الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرح
ولأنه حجة شرعية فيصح التمسك (1) بمظنونه كما يصح بمقطوعه كالنصوص والقياس.
حجة المنع: أن خبر الواحد إنما يكون حجة في السنة وهذا ليس منها، ثم الفرق أن إجماع الأمة من الوقائع العظيمة فتتوفر الدواعي على نقلها، بخلاف وقائع أخبار الآحاد، فحيث نُقِل بأخبار الآحاد كان ذلك ريبة في ذلك النقل (2) .
فإن قلت: الصحيح قبول خبر الواحد فيما تعم به البلوى (3) ، مع أنه مما تتوفر الدواعي على نقله، فما الفرق؟ (4) . قلتُ: الفرق أن عموم البلوى أقل من الكل قطعاً (5) .
حكم الاستدلال بدليل أو تأويل لم يتعرض أهل العصر الأول لهما في إجماعهم
ص: قال (6) : وإذا استدل أهل (7) العصر الأول (8) بدليلٍ وذكروا (9) تأويلاً،
[واستدل أهل العصر الثاني بدليلٍ آخر* وذكروا تأويلاً](10) آخر (11) ، فلا
(1) في ق: ((التمثيل)) وهو تحريف.
(2)
ساقطة من ق.
(3)
انظر مسألة خبر الواحد فيما تعم به البلوي ص (267) من هذا الكتاب.
(4)
هذا اعتراض على حجة المنع حاصله: قولكم بأن الإجماع مما تتوفر الدواعي على نقله لانتشاره يلزم أيضاً في خبر الواحد فيما تعم به البلوي، ومع هذا فهو مقبول، فليقبل الإجماع المنقول بالآحاد إذ لا فرق.
(5)
قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ((هذا نص العبارة في جميع النسخ، ولاشك أن بها نقصاً. والظاهر أن أصلها: أن عموم البلوى أقل من اتفاق الكل قطعاً
…
والمراد بكونه أقل أنه أضعف من اتفاق الكل
…
)) حاشية التوضيح والتصحيح 2 / 106.
(6)
ساقطة من ن، والقائل هو الإمام الرازي في المحصول 4/159.
(7)
ساقطة من س، ق.
(8)
ساقطة من ن.
(9)
لو قال المصنف ((أو ذكروا)) لكان أولى إفادةً للتنويع والتقسيم، كما هي عبارة المحصول (4/159) .
(10)
ما بين المعقوفين ساقط من س.
(11)
مثال الدليل: كأن يجمع أهل العصر الأول على أن النية واجبة بدليل قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
…
} [البنية: 5] . ثم يستدل أهل العصر الثاني على وجوبها بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات
…
)) رواه البخاري (1)، ومسلم (1907) . ومثال التأويل (بمعنى التفسير) كما إذا قال المجمعون في قوله صلى الله عليه وسلم:((وعفِّرُوه الثامنةَ بالتراب)) رواه مسلم (280) أن تأويله عدم التهاون بالسبع بأن يُنقص عنها. ويؤوله من بعدهم بأن معناه أن التراب لمَّا صحب السابعة صار كأنه ثامنة، وهناك تأويلات أخرى. انظر: سبل السلام للصنعاني 1/53. وانظر هذه الأمثلة في: حاشية البناني على شرح الجوامع2/199، سلم الوصول للمطيعي3/936، وانظر مثالاً آخر في رفع النقاب القسم 2/515.
يجوز إبطال التأويل القديم، وأما الجديد فإن لزم منه إبطال القديم بطل وإلا فلا (1) .
الشرح
مثاله (2) : اللفظ المُشْتَرك، يحمله أهل العصر الأول على أحد معنييه، ثم في العصر الثاني يعتبرون المعنى الآخر الذي لم يعتبره العصر الأول (3) .
قال الإمام فخر الدين: ((المشترك لا يستعمل في مفهوميه وأحدهما (4) مرادٌ، والآخر ليس بمرادٍ، فلا يستقيم اعتبار التأويلين)) (5) .
(1) كان الأنسب أن تكون هذه المسألة عقب مسألة حكم إحداث قول ثالث لقرب المناسبة بينهما، كما فعل حلولو في التوضيح ص (281) .
ـ ثم إن هذه المسألة تتعلق بدليل الحكم المجمع عليه، والعادة جرت بأن يكون الإجماع على حكم، فهذا الإجماع لا تجوز مخالفته. لكن كيف يكون الأمر لو أجمعوا على دليل الحكم أو تأويلٍ ما فهل يجوز الاستدلال بدليل آخر؟
?
…
تحرير محل النزاع: إذا استدل أهل العصر الأول بدليل أو ذكروا تأويلاً، فلا يخلو الحال من أحد أمور ثلاثة:
أ - أن ينصُّوا على إبطال ما عداهما، فلا يجوز حينئذٍ لمن بعدهما إحداث دليل أو تأويل، لما فيه من تخطئة
الأمة فيما أجمعت عليه.
