الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في التواتر
وهو مأْخُوذٌ من مجيء الواحد بعد الواحد بفترة (1) بينهما (2) .
الشرح
و [من ذلك](3) قوله تعالى: {ثمَّ أَرْسَلْنا رسلنا تَتْرَا} (4) أي: واحداً (5) بعد واحدٍ بفترة (6) بينهما (7)، وقال بعض اللغويين (8) : مِنْ لَحْن العوام قولهم: ((تواترتْ كُتُبُك عليًّ (9)) ) ومرادهم: تواصَلتْ، وهو لَحْنٌ، بل لا يقال ذلك إلا في عدم التواصل (10) كما تقدَّم (11) .
وقال بعضهم: ليس هو مشتقّاً من هذا بل من التَّوَتُّر وهو الفَرْد، والوِتْر قد يتوالى وقد يتباعد بعضُه عن بعضٍ (12) .
(1) في س: ((لفترة)) .
(2)
والتواتر أيضاً: التتابع. انظر: لسان العرب، القاموس المحيط، المصباح المنير كلها مادة "وتر". وانظر: عمدة الحفاظ 4/281.
(3)
ما بين المعقوفين في س: ((ومنه)) .
(4)
الآية 44 من سورة المؤمنون. قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبوجعفر "تترا" بالتنوين منصرفاً "تتراً" على أنها مصدر منوَّن، والألف عوضٌ عن التنوين في حالة الوقف. والباقون قرأوها بالألف بلا تنوين، لأنه مصدر مؤنث كدعوى. انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 12/125، اتحاف فضلاء البشر 2/284.
(5)
في ن: ((واحد)) وهو خطأ نحوي، لأن ما بعد ((أي)) التفسيرية يكون عطف بيان لما قبلها، أو بدل، وهما تابعان لما يفسِّرانه. فيكون ((واحداً)) عطف بيان أو بدل لقوله ((تتراً)) وهو منصوب. انظر: مغني اللبيب لابن هشام 1 / 160.
(6)
في س: ((لفترة)) .
(7)
انظر: جامع البيان للطبري مجلد 10/ جزء 17/ صفحة 31، الفتوحات الإلهية (حاشية الجمل على الجلالين) 5/240.
(8)
صرَّح المصنف باسمه في نفائس الأصول (6/2808) بأنه الجواليقي (ت 540 هـ) . انظر كتابه: تكملة إصلاح ما تغلط فيه العامة ص9.
(9)
ساقطة من س.
(10)
في ن: ((الواصل)) .
(11)
قال الأصمعي: واتَرْتُ كتبي عليه: أتبعتُ بعضها بعضاً إلا أن بين كلّ واحدٍ منها وبين الآخر مهلة. وقال غيره: المواترة: التتابع بغير مهلة..وقال اللحياني: تواترت الإبل والقَطَا وكل شيٍء؛ إذا جاء بعضه في إثْر بعض، ولم تجىء مُصْطفَّة. وقال مرةً: التواتر: الشيء يكون هُنيْهةً ثم يجيء الآخر، فإذا تتابعت فليست متواترة، وإنما هي مُتَدَارِكة ومتتابِعة. انظر: لسان العرب مادة "وتر"، درة الغوَّاص في أوهام الخواص للحريري ص 12، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 12/125.
(12)
انظر: لسان العرب مادة "وتر".
وفي الاصطلاح (1) : خبر أقوامٍ عن أمرٍ محسوسٍ (2) يستحيل تواطؤهم (3) على الكذب عادةً (4) .
الشرح
الأخبار في الاصطلاح ثلاثة أقسام: المتواتر وهو ما تقدم، والآحاد وهو ما أفاد ظناً كان المخبر واحداً أو أكثر، وما ليس بمتواتر ولا آحاد وهو خبر المنفرد (5) إذا احتفَّتْ به القرائن؛ فليس متواتراً لاشتراطنا في التواتر العدد؛ ولا آحاداً لإفادته العلم، وهذا القسم ما علمت له اسماً في الاصطلاح (6) .
وقولي: "عن أمرٍ محسوسٍ" احتراز من النظريات، فإنَّ الجَمْع العظيم إذا أخبروا عن حدوث (7) العالم أو غير ذلك فإن خبرهم لا يُحصِّل العلم (8) ، ونعني "بالمحسوس" ما
(1) هذا تعريف المتواتر، أما التواتر: فهو تتابعُ خبرِ أقوامٍ عن أمر محسوسٍ يستحيل تواطؤهم على الكذب عادةً. وقد فرقّ بينهما الآمدي في الإحكام 2/14، وانظر: الكاشف عن المحصول للأصفهاني 5 / 586.
(2)
لو قال المصنف: ((مُحَسٍّ)) لكان أصوب من جهة الاشتقاق اللغوي، كما نبه عليه بنفسه ص (64) من المطبوع، والأمر واسع.
(3)
في ق: ((طواطيهم)) ولعلّها لهجة. والله أعلم.
(4)
تعريفات الأصوليين وكذا المحدثين للخبر المتواتر متقاربة، وهي صحيحة على اختلافٍ في الألفاظ. فمنها: أنه خبر جماعة يفيد بنفسه العلمَ بصدقه. انظر: ميزان الوصول 2 / 627، شرح المعالم لابن التلمساني 2 / 142، منتهى السول والأمل ص 68، أصول الفقه لابن مفلح 2 / 473، إرشاد الفحول 1/200، الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص 16، إرشاد طلاب الحقائق للنووي ص179، شرح شرح نخبة الفكر للقاري ص161.
(5)
في ق: ((الفرد)) .
(6)
هذه القسمة مما انفرد بها المصنف فيما أعلم، وجمهور الأصوليين ـ ما عدا الحنفية ـ يقسمون الخبر إلى قسمين: متواتر وآحاد. والأحناف يقسمونه إلى: متواتر، ومشهور، وآحاد، ويجعلون المشهور واسطة بين المتواتر والآحاد، وهو الحديث الذي يُروى بطريق الآحاد ولكنه اشتهر في عصر التابعين أو تابعي التابعين، ويسمونه بالمستفيض على خلافٍ عندهم في عدد الرواة في كل طبقة. وأما الجمهور فيسمون مشهور الحنفية آحاداً، ويدخلون القسم الثالث الذي ذكره القرافي في الآحاد، لأن رواته آحاد وإن أفاد العلم لاحتفافه بالقرائن. والخطب سهل. انظر: إحكام الفصول ص319، روضة الناظر 1/347 الإحكام للآمدي 2/13، المغني في أصول الفقه للخبَّازي ص191، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/56، مفتاح الوصول للشريف التلمساني ص299، فواتح الرحموت 2/138.
(7)
في ن، ق:((حدث)) .
(8)
بمعنى لو أخبر أهلُ السنة قاطبةً دَهْرياً بحدوث العالم لم يحصل له العلم لتجويزه غَلَطَهم. انظر: شرح الكوكب المنير 2/325.