وَمَاتَ عَدُوُّ اللَّهِ بِسَرِفٍ (2)، وَهُمْ رَاجِعُونَ إِلَى مَكَّةَ (3).
أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل"(4).
(1) الفَرَقُ؛ بالتحريك مِكْيَالٌ ضخمٌ لأهلِ المَدِينة معروف. انظر النهاية (3/ 391).
(2)
سَرِف بكسر الراء: موضع من مكة علي عشرة أميال. انظر النهاية (2/ 326).
(3)
أخرج قصَّة مقتل أُبي بن خلف: أبو نعيم في دلائل النبوة (2/ 414) - وابن سعد في طبقاته (2/ 272) - والبيهقي في دلائل النبوة (3/ 237) مرسلًا عن سعيد بن المسيب، ووصله الواحدي في أسباب النزول ص 56 - والحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب طعن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُبي بن خلف - رقم الحديث (3316) - وإسناده صحيح.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أُحد - رقم الحديث (4073) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة أُحد - رقم الحديث (1793).