ب - أن ينصُّوا على صحة الاستدلال بدليلٍ آخر أو ذكر تأويلٍ آخر، فيجوز لمن بعدهم إحداث دليل جديد
أو تأويل جديد.
جـ - أن يسكتوا عن الأمرين، فهذه صورة النزاع. جمهور العلماء على الجواز إذا لم يلزم منه إبطال دليل أو
تأويلٍ للعصر الأول وإلا فلا. وقلَّة من العلماء على المنع مطلقاً. وفي المسألة أقوال أخرى، ذكرها
الزركشي في البحر المحيط (6 / 514) .
انظر المسألة في: المعتمد 2/51، الوصول لابن برهان 2/113، الإحكام للآمدي 1/246، منتهى السول والأمل ص62، المسودة ص328، تحفة المسؤول للرهوني القسم 1 / 519، التوضيح لحلولو ص281، تيسير التحرير 3/253.
(2)
أي مثال التأويل.
(3)
ومثال اللفظ المشترك: القُرْء فهو موضوع للطُّهْر والحيض. فإذا فسَّره أهل العصر الأول بالطُّهر فلا يجوز ـ عند الرازي لأهل العصر الثاني تفسيره بالحيض، لأنه يؤدي إلى إبطال تفسير أهل العصر الأول لعدم إمكان اجتماعهما. انظر: رفع النقاب القسم 2/515.أما المصنف فإنه يرى جواز حمل المشترك على معنييه. وقدسبقت منازعة المصنفِ للرازي في هذه المسألة ص (114) من هذا الكتاب المطبوع. وانظر أيضاً: نفائس الأصول 2/740 ففيه توسُّع.
(4)
في ن، س ((فأحدهما)) . والمثبت أنسب، لأن الواو حالية.
(5)
انظر المحصول 4/160.
ويرِدُ عليه: أن مذهب الشافعي* ومالكٍ والقاضي (1) وجماعةٍ كثيرة جوازه (2) فجاز أن يعتبر العصر الأول أحد المعنيين لحضور سببه ولا يَخْطُر (3) الآخر ببالهم لعدم حضور سببه، ثم في العصر الثاني يحضر سببه فيعتبرونه (4) دون الأول، والأمة لا يلزمها علم ما تحتاجه وعلم ما لا تحتاجه فقط (5) .
قال القاضي عبد الوهاب في " الملخص "(6) : إذا استدل أهل (7) الإجماع بدليل على حكم هل (8) يجوز أن يُسْتَدَلَّ بدليلٍ آخر على ذلك الحكم؟. منعه قوم لأن استدلال الأوَّلِين يقتضي أن ما عداه خطأ. قال: والحق أنه إن فهم عنهم (9) أن ما عداه (10) ليس بدليل على ذلك الحكم (11) امتنع الاستدلال بغيره، وإلاّ فلا يمتنع، لأنه لا يجب (12) عليهم ذكر كل ما يصلح الاستدلال به. وهل يصحُّ في كلِّ دليل (13) أن يُجْمِعوا أنه (14) ليس بدليل، أو (15) يُفَصَّل في ذلك؟ فيقال: كل ما يقبل النسخ أو
(1) ساقطة من ق.
(2)
انظر: المصادر المذكورة في هامش (1) ص (151) . وانظر أيضاً: شرح المعالم 2 / 125، بديع النظام (نهاية الوصول) لابن الساعاتي ص 311، رفع الحاجب لابن السبكي 2 / 237، أصول الفقه لابن مفلح 2 / 444.
(3)
في ن: ((يحضر)) .
(4)
في ن: ((فيتعين)) .
(5)
انظر: النفائس الأصول6/2679.
(6)
انظر قوله في: نفائس الأصول 6 / 2777، وقد جاء بعض قوله في: رفع الحاجب لابن السبكي 2 / 237 - 239، البحر المحيط للزركشي 6/516.
(7)
سقطت من جميع النسخ ما خلا نسختي ص، و.
(8)
هكذا في جميع النسخ، والصواب" فهل" لأن القاعدة النحوية هي: كل جوابٍ يمتنع جَعْلهُ شرطاً فإن الفاء تجب فيه، من هذه المواضع أن يكون جواب الشرط جملة طلبية والاستفهام من الجمل الطلبية. انظر: أوضح المسالك لابن هشام4/192.
(9)
في ن: ((عنه)) .
(10)
هنا زيادة: ((دليل)) في ن، ولا حاجة لها.
(11)
في ن زيادة: ((لأن استدلال الأولين)) ولا معنى لها.
(12)
في ن: ((تجب)) ، وهو تصحيف.
(13)
هنا زيادة: ((كلي)) في ق ولا حاجة لها.
(14)
في ن: ((بين ما)) ، وهي ليست مناسبة.
(15)
الحرف ((أو)) مثبت في جميع النسخ، وهو ليس مثبتاً في نفائس الأصول (6/2777)، فعلى حذفها يكون قوله: ((يُفصَّل
…
إلخ)) جواباً لسؤاله: ((هل يصح
…
إلخ)) .