الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبيع الغائب والجُعَالة (1) والمُغَارسة (2) والصيد وغير ذلك مما فيه جهالةٌ في الأجرة
وغَرَرٌ (3) ،
وأما الصيد فلبقاء الفَضَلات وعدم تسهيل الموت على الحيوانات (4) ،
فقد خولفت القواعد لتتمَّة المعايشِ (5) ، فإن من الناس من يحتاج في معايشه (6) إلى
أحد هذه الأمور، فجُعلتْ شرعاً عاماً لعدم الانضباط في مقادير الحاجات. وهذه الرُّتَب يظهر أثرها (7) عند تعارض الأقيسة، فيُقدَّم الضروري على الحاجي، والحاجي (8) على التتمة.
تقسيم المناسب
ص: وهو أيضاً ينقسم إلى: ما اعتبره الشرع، وإلى ما ألغاه، وإلى ما جُهِل حاله (9) .
(1) الجعالة لغة: بتثليث الجيم، وهي ما جُعل للإنسان من شيءٍ على فعلٍ ما. انظر مادة ((جعل)) في: لسان العرب، مختار الصحاح.
واصطلاحاً: عرَّفها ابن عرفة بقوله: ((عقد معاوضةٍ على عمل آدميٍّ بعوضٍ غير ناشيء عن مَحَلِّه به، لا يجب إلا بتمامه)) . شرح حدود ابن عرفة للرصَّاع 2 / 529.
(2)
في ن: ((الغراسة)) . والمغارسة لغةً: مفاعلة من الغرس، وغرس الشجر يغرسه: أثبته في الأرض.
انظر: القاموس المحيط مادة ((غرس)) .
واصطلاحاً: بيع منفعةِ عاقلٍ في عِمَارةِ أرضٍ بشجرٍ بقدر إجارةٍ أو جعالةٍ أو بجُزْءٍ من أصل. شرح حدود ابن عرفة للرصاع 2 / 515.
(3)
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: ((هكذا قالوا، والظاهر أنه لا ينبغي أن يقال في شيء نزل به
القرآن وجاءت به السنة الصحيحة أنه مخالف للأصول، إذ لا أصل أكبر من الكتاب والسنة)) . نثر الورود 2 / 500.
(4)
في ن: ((الحيوان)) .
(5)
في ن: ((المعاش)) .
(6)
في ن: ((معاشه)) .
(7)
في ن: ((تعارضها)) .
(8)
ساقطة من س.
(9)
هذا شروع في تقسيم المناسب بحسب اعتبار الشارع له، وقد اختلف الأصوليون في هذا التقسيم كثيراً، فغالبهم قسمَّه إلى أربعةٍ، الأول: مناسب مؤثر وهو: اعتبار عين (نوع) الوصف في عين (نوع) الحكم. والثاني: مناسب ملائم وهو ثلاثة أنواع: اعتبار نوعه في جنسه، وعكسه، واعتبار جنسه في جنسه. والثالث: مناسب غريب، وهو: ما علم من الشارع إلغاؤه. والرابع: مناسب مُرْسل وهو: مالم يعلم من الشارع إلغاؤه أو اعتباره. فالمصنف ارتضى هذا التقسيم في نفائس الأصول (7 / 3273، 3277، 3322)، إذْ جَعَل المناسب المؤثر قسيماً للملائم. وهنا دمج بينهما - تبعاً للرازي - فجعلهما قسماً واحداً تحته أربعة أقسام. انظر: المستصفى 2 / 386، شفاء الغليل ص 144، المحصول 5 / 163، الإحكام للآمدي 3 / 282، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2 / 243، البحر المحيط للزركشي 7 / 272، مفتاح الوصول ص 701، فتح الغفار 3 / 21، شرح الكوكب المنير 4/173، فواتح الرحموت 2 / 323، نشر البنود 2 / 177، إجابة السائل للصنعاني ص 201. وقد سعى الشيخ عيسى بن منون إلى التوفيق بين هذه التقاسيم، انظر: نبراس العقول ص 298 وما بعدها.
فالأول ينقسم إلى: [ما اعتُبِر](1) نوعه في نوع الحكم كاعتبار نوع الإسكار في نوع التحريم، وإلى ما اعتُبِر جنسه [في جنسه](2) كالتعليل بمطلق المصلحة كإقامة الشُّرْب مُقَام القَذْف؛ لأنه مظنته، وإلى ما اعتُبِر نوعه في جنسه كاعتبار الأخوة [