المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السادسفي التصويب - جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير - جـ ٢

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث عشرفي فِعْله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الأولفي دلالة فعله صلى الله عليه وسلم

- ‌أدلة القائلين بوجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم إن لم يكن فعله بياناً وفيه قُرْبة

- ‌دليل القائلين باستحباب اتباعه صلى الله عليه وسلم، إن لم يكن فعله بياناً وفيه قُرْبة

- ‌حجة القائلين بأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي لا قُرْبة فيها أنها على الإباحة

- ‌حجة القائلين بأن أفعاله صلى الله عليه وسلم فيما لا قُرْبة فيها على الندب

- ‌إقرار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثانيفي اتباعِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌طرق معرفة صفات أفعاله صلى الله عليه وسلم

- ‌حجة ابن خلَاّد

- ‌سؤال:

- ‌تعارض فعله صلى الله عليه وسلم مع قوله، وتعارض الفعلين

- ‌مسألة تقدُّم القول وتأخُّر الفعل

- ‌مسألة تقدُّم الفعل وتأخُّر القول

- ‌مسألة تعقُّب الفعلِ القولَ

- ‌مسألة تعارض الفعلين

- ‌فائدة:

- ‌سؤال:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌الفصل الثالثفي تأسِّيه صلى الله عليه وسلم

- ‌مسألة تعبُّد النبي صلى الله عليه وسلم بشرع من قبله قبل نبوته

- ‌حجة النّافين لتعبُّده صلى الله عليه وسلم بشرع مَنْ قبله قبل نبوته

- ‌حجة المثبتين لتعبده صلى الله عليه وسلم بشرع من قبله قبل نبوته

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌مسألة تعبُّد النبي صلى الله عليه وسلم بشرع من قبله بعد نبوته

- ‌فائدة

- ‌الباب الرابع عشرفي النسخ

- ‌الفصل الأولفي حقيقته

- ‌الفصل الثانيفي حكمه

- ‌الحجة العقلية للشمعونية من اليهود المنكرين للنسخ عقلاً وسمعاً

- ‌حجة منكري النسخ سمعاً

- ‌أمثلة من التوراة على أن لفظ " الأبد " لا يراد به الدوام

- ‌وقوع النسخ في القرآن

- ‌حكم نسخ الشيء قبل وقوعه

- ‌حكم النسخ لا إلى بدل

- ‌حكم النسخ بالأثقل

- ‌أنواع النسخ في القرآن وأحكامها

- ‌حكم النسخ في الأخبار

- ‌حكم نسخ الحكم المقيّد بالتأبيد

- ‌الفصل الثالثفي الناسخ والمنسوخ

- ‌حكم نسخ الكتاب بالآحاد

- ‌حكم نسخ السنة بالكتاب

- ‌حكم نسخ الكتاب بالسنة المتواترة

- ‌حكم نسخ الإجماع والنسخ به

- ‌حكم نسخ الفحوى والنسخ به

- ‌حكم نسخ القياس والنسخ به

- ‌حكم النسخ بالعقل

- ‌حكم الزيادة على النص

- ‌حكم الزيادة غير المستقلة على النص

- ‌حكم النقص من النص

- ‌الفصل الخامسفيما يُعْرف به النسخ

- ‌الباب الخامس عشرفي الإجماع

- ‌الفصل الأولفي حقيقته

- ‌حكم إجماع الأمم السالفة

- ‌فائدة:

- ‌الفصل الثانيفي حكمه

- ‌حكم إحداث قولٍ ثالثٍ إذا أجمعت الأمة على قولين

- ‌حكم الفَصْل فيما أجمعوا على الجَمْع فيه

- ‌حكم الإجماع على أحد القولين بعد الاتفاق على القول بهما

- ‌مسألة: اشتراط انقراض عصر المجمعين

- ‌حجية الإجماع السكوتي

- ‌إذا قال بعض المجتهدين قولاً ولم ينتشر ولم يعلم له مخالف، هل يكون إجماعاً سكوتياً

- ‌حكم الاستدلال بدليل أو تأويل لم يتعرض أهل العصر الأول لهما في إجماعهم

- ‌حكم إجماع أهل المدينة

- ‌حكم إجماع أهل الكوفة

- ‌حكم إجماع العِتْرة

- ‌حكم إجماع الخلفاء الراشدين

- ‌حكم إجماع الصحابة مع مخالفة التابعي

- ‌هل يعتبر أهل البدع من أهل الإجماع

- ‌هل ينعقد الإجماع بالأكثر مع مخالفة الأقل

- ‌تقدُّم الإجماع على الكتاب والسنة والقياس

- ‌حكم المخالف أو المنكر للإجماع القطعي

- ‌سؤال:

- ‌الدلالة على قطعية الإجماع

- ‌الفصل الثالثفي مُسْتَنَدِه

- ‌حجة الجواز بالأمارة:

- ‌الفصل الرابعفي المجمعين

- ‌هل يعتبر العوام من أهل الإجماع

- ‌المعتبر في الإجماع بحسب المجتهدين في كل فنٍ

- ‌حكم اشتراط التواتر في المجمعين

- ‌حكم إجماع غير الصحابة

- ‌الكلام في اشتراط التواتر في المجمعين

- ‌العبرة في الإجماع بأهل كلِّ فنٍّ

- ‌الفصل الخامسفي المُجْمَع عليه

- ‌الإجماع في العقليات

- ‌الإجماع في الدنيويات

- ‌حكم اشتراك الأمة في الجهل بشيءٍ ما

- ‌الكلام على الإجماع في العقليات

- ‌الإجماع في الحروب والآراء

- ‌الكلام في اشتراك الأمة في الجهل بشيءٍ ما

- ‌تنبيه

- ‌الباب السادس عشرفي الخبر

- ‌الفصل الأولفي حقيقته

- ‌شروع في شرح القيد " لذاته " المذكور في تعريف الخبر

- ‌سؤال:

- ‌هل توجد واسطة بين الصدق والكذب في الخبر

- ‌هل يشترط في الخبر إرادة الإخبار

- ‌الفصل الثانيفي التواتر

- ‌إفادة المتواترِ العلمَ والقَطعَ

- ‌إفادة المتواتر العلم الضروري

- ‌{اشتراط العدد في التواتر}

- ‌انقسام التواتر إلى: لفظيّ ومعنويّ

- ‌شرط المتواتر

- ‌الفصل الثالثفي الطرق المُحصِّلة للعلم غير التواتر

- ‌الفصل الرابعفي الدالِّ على كذب الخبر

- ‌الفصل الخامسفي خبر الواحد

- ‌شروط قبول خبر الآحاد المتعلِّقة بالراوي

- ‌حكم رواية الصبي

- ‌حكم رواية الكافر

- ‌حكم رواية المبتدع

- ‌اشتراط العدالة في الراوي

- ‌تعريف الصحابي وعدالته

- ‌تعريف العدالة

- ‌فائدة

- ‌حكم رواية الفاسق

- ‌حكم رواية المجهول:

- ‌طرق معرفة العدالة

- ‌إبداء أسباب الجرح والتعديل:

- ‌حجة اشتراط العدد في الجميع:

- ‌تعارض الجرح والتعديل

- ‌الفصل السادسفي مستند الراوي

- ‌الفصل السابعفي عدده

- ‌هل يشترط في الراوي الفقه

- ‌أمور لا تقدح في الراوي:

- ‌هل العبرة في الراوي بما رأى أم بما روى

- ‌حكم قبول الخبر في مسائل الاعتقاد

- ‌حكم الخبر فيما تعمُّ به البلوى

- ‌الفصل التاسعفي كيفية الرواية

- ‌مراتب رواية الصحابي

- ‌مراتب رواية غير الصحابي

- ‌الفصل العاشرفي مسائل شتى

- ‌حجية الحديث المرسل

- ‌المراسيل التي يقبلها الشافعي

- ‌سؤال:

- ‌حكم رواية الحديث بالمعنى

- ‌حكم زيادة الثقة

- ‌الباب السابع عشرفي القياس

- ‌الفصل الأولفي حقيقته

- ‌حقيقة القياس اللغوية

- ‌الفصل الثانيفى حكمه

- ‌أدلة المثبتين لحجية القياس

- ‌أدلة النافين لحجية القياس

- ‌القياس القطعي والظني والقياس في الدنيويات

- ‌تعارض القياس مع خبر الواحد

- ‌تنقيح المناط وتخريجه وتحقيقه

- ‌الفصل الثالثفي الدال على العلة

- ‌المسلك الأول: النص

- ‌المسلك الثاني: الإيماء

- ‌المسلك الثالث: المناسب

- ‌الكليات الخمس:

- ‌تقسيم المناسب

- ‌المسلك الرابع: الشبه

- ‌مثال الشبه عند القاضي:

- ‌المسلك الخامس: الدوران

- ‌حجة المنع:

- ‌المسلك السادس: السَّبْر والتقسيم

- ‌السبر معناه في اللغة:

- ‌المسلك السابع: الطرد

- ‌المسلك الثامن: تنقيح المناط

- ‌الفصل الرابعفي الدال على عدم اعتبار العلة

- ‌القادح الأول: النّقض

- ‌القادح الثاني: عدم التأثير

- ‌القادح الثالث: القَلْب

- ‌القادح الرابع: القول بالمُوجب

- ‌القادح الخامس: الفرق

- ‌الفصل الخامسفي تعدد العلل

- ‌الفصل السادسفي أنواعها

- ‌حكم التعليل بالمحل

- ‌حكم التعليل بالحكمة

- ‌حكم التعليل بالعدم

- ‌حكم التعليل بالإضافات

- ‌حكم التعليل بالحكم الشرعي

- ‌حكم التعليل بالأوصاف العُرْفيَّة

- ‌حكم التعليل بالعلة المركبة

- ‌حكم التعليل بالعلَّة القاصرة

- ‌حكم التعليل بالاسم وبالأوصاف المقدَّرة

- ‌حكم التعليل بالمانع

- ‌الفصل السابعفيما يدخله القياس

- ‌القياس في العقليات

- ‌القياس في اللغات

- ‌القياس في الأسباب

- ‌حكم القياس في العدم الأصلي

- ‌حكم إثبات أصول العبادات بالقياس

- ‌القياس في المقدرات والحدود والكفارات

- ‌القياس في الرخص

- ‌القياس في العاديات ونحوها

- ‌الفصل الأولهل يجوز تساوي الأمارتين

- ‌تعدد أقوال المجتهد في المسألة الواحدة

- ‌الفصل الثانيفي الترجيح

- ‌الترجيح في العقليات

- ‌الترجيح بكثرة الأدلة:

- ‌العمل عند تعارض الدليلين

- ‌الفصل الثالثفي ترجيحات الأخبار

- ‌ترجيح الأخبار في الإسناد

- ‌ترجيح الأخبار في المتن

- ‌الفصل الرابعفي ترجيح الأقيسة

- ‌الفصل الخامسفي ترجيح طرق العلة

- ‌الباب التاسع عشرفي الاجتهاد

- ‌تعريف الاجتهاد

- ‌الفصل الأولفي النظر

- ‌الفصل الثانيفي حكمه

- ‌الصور المستثناة من تحريم التقليد:

- ‌التقليد في أصول الدين:

- ‌التقليد في الفروع

- ‌فروع ثلاثة:

- ‌الفرع الأول:

- ‌الفرع الثاني:

- ‌الفرع الثالث:

- ‌الفصل الرابعفي زمانه

- ‌الفصل الخامسفي شرائطه

- ‌تجزُّؤ الاجتهاد:

- ‌الفصل السادسفي التصويب

- ‌الفصل السابعفي نقض الاجتهاد

- ‌الفصل الثامنفي الاستفتاء

- ‌التقليد في أصول الدين:

- ‌الباب العشرونفي جميع أدلة المجتهدين وتصرفات المكلفين

- ‌الفصل الأولفي الأدلة

- ‌قول الصحابي

- ‌المصلحة المرسلة

- ‌الاستصحاب

- ‌البراءة الأصلية

- ‌العُرْف والعادة

- ‌الاستقراء

- ‌سد الذرائع

- ‌علاقة الوسائل بالمقاصد

- ‌قاعدة

- ‌تنبيه:

- ‌عذر العالم في مخالفة الدليل

- ‌القاعدة الأولى: في الملازمات

- ‌الاستحسان

- ‌الأخذ بأقل ما قيل

- ‌تفويض الحكم إلى المجتهد

- ‌إجماع أهل الكوفة

- ‌قاعدة في التعارض

- ‌تعارض الدليلين

- ‌تعارض البينتين

- ‌تعارض الأصلين

- ‌تعارض الظاهرين

- ‌تعارض الأصل والظاهر

- ‌فائدة

- ‌أدلة وقوع الأحكام

- ‌الفصل الثانيفي تصرفات المكلفين في الأعيان

- ‌النقل

- ‌الإسقاط

- ‌القبض

- ‌الإقباض

- ‌الالتزام

- ‌الخلط

- ‌إنشاء المِلْك

- ‌الاختصاص

- ‌الإذن

- ‌الإتلاف

- ‌فائدة:

- ‌ مسألة

- ‌التأديب والزجر

- ‌خاتمة متن الكتاب

- ‌خاتمة شرح الكتاب

الفصل: ‌الفصل السادسفي التصويب

‌الفصل السادس

في التصويب

ص: قال الجَاحِظُ وعُبيد (1) الله العَنْبَرِي (2) بتصويب المجتهدين في أصول الدين (3) ، بمعنى نفي (4) الإثم لا بمعنى مطابقة الاعتقاد، واتفق سائر العلماء على فساده (5) .

وأما في الأحكام الشرعية فاختلفوا: هل لله تعالى في نفس الأمر حكم معين في الوقائع أمْ لا؟. والثاني قول من قال: ((كل مجتهد مصيب)) وهو قول جمهور المتكلمين (6) ، ومنهم الأشعري (7) والقاضي أبوبكر (8) منا (9) ، وأبو علي وأبو هاشم من المعتزلة (10) .

(1) في ن، ق، متن هـ:((عبد)) . وهو تحريف.

(2)

هو عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري التميمي، محدث ثقة، أخرج له الإمام مسلم في صحيحه، كان فقيهاً، ولي قضاء البصرة. ولد عام 105هـ وتوفي عام 168هـ، وقيل غير ذلك. شنَّع عليه العلماء في قوله: كل مجتهد مصيب، ونقل ابن حجر عنه قولاً برجوعه في هذه المسألة لما تبين له الصواب. انظر: تاريخ بغداد 10/306، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 91، تهذيب التهذيب 4 / 8

(3)

انظر النسبة إلى الجاحظ في: المستصفى 2/401، المحصول للرازي 6/129، المسودة ص 495، جامع الأسرار للكاكي 4/1073، جمع الجوامع بحاشية البناني 2/389. وانظر النسبة للعنبري في: المراجع السابقة، وأيضاً العدة لأبي يعلى 5/1540، التبصرة ص496، التلخيص 3/335، المنخول ص451. وقد اختلف الأصوليون في حمل كلام الجاحظ والعنبري في تصويب كل مجتهد في الدين، هل يشمل المخالفة لملة الإسلام من اليهود والنصارى والمجوس أو ينحصر في الخلاف الجاري بين أهل القبلة من المعتزلة والخوارج والروافض ونحوهم، كمسألة القدر أو الرؤية أو الصفات؟ . أكثر الأصوليين على الثاني. انظر: المعتمد 2/398، البرهان للجويني 2/860، قواطع الأدلة 5/11، الوصول لابن برهان 2/338، روضة الناظر 3/981، كشف الأسرار للبخاري 4/30، البحر المحيط للزركشي 8/276، التوضيح لحلولو ص 393

(4)

في ق: ((عدم)) .

(5)

انظر: المراجع المذكورة في الهامش قبل السابق، وانظر: شرح اللمع للشيرازي 2/1043، التمهيد لأبي الخطاب 4/307، نهاية الوصول للهندي 8/3837، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/293، شرح الكوكب المنير 4/488، نيل السول للولاتي ص 205..لكن دعوى الاتفاق هذه فيها نظر، فإن طائفة من العلماء ترى عدم تأثيم أو تكفير المجتهد المخطيء في المسائل العلمية، كالمسائل العملية على حد سواء. انظر: الفصل في الملل والنحل لابن حزم 3/291، درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 2/315، مجموع الفتاوى لابن تيمية 11/407، 413، 23/146

(6)

انظر: إحكام الفصول ص 707، التبصرة ص 498، المحصول للرازي 6/34، الإحكام للآمدي 4/183، التلويح للتفتازاني 2/260، التوضيح لحلولو ص 394، فواتح الرحموت 2/428

(7)

انظر: شرح اللمع للشيرازي 2/1048، المنخول ص 453، الفائق 5/35

(8)

انظر: إحكام الفصول ص 708، تقريب الوصول ص 443، نشر البنود 2/322

(9)

في ق: ((مني)) وهو تحريف

(10)

انظر: شرح العمد 2/238، المعتمد 2/370

ص: 468

وإذا لم يكن لله تعالى حكم معين، فهل في الواقعة حُكْمٌ لو كان لله تعالى

حُكْمٌ معين لحكَمَ به فيها (1) أم لا؟. والأول هو القول: بالأشبه، وهو قول

جماعةٍ من المُصَوِّبين (2) ، والثاني قول بعضهم (3) . وإذا قلنا بالمعيَّن فإمَّا أن يكون

عليه دليل ظني أو قطعي أو ليس عليه واحد منهما، والثاني (4) : قول جماعة

من الفقهاء والمتكلمين (5) ، ونُقِل عن الشافعي (6) رضي الله عنه، وهو عندهم

كدَفِيْنٍ يُعْثر عليه بالاتفاق. والقول بأن عليه دليلاً ظنياً فهل كُلِّف بطلب ذلك (7) الدليل، فإنْ أخطأه تعيَّن (8) التكليف بما (9) غلب على ظنه وهو قول بعضهم (10) ،

أو لم يُكَلَّف بطلبه لخفائه وهو قول كافة الفقهاء (11) منهم الشافعي (12)

(1) ساقطة من س، ن، متن هـ

(2)

انظر: المعتمد 2/371، التمهيد لأبي الخطاب 4/314، الوصول لابن برهان 2/343، كشف الأسرار للبخاري 4/33، التوضيح لحلولو ص 394

(3)

عبر عنهم الرازي في محصوله (6/34) بأنهم الخُلَّص من المصوِّبين

(4)

في ق: ((وأما الثاني)) بزيادة: ((أما)) ، وفي ن:((والثاني هو)) بزيادة: ((هو)) . ومقصود المصنف بالثاني هنا هو القول بأنه ليس على الحكم أي دليل لا ظني ولا قطعي، لأنه يُعدُّ ثانياً بالنسبة إلى اشتراط الدليل سواء كان قطعياً أم ظنياً.

(5)

انظر: المستصفى 2/409، المحصول للرازي 6/34، الإحكام للآمدي 4/183، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/294، نهاية السول للإسنوي 4/562، تشنيف المسامع 4/588

(6)

انظر: المحصول للرازي 6/34. والغريب أن المصنف في نفائس الأصول (9/3878 - 3880) ينازع الرازي في هذه النسبة للشافعي، وينقل صفحاتٍ من كتب الأصوليين تناقض نقل المحصول (6/34) هذا ويَخْلُص أخيراً بأن النسبة الصحيحة للشافعي إنما هي في القول بأن لله تعالى أمارةً (دليلاً ظنياً) على الحكم، كما سيأتي بعد قليل.

(7)

ساقطة من ق

(8)

في س: ((تغير)) تحرَّفت عن: ((تعين)) .

(9)

في س، ن، متن هـ:((إلى ما)) .

(10)

ساقطة من س، ن، متن هـ. وانظر هذا القول في: المستصفى 2/409، التمهيد لأبي الخطاب 4/310، المحصول للرازي 6/34، الإبهاج 3/255، فواتح الرحموت 2/428

(11)

منهم الإمام مالك، والإمام أحمد، انظر: إحكام الفصول ص 707، المسودة ص 497، شرح مختصر الروضة للطوفي 3/602، تقريب الوصول ص443، جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 2/885

(12)

اضطرب بعضهم في النقل عن الشافعي، فمنهم من نسب إليه تصويب المجتهد بكل حال. والنقل الصحيح عنه أن الحق واحد لا يتعدد، وأن المصيب واحد. قال في إبطال الاستحسان (بذيل الأم 7/302) ((لا يجوز فيه عندنا - والله تعالى أعلم - أن يكون الحق فيه عند الله كله إلا واحداً)) . وانظر كلامه في الرسالة ص 489 وما بعدها. وانظر: شرح اللمع 2/1046، التلخيص 3/338، قواطع الأدلة 5/16، البحر المحيط للزركشي 8/283

ص: 469

وأبو حنيفة (1) رضي الله عنهما. والقائلون بأن عليه دليلاً قطعياً (2) : اتفقوا على أن المكلف مأمور بطلبه، وقال بِشْر المَرِيْسِيّ (3) : إن أخطأه استحق العقاب (4)، وقال غيره: لا يستحقُّ العقاب (5) .

واختلفوا أيضاً هل يُنقَض قضاء القاضي إذا خالفه قاله الأَصَمُّ (6) خلافاً للباقين، والمنقول عن مالك رحمه الله أن المصيب واحد (7) ، واختاره الإمام (8)، وقال الإمام:

(1) اضطرب بعضهم في نقل مذهب أبي حنيفة، فهناك من نسب إليه التصويب. والتحقيق - عند الحنفية - أن الحق واحد لا يتعدد، وربما جاء اللبس مما روي عنه، وهو قوله: ((كل مجتهد مصيب، والحق عند الله

واحد)) . انظر: ميزان الأصول 2/1051، بذل النظر ص 695 كشف الأسرار للبخاري 4/33-34 التوضيح لصدر الشريعة ومعه التلويح للتفتازاني 2/265، التقرير والتحبير 3/409

(2)

في ق: ((ظنياً)) وهو خطأ؛ لأنه تكرار، فقد تقدم القول فيه.

(3)

هو بشْر بن غِيَاث بن أبي كريمة العدوي مولاهم، المَرِيْسِيّ نسبة إلى مريس بمصر، وإليه تنسب الفرقة

" المَرِيْسِيَّة " من مرجئة بغداد، تفقَّه على أبي يوسف، وروى عن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة. ثم نظر في الكلام، فغلب عليه وصار رأساً في الابتداع والاعتزال، ودعا إلى خَلْق القرآن وإنكار الصفات،

ت 218هـ. ومن أنفس الردود عليه كتاب: " نَقْض الإمام أبي سعيد على بشر المريسي العنيد " للدرامي بتحقيق: رشيد بن حسن محمد نشر: مكتبة الرشد - الرياض. انظر: تاريخ بغداد 7/56، وفيات الأعيان 1/277، الجواهر المضية ص 164، الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي ص124

(4)

انظر النسبة إليه في: شرح العمد 2/235، المعتمد 2/371

(5)

انظر: المحصول للرازي 6/36، الإحكام للآمدي 4/183

(6)

انظر النسبة إليه في: شرح العمد 2/235، المعتمد 2/371، والأصمُّ هو: أبوبكر عبد الرحمن بن كَيْسان، كان ديِّناً وقوراً صبوراً على الفقر لكن كان شيخاً في الاعتزال، يخطِّيء عليّاً رضي الله عنه، أخذ عنه ابن علية (الابن) ، وله كتاب في التفسير، وفي خَلْق القرآن. توفي سنة 201هـ. انظر: طبقات المعتزلة لابن عبد الجبار ص 267، سير أعلام النبلاء 9/402، لسان الميزان 3/427

(7)

اختلف عن الإمام مالك، وسبب اختلافهم بحسب ما يستنبطونه من أقواله، فنُقل عنه لما سُئل عن اختلاف الصحابة قوله: ليس إلا خطأ وصواب. وقال: قولان مختلفان لا يكونان قطُّ صواباً. فهذا يدل على أن المصيب واحد، ومما يدل على أن مذهبه ((أن كل مجتهد مصيب)) : أن الخليفة العباسي وقتذاك لما أراد أن يحمل الناس على موطأ مالك، امتنع مالك، واحتج بتفرق الناس في الأمصار، وقد أخذوا بآراء الصحابة، وكلٌّ عند نفسه مصيب. ونقل ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/885) عن بعضهم قوله

((ولا أعلم خلافاً بين الحُذَّاق من شيوخ المالكيين البغداديين والمصريين، كلٌّ يحكي أن مذهب مالك رحمه الله في اجتهاد المجتهدين والقياسيين إذا اختلفوا فيما يجوز فيه التأويل من نوازل الأحكام أن الحق من ذلك عند الله واحد من قولهم

)) . انظر: إحكام الفصول ص 707، منتهى السول والأمل ص 212، تقريب الوصول ص 443، تحفة المسؤول للرهوني القسم 2 / 832، رفع النقاب القسم 2/1155 - 1157، نشر البنود 2/320

(8)

انظر: المحصول 6/36

ص: 470

عليه دليل ظني ومخالِفُه معذور والقضاء لا يُنقَض (1) .

