الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في ترجيحات الأخبار
ترجيح الأخبار في الإسناد
ص: وهي إما في الإسناد (1)[وإما](2) في المتن، فالأول: قال الباجي رحمة الله عليه: يترجَّح بأنه في قصة (3) مشهورة والآخر ليس كذلك. أو رُواته (4) أحفظ أو أكثر، أو مسموعٌ منه (5) عليه الصلاة والسلام، والآخر مكتوب به، أو متَّفَق (6) على رفعه إليه عليه الصلاة والسلام، أو تتفق رواته عند (7) إثبات الحكم به، أو رَاوِيْه (8) صاحب القصة (9) ، أو إجماعُ (10)
أهل المدينة على العمل به، أو روايته أحسن نَسَقاً، أو سالمٌ من الاضطراب، أو موافق لظاهر الكتاب، والآخر ليس كذلك (11) .
(1) انظر مسألة ترجيح الأخبار في الإسناد في: المعتمد 2/178، العدة لأبي يعلى 3/1019، شرح اللمع للشيرازي 2/657، المحصول للرازي 5/414، تقريب الوصول ص475، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/310، مفتاح الوصول ص621، التعارض والترجيح بين الأدلة لعبد اللطيف البرزنجي 2/151، دراسات في التعارض والترجيح لشيخنا الدكتور/ السيد صالح عوض ص 453، منهج التوفيق والترجيح بين مختلف الحديث د. عبد المجيد السوسوة ص 354.
(2)
في ق، س، متن هـ:((أو)) والمثبت أقعد؛ لأن ((إما)) التفصيلية الغالب تكررها بنفسها مسبوقة بحرف العطف، وقد يستغنى عن الثانية بذكر ما يغني عنها نحو ((أو)) . انظر: مغني اللبيب 1 / 128.
(3)
في س: ((قضية)) .
(4)
في س: ((روايه)) .
(5)
في ن: ((عنه)) .
(6)
في ق: ((يتفق)) .
(7)
في ق: ((على)) وهو متجه، لكن المعنى المراد يتحقق بإختيار ((عند)) ، إذ المراد أن الخبر الذي يتفق الرواة على روايته بلا اختلاف بينهم في دلالته على الحكم يقدَّم على ما اختلف فيه الرواة. انظر: الإشارة للباجي ص 334، وشرح المصنف لهذه العبارة ص 419.
(8)
في ن: ((رواية)) .
(9)
في س، ن:((القضية)) .
(10)
في ق: ((أجمع)) ..
(11)
انظر هذه الأقسام والأمثلة عليها - بالتفصيل - عند الباجي في كتبه: إحكام الفصول ص 735 - 744، الإشارة في معرفة الأصول ص331 - 336، المنهاج في ترتيب الحجاج 221 - 227، وقد عَدَّ منها ثلاثة عشر مرجّحاً. وانظر: رفع النقاب للشوشاوي القسم 2/981-994.
الشرح
القصة المشهورة يبعد الكذب فيها بخلاف القصة الخفية.
والكتابة تحتمل التزوير بخلاف المسموع.
والمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حجةٌ إجماعاً، أما الموقوف على بعض الصحابة [يقوله من قِبَل نفسه، ولا يقول: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم](1) ، فيحتمل أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فيكون حجة إجماعاً، أو هو من اجتهاده فيُخرَّج على الخلاف في قول الصحابي وفعله هل هو حجة أم لا (2) ؟، والحجة إجماعاً مقدَّم على المتردِّد بين الحجة وغيرها.
واتفاق الرواة عند إثبات الحكم دليلُ قوة الخبر وضَبْطِه عندهم، وإذا اختلفوا دل ذلك على ضعف السَّند أو (3) الدلالة أو وجود (4) المعارض، فكان الأول أرجح.
وصاحب* القصة إذا رواها كان (5) أعلم بها وأبعد عن (6) الذهول والتخليط فيها (7) ، بخلاف [إذا روى](8) غيرُه.
وإجماع أهل (9) المدينة مرجِّح (10) ؛ لأنهم (11) مهبط الوحي، ومعدن الرسالة، وإذا وقع شَرْعٌ كان ظاهراً فيهم، وعنهم يأخذ غيرهم، فإذا لم يوجد شيءٌ بين أظهرهم دل ذلك (12) على بطلانه أو نسخه.
(1) ما بين المعقوفين ساقط من ق.
(2)
سيأتي مبحث حجية قول الصحابي في: ص 492.
(3)
في ن: ((و)) والمثبت أنسب للدلالة على التنويع.