لنا: أن الله تعالى شرع الشرائع لتحصيل المصالح الخالصة أو الراحجة أو درء المفاسد الخالصة أو الراجحة ويستحيل وجودها في النقيضين فيتَّحِدُ الحكم (2) :

احتجوا بانعقاد* الإجماع على أن المجتهد يجب عليه أن يَتْبَع ما غلب على ظنه ولو خالف الإجماع، وكذلك من قلَّده، ولا نعني بحكم الله تعالى إلا ذلك، فكلُّ مجتهد مصيب، وتكون ظنون المجتهدين تَتْبعها الأحكام كأحوال المضطَّرين والمختارين* بالنسبة إلى الميتة، فيكون الفعل الواحد حلالاً حراماً بالنسبة إلى شخصين كالميتة.

الشرح

حجة الجاحظ: أن المجتهد في أصول الدين (3) إذا بذل جهده فقد فَنِيَتْ قدرته، فتكليفه بعد ذلك بما زاد على ذلك تكليفٌ بما لا يطاق، وهو منفي في الشريعة، وإن قلنا بجوازه لقوله تعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا} (4) .

حجة الجمهور: أن أصول الديانات مهمة عظيمة، فلذلك شرع الله تعالى فيها الإكراه دون غيرها، فيُكْره على الإسلام بالسيف والقتال والقتل وأخذ الأموال والذراري، وذلك أعظم الإكراه (5) ، وإذا حصل الإيمان في هذه الحالة (6) اعْتُبِر في ظاهر

(1) انظر: المحصول 6/36

(2)

هذا دليل القائلين بأن المصيب واحد. ومفاده: أنه يستحيل أن يوجد في حكم واحد مصلحة ومفسدة فيكون حلالاً حراماً؛ لأنه جمع بين النقيضين، فيلزم أن يكون الحكم واحداً إما حلالاً أو حراماً.

(3)

في ق: ((الفقه، وهو خطأ، لأن المراد: ((الدين)) كما جاء في المتن.

(4)

البقرة، من الآية: 286

(5)

المبدأ الإسلامي يقوم على قاعدة: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]، وقوله تعالى {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99] ، فالإسلام لم يحمل سيفه ليُكره الناسَ على اعتناقه عقيدةً، وإنما جاهد وحارب وناضل، أولاً: ليدفع عن المؤمنين الأذى والفتنة التي كانوا يُسَامونها، وثانياً: لإزالة العقبات من طريق إبلاغ الدعوة للناس كافة، كإزالة النُّظُم الطاغوتية التي تصدُّ الناس عن الاستماع إلى الهدى وتفتنهم عنه، وثالثاً: ليقيم نظاماً عادلاً آمناً يعيش أصحاب العقائد في كنفه، خاضعين له وإن لم يعتنقوا عقيدته. انظر: في ظلال القرآن لسيد قطب 1/290 - 296. ولكن ما ذهب إليه المصنف هو أحد أقوال المفسرين، وأن آية {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] منسوخة بآيات القتال، فالواجب دعوة الناس إلى الإسلام، فإن لم يستجيبوا قوتلوا وأجبروا على الإسلام. انظر: أحكام القران لابن العربي 1/310، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/280، تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/460، دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشيخ محمد الأمين الشنقيطي ص 44 - 49

(6)

في ن: ((الحال)) وهو صحيح أيضاً، فهو يذكر ويؤنث انظر: هامش (4) ص 122.

ص: 471

الشرع، وغيره (1) لو وقع بهذه الأسباب لم يُعْتَبر، ولذلك (2)

لم يَعْذر اللهُ بالجهل في أصول الدين إجماعاً (3) ،

ولو شرب خمراً يظنه جُلَاّباً (4) أو وَطِيء امرأة يظنها امرأته عُذِر بالجهل، ولذلك جُعِل النظر الأول واجباً (5) مع الجهل بالموجَب، وذلك تكليف

(1) أي غير الإيمان، كالأحكام العملية. انظر: نفائس الأصول 9/3869 - 3770

(2)

في س: ((وكذلك)) ..

(3)

دعوى الإجماع فيها نظر، والمصنف نفسه في كتابه الفروق (2/149 - 151) أورد تحت قاعدة:((الفرق بين ما لا يكون الجهل عذراً فيه وما يكون)) أن الجهل في أصول الدين لا يعذر الله صاحبه به، بل هو آثم كافر يخلد في النار على المشهور من المذاهب. ثم إن عدم العذر بالجهل لا ينبغي إطلاقه هكذا، بل له حالات يختلف الحكم فيها باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فمنهم حديثُ عَهْدٍ بالإسلام، ومنهم من نشأ في بادية بعيدة، ومسائل أصول الدين منها ما هو معلوم من الدين بالضرورة وما هو دون ذلك. وابن حزم وابن تيمية وغيرهما ممن نصر القول بأن المجتهد المخطيء في الأصول معذور إذا كان من المسلمين ولم تقم عليه الحجة.

انظر: الفِصَل في الملل والنحل لابن حزم 3/291، 292، 301، الدرَّة فيما يجب اعتقاده له أيضاً

ص 414، 440، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 13/125، 20/33، 23/346، وانظر: نواقض الإيمان الاعتقادية د. محمد الوهيبي 1/225 - 293. وقد أُلِّفَتْ كُتُب ورسائل خاصة في هذا الموضوع منها: الجهل بمسائل الاعتقاد وحكمه لعبد الرزاق معاش. دار الوطن - الرياض، العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي لمدحت آل فراج. دار الكتاب والسنة - كراتشي.

(4)

في ن: ((خَلاًّ)) . والجُلَاّب: ماء الورد، فارسي معرَّب. انظر مادة " جلب " في: لسان العرب، المعرَّب للجواليقي ص 154 وهو الآن شراب يُصنع من الزبيب المدقوق والمنقوع في الماء ويُصفَّى ويُطيِّب بالبخور. انظر: قاموس الغذاء والتداوي بالنبات لأحمد قدامة ص 9

(5)

مذهب الأشاعرة أن أول واجب على المكلف هو: النظر، وبعضهم قال: القصد إلى النظر، وبعضهم: المعرفة. والذي عليه أهل السنة والجماعة والسلف والأئمة أن أول واجب يؤمر به العباد الشهادتان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأني رسول الله

)) رواه البخاري (1395) ومسلم (19) . انظر: الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به للباقلاني ص 33، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد للجويني ص 25، شرح جوهرة التوحيد للباجوري ص7، الانتصار لأصحاب الحديث للسمعاني ص 60 - 64، درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 8/11، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص 23. وللشيخ عبد الله الغنيمان بحث قيم بعنوان " أول واجب على المكلف عبادة الله ". انظره في: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في العددين: 62، 63.

ص: 472

ما لا يطاق (1) ،

فكذلك [إذا حصل](2) الكفر مع بذل الجهد (3) يؤاخذ الله تعالى به، ولا ينفعه بذل جهده؛ لعظم خطر الباب وجلالة رتبته (4) ، وظواهر النصوص تقتضي أنه من لم يؤمن بالله ورسوله ويعمل صالحاً فإن له نار جهنَّم خالداً (5) فيها، وقياسُ الخصمِ* الأصولَ على الفروع غَلَطٌ لعظم التفاوت بينهما (6) .

وإذا قلنا ليس لله تعالي في نفس الأمر حكم معين: فليس هناك إلا ما ظهر في ظنون (7) المجتهدين [فقد أصابوه](8) ، فكل مجتهد مصيب، أي: إذا أَفْتَى بشيء فقد أصابه أما لو انتهى به الحال للوقف (9) فتمَادَتْ (10) مهلة النظر فلا يقال له (11) : إنه مصيب ولا مخطيء. وإذا قلنا في نفس الأمر حكم معين وهو ما تضمن المصلحة الخالصة أو الراجحة، فمن صادفه فهو المصيب ومن لم يصادفه فهو مخطيء له، فليس كل مجتهد مصيباً (12) .

(1) أي مما يدل على أن الشرع شَدَّد في الاعتقاد أنه أوجب عليه النظر لمعرفة الله، ولو صار الجهل له ضرورياً

لا يمكن دفعه عن نفسه انظر: الفروق 2/150 - 151، تهذيب الفروق والقواعد السنية " بهامش

الفروق " لابن حسين المكي 2/163

(2)

في ن: ((تحصيل)) .

(3)

في ق: ((الجهل)) وهو تحريف

(4)

ساقطة من س

(5)

في ن: ((خالدين)) .

(6)

لابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومن تابعهما رأيٌ في تفريق المتكلمين بين مسائل الأصول ومسائل الفروع، وبيّنا أنه اصطلاحٌ من إحداث المعتزلة والجهمية، وأنه ترتَّبتْ عليه أمور باطلة. انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية 5/84 - 95، مجموع الفتاوى له أيضاً 13/126، 19/207 - 212، 23/346.

مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم ص 755، التفريق بين الأصول والفروع، د. سعد بن ناصر الشثري 1/169 - 193

(7)

في ن: ((نفس)) ، وفي س:((ظن)) .

(8)

ساقط من ق

(9)

في ن: ((للوقوف)) .

(10)

في ق: ((وبقي في)) .

(11)

ساقطة من ق

(12)

هكذا في و، ص، م، ز وهو الصواب. وفي باقي النسخ:((مصيب)) وهو خطأ، لأن خبر " ليس " منصوب.

ص: 473

ومعنى المذهب الثالث (1)، وهو القول بالأشْبَه: أنه ليس في نفس الأمر حكم (2) معين وإنما في نفس الأمر ما لو عيَّن الله شيئاً لعيَّنه، فهو أشبه الأمور بمقاصد الشريعة، كما تقول (3) : لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الزمان رجل صِدِّيق [خَيِّر، لو أن الله تعالى يبعث نبياً لبعثه](4) . والقول (5) الآخر يقول: ليس في نفس الأمر شيء هو أشبه، والظاهر هو الأول، فإن الأفعال المُتَخيَّلة لا تخلو عن الرجحان في بعضها. والقول الثاني يقول (6) : إذا لم يُعيِّن الله تعالى شيئاً استوت الأفعال، كما أن المباحات كلها مباحة (7) لم تختلف وإن كانت مصالحها مختلفة.

حجة الدليل القطعي على الحكم في نفس الأمر: أن تكليف الكل بشيء معين يعتمد دليلاً يظهر (8) للكل وما ذاك إلا القطعي، أما الظني فتختلف فيه القرائح.

حجة الدليل الظني: أن الله سبحانه وتعالى امتحن الخلق بذلك الحكم في نفس الأمر، وأمرهم ببذل الجهد في طلبه، فلولا أنه ودليلَهُ في غاية الخفاء لعَرَفَه الكلُّ، فزال الامتحان، وليس كذلك.

حجة أنه ليس عليه دليل لا ظني ولا قطعي: أنه لو كانت عليه أمارة لفهمها الكل، ألا تري أن المطر إذا كانت عليه أمارة علمها الكلُّ، لكن الحكم ليس كذلك، فلا أمارة عليه.

وقول بِشْرٍ باستحقاق العقاب إذا أخطأه؛ لأنه يجعل التقصير من جهته، ومن قَصَّر استحقَّ العقاب.

حجة الجمهور: قوله عليه الصلاة والسلام ((إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجْرٌ وإنْ

(1) اعتبار هذا المذهب ثالثاً أمرٌ نسبيٌ، وهو يختص بالأحكام الشرعية. فالمذهب الأول (للمخطئة) هو: أن لله حكماً معيناً في نفس الأمر. والمذهب الثاني (لبعض المصوّبة) هو: ليس لله حكمٌ معينٌ راجحٌ هو أشبه، بل هي على السواء. وسيتضح هذان المذهبان في الشرح التالي.

(2)

ساقطة من ن

(3)

ساقطة من ق

(4)

ما بين المعقوفين في ق هكذا: ((لو بعث الله تعالى نبياً لبعثه)) .

(5)

ساقطة من ق

(6)

ساقطة من ق

(7)

هكذا في ص، و، ش. وفي ن:((مباحات)) وهو صحيح أيضاً. وفي ق، س:((مباحت)) وهو تحريف.

(8)

في ن: ((ظاهراً)) .

ص: 474

أصاب فله أجران)) (1) فجعل الثواب مع الخطأ، فلا عقاب حينئذٍ.

وأما قول الأصمِّ: إنه (2) يُنْقَض قضاء القاضي إذا خالفه، فهو في غاية العُسْر من جهة تصوُّره، بسبب أن هذا الحكم غير معلوم، [وكذلك دليله. ونحن وإن قلنا إن المصيب واحد، فهو غير معلوم](3) ، ونقض قضاء (4) القاضي إنما يكون بما يتحقق،

وما لا يتحقق كيف يُنْقَض به القضاء؟! فهذا المذهب مُشْكل (5) .

وأما قول المصوِّبة: إنه يجب عليه اتباع ظنه وإن خالف الإجماع فمسلَّمٌ، ولكن الأحكام التي على ألْسنة المجتهدين وظنونهم متَّفقٌ عليها وأنها أحكام الله تعالى، والنزاع في ثبوت أمر آخر في نفس الأمر غيرها، فما أقاموا فيه الدليل لا نزاع فيه، وما فيه النزاع لم يقيموا الدليل عليه، فلا ينبغي أن يقيموا الدليل على أن هذه أحكام الله تعالى، بل [يقيمون (6) الدليل](7) على أنه ليس لله تعالى حُكْمٌ آخر (8) غيرها فإنه محل النزاع،

(1) رواه البخاري (7352) ، ومسلم (1716) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)) . وأقرب لفظ وجدته قريباً من لفظ المصنف ما رواه أبو يعلى في " المعجم " ص (194) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه ((إذا اجتهد الحاكم فأخطأ كان له أجر، وإذا اجتهد فأصاب كان له أجران)) . وكذلك ما رواه ابن الجارود في " المنتقى " ص (249) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران اثنان، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد)) .

(2)

ساقطة من ن

(3)

ما بين المعقوفين ساقط من س

(4)

ساقطة من س

(5)

وأيضاً يلزم من نقض قضاء القاضي في الاجتهاد تسلسل النقض إلى غير نهاية، مما يؤدي إلى اضطراب الأحكام، وتفويت مصلحة نصب الحاكم، وحطِّ منزلة القضاء في نفوس الناس. انظر: المستصفى 2/606، منتهى السول والأمل ص 216، جمع الجوامع بحاشية البناني 2/392، تيسير التحرير 2/234. وستأتي هذه المسألة في الفصل التالي ص 477.

(6)

في س: ((يقيموا)) والمثبت هو الصواب، لأن ((بل)) إذا دخلت على الجملة صارت حرف ابتداءٍ لا عاطفة على الصحيح. انظر: مغني اللبيب لابن هشام 1 / 221.

(7)

ساقط من ق

(8)

ساقطة من ن، س

ص: 475

والقائلون بالتصويب يقولون: إن الحكم إنما يَتْبع المصلحة الخالصة أو الراجحة في مواقع الإجماع، [أما في (1) محلِّ الاختلاف فلا يُسلِّمون ذلك، فهذا مَنْعٌ حَسَن أيضاً على دليل المُخَطِّئة](2)(3) .

(1) ساقطة من ن

(2)

ما بين المعقوفين في س هكذا: ((أو في محل الاختلاف فلا)) .

(3)

نقل المصنف في نفائس الأصول (9/3901) جواباً ذكياً لطيفاً عن قول المصوبة، وهو: إذا أجمع المصوبة على تصويب كل مجتهد فقد اعترفوا بإصابة المُخطِّئة في أن الحق واحد، فيصير هذا القول مجمعاً عليه، وخلاف المجمع عليه باطل إجماعاً.

ص: 476