(4)
في ن: ((وجوب)) وهو تحريف.
(5)
ساقطة من ق.
(6)
في س: ((من)) وهو صحيح؛ لأن "بَعُد" يتعدَّى بـ " عن " و "من ". انظر: لسان العرب مادة " بعد ".
(7)
في ق: ((منها)) وهو تحريف
(8)
ساقط من ق
(9)
ساقطة من ق
(10)
في ق: ((راجح)) وهو سائغ أيضاً.
(11)
في ن: ((لأنه)) وهو صحيح أيضاً؛ لأن " أهل " لفظه مفردٌ، والمثبت على اعتبار معنى الجمع.
(12)
ساقطة من ق.
وحُسْن النَّسَق (1) أنسب للفظ النبوة، فإنه عليه الصلاة والسلام أفصح العرب، فإضافة الأفصح إليه أنسب من ضدِّه (2) .
والاضطراب (3) : اختلاف ألفاظ الرواة (4) ، وهو يوجب خللاً في الظن عند السامع، فما لا خلل فيه أرجح.
والمعضود بالكتاب العزيز أقوى* في الظن من المنفرد بغير عاضد فيُقدَّم.
(1) حُسنْ النَّسَق يُسمى بالتنسيق وهو من محاسن الكلام وهو: أن يأتي المتكلم بالكلمات من النثر، والأبيات من الشعر، متتاليات متلاحمات تلاحماً مستحسناً مستبهجاً، وتكون جملها ومفرداتها منسَّقة متوالية. انظر: خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي 2/388.
(2)
تفسير المصنف هنا لحُسْن النَّسق بالفصاحة ليس سديداً؛ لأننا كنا في السند. وقد سبق تعريف "حسن
النَّسق " في الهامش السابق. أما الفصاحة التي أوردها هنا فهي الفصاحة التي أوردها بعد متنين لهذا المتن عندما قال: ((قال الإمام رحمه الله أو يكون فصيح اللفظ
…
)) ص (425)، والمراد هنا بحسن النَّسق من جهة السند (الرواة) ما قاله الباجي:((أن يكون أحد الراويين أشدَّ تقصِّياً للحديث، وأحسن نسقاً له من الآخر، فيُقدَّم حديثه عليه. وذلك مثل تقديمنا لحديث جابر رضي الله عنه في إفراد الحج [رواه مسلم (1218) ] على حديث أنس رضي الله عنه في القِران [رواه البخاري (4353) ، ومسلم (1232) ] ؛ لأن جابراً رضي الله عنه تقصَّى صفة الحج من ابتدائه إلى انتهائه، فدلّ ذلك على تهمُّمِهِ وحفظه وضبطه وعلمه بظاهر الأمر وباطنه. ومن نَقَل لفظةً واحدة من الحج يجوز أن لم يعلمْ سببها)) إحكام الفصول ص 742.
(3)
هنا زيادة: ((في)) في س، والأحسن حذفها؛ لاستقامة التركيب بدونها.
(4)
الاضطراب لغة: الاختلال والتحرك، يقال: اضطرب الموج، إذا تحرَّك وضرب بعضه بعضاً. انظر مادة
"ضرب " في: لسان العرب
والحديث المضطرب: هو ما رُوي على أوجهٍ مختلفة متساوية في القوة. والاضطراب يقع في الإسناد، ويقع في المتن. انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 93، تدريب الراوي 1/308، تيسير مصطلح الحديث
ص 112. والمعنى الذي ذكره المصنف هنا للاضطراب أقرب ما يكون للاضطراب في المتن، وهو ما سيكرره أيضاً في ص (424) . والمراد بالحديث السالم من اضطراب الإسناد: هو الذي لم يوجد خلل في إسناده عند كلَّ مَنْ رواه، لا بزيادةٍ ولا نقصٍ، ولا رواية عمَّنْ لا يمكن الرواية عنه. انظر: العدة لأبي يعلى 3/1029.
ص: قال الإمام فخر الدين: أو يكون راويه (1) فقيهاً، أو عالماً بالعربية، أو عُرِفت عدالته بالاختبار، أو عُلِمت (2) بالعدد الكثير، أو ذكِر [سبب عدالته](3) ، أو لم يَخْتَلط (4) عقله في بعض الأوقات، أو كونه (5) من أكابر الصحابة (6) رضوان الله عليهم، أو له اسم واحد، أو لم تُعرف له رواية في زمن الصبا (7) والآخر ليس كذلك أو يكون مدنياً والآخر مكياً، أو راويه (8) متأخر الإسلام (9) .
الشرح
العلم بالفقه أو بالعربية مما يُبْعد الخطأ في النقل، فيُقدَّم على الجاهل بهما.
وعدالة الاختبار هي عدالة* الخُلْطة، فهي أقوى من عدالة التزكية من غير خلطة للمزكِّي عنده.
والمذكورُ سببُ عدالته دليلُ قوة سبب التزكية، فإنه لا يُذكر (10) إلا مع قوته. وأما إذا سكت المزكِّي عن سبب العدالة احتمل الضعف.
(1) في س زيادة: ((الإمام)) ، وهو مما شَذت به، والظاهر أن ناسخها التبس عليه الأمر لقرب كلمة " الإمام " التي سبقتها.
(2)
ساقطة من ق.
(3)
في ق: ((سببها)) .
(4)
في س: ((يُخلط)) .
(5)
في ق: ((كان)) .
(6)
المراد بأكابر الصحابة رؤساؤهم، كالخلفاء الأربعة. وتقديم روايتهم هو رأي الجمهور، أما أبو حنيفة وأبو يوسف فإنهما يقيدانه بكون الأكبر فقيهاً، ولهذا وقع منهما تقديم رواية الأصاغر على الأكابر. انظر: المسودة ص 307، شرح مختصر الروضة 3/697، تشنيف المسامع 3/505، شرح الكوكب المنير 4/642، تيسير التحرير 3/163 فواتح الرحموت 2/263
(7)
في متن هـ: ((الصبي)) وهو متجه. والمثبت أنسب.
(8)
في ق، متن هـ:((رواية)) .
(9)
النقل هنا من المحصول (5/415 - 425) بانتخاب واقتضاب. وانظر هذه المسائل في: الإبهاج 3/220 وما بعدها، جمع الجوامع بحاشية البناني 2/364 وما بعدها، مفتاح الوصول ص 621 وما بعدها، التقرير والتحبير 3/36 وما بعدها، شرح الكوكب المنير 4/635 وما بعدها
(10)
في ن: ((لا يَذْكره)) .
والذي اختلط (1) عقله (2) في بعض (3) الأوقات يُخْشى أن يكون ما يرويه لنا الآن ما سمعه في تلك الحالة، والذي لم يختلط عقله أمِنَّا فيه ذلك.
والذي له اسم واحد يَبْعد التدليس (4) به، والذي له اسمان يَقْرُب اشتباهه بغيره ممن ليس بعَدْلٍ وهو مسمىً (5) بأحد اسْمَيْه، فتقع الرواية عن ذلك الذي ليس بعدل، فيظن السامع أنه العدل [ذو (6) الاسمين](7) فيقبله (8) .
والذي وقعت له روايةٌ في زمن الصبا إذا رُوِي عنه، فإنه (9) يجوز أن يكون مما نُقِل (10) عنه في زمن (11) الصِّبَا، ورواية الصبي (12) غير موثوق بها بخلاف الذي لم يرو إلا بعد البلوغ.
وما رُوي بالمدينة ظاهر حاله التأخُّر (13) عن المكي (14) ؛ لأنه (15) بعد الهجرة،
(1) في ن: ((أُخِلط)) .
(2)
الاختلاط: هو فساد العقل أو الاختلال في الأقوال، إما لكبر وخَرَفٍ أو لذهاب بصر، أو لخللٍ في كتبه باحتراقها أو اغتراقها أو استراقها أو اختراقها أو غير ذلك. انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 391، شرح شرح نخبة الفكر للقاري ص 535، تيسيرمصطلح الحديث للطحان ص 227
(3)
ساقطة من ق
(4)
التدليس لغة: أصله من الدَّلَس، وهو الظلمة والستر والخديعة. انظر مادة "دلس " في معجم المقاييس في اللغة، المصباح المنير. واصطلاحاً: إخفاءُ عيبٍ في الإسناد وتحسين ظاهره. انظر: ظفر الأماني للكنوي
ص 376، تيسير مصطلح الحديث ص 79، وانظر: نفائس الأصول 8/3708
(5)
في س: ((يُسمَّى)) .
(6)
في ن: ((و)) سقط منها حرف الذال
(7)
ساقط من س
(8)
التدليس أقسام وأنواع، والذي ذكره المصنف هنا مقارب لتدليس الشيوخ، وهو: أن يروي الراوي عن شيخٍ حديثاً سمعه منه، فيسمِّيه باسم آخر له أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف. وفي هذا الصنيع تَوْعِيرٌ لطريق معرفته على السامع. انظر علوم الحديث لابن الصلاح ص 73، 79.
(9)
هكذا في ز، م، وفي سائر النسخ "لنا" وهي ليست مناسبة؛ لعدم استقامة الأسلوب بها.
(10)
في س: ((بذل)) وهو تحريف
(11)
في ن: ((حال)) .
(12)
في ن: ((الصِّبا)) .
(13)
في ن: ((التأخير)) .
(14)
في ن: ((الأول)) وهي ليست مناسبة، ولا سيما مع السقط الذي بعدها
(15)
ساقطة من ن وهو مُخِلّ بالمعنى
والمتأخَّر يُرَجَّح؛ لأنه قد يكون الناسخ، ولقول (1) ابن عباس رضي الله عنهما:((كنَّا نأخذ بالأحدث فالأحدث من أمر (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم) (3) .
ورواية متأخر الإسلام يتعيَّن تأخُّرها (4) ، (5) فهو كالمدني (6) ، ومتقدِّمُ الإسلام يحتمل أن يكون حديثه مما سمعه في [آخر الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم](7) ، فيكون مساوياً لمتأخر الإسلام، ويحتمل [سماعه أول إسلامه، فيكون متقدماً في الزمان مرجوحاً في
العمل] (8) ، والذي لا احتمال فيه أولى مما فيه احتمال المرجوحِيَّة (9) .
(1) في ن: ((كقول)) وهو تحريف
(2)
في س، ق:((فعل)) .
(3)
لم أجده بهذا اللفظ فيما وقفْتُ عليه، ولفظ الموطأ (1/294) ((كانوا يأخذون
…
)) . والحديث جاء في صحيح مسلم (1113) من طريق ابن شهاب عن عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكَدِيْد ثم أفطر. وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتَّبِعون الأحدث فالأحدث من أمره، وهذه الزيادة في آخر الحديث ((وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الأحدث
…
)) مدرجة من كلام الزهري في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وبهذا جزم البخاري (4276) فقال:((قال الزهري: وإنما يؤخذ من أمر النبي صلى الله عليه وسلم الآخِرُ فالآخِر)) . انظر: " الفَصْل للوصل المُدْرج في النقل " للخطيب البغدادي 1/322، موافقة الخُبْر الخَبَر لابن حجر 2/82، المعتبر للزركشي ص165، فتح الباري لابن حجر 4/227.
(4)
في س: ((تأخيرها)) .
(5)
هنا زيادة: ((وأن حديثه متأخر)) في س، ن، وهي تكرار في المعنى.
(6)
في ق: ((كالمديني)) وهو خطأ؛ لأن النسبة إلى فَعِيْلة فَعَلِيّ إذا لم يكن معتلَّ العين أو مضاعفاً. لكن فرَّقوا بين المنسوب إلى المدينة المنورة وإلى مدينة المنصور (بغداد) فقالوا في الأول: مَدَنِيّ، وفي الثاني: مَدِيْنِيّ. انظر: همع الهوامع للسيوطي 3/361
(7)
ما بين المعقوفين في ق: ((الآخر)) .
(8)
ما بين المعقوفين في ق: ((التقدم، فيكون مرجوحاً)) .
(9)
قدَّم الآمدي وابن الحاجب والهندي وجَمْعٌ الترجيح بمتقدم الإسلام على المتأخر؛ لزيادة أصالته في الإسلام وتحرزه. انظر: الإحكام 4/244، منتهى السول والأمل ص223، الفائق 4/413. وعند المجد ابن تيمية والطوفي وغيرهما أنهما سواء؛ لأن كل واحد منهما اختص بصفةٍ، فالمتقدم اختص بأصالته في الإسلام، والمتأخر اختص بأنه لا يروي إلا آخر الأمرين. انظر: المسودة ص 311، شرح مختصر الروضة للطوفي 3/696، المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص169. وما اختاره المصنف هو اختيار أبي يعلى والشيرازي وابن السبكي وغيرهم، انظر العدة 3/1040، شرح اللمع 2/659، جمع الجوامع بحاشية البناني 2/365. وللفخر الرازي تفصيل في المسألة، انظره في: المحصول 5/425، والمصنف له تفصيل آخر ذكره في: نفائس الأصول (8/3714) فقال: ((إذا عُلِم تأخُّرُ رواية متقدم الإسلام رُجِّحتْ بقدم هجرته، وإن جُهل تقدُّمها وتأخُّرها قُدم المتأخرُ الإسلام)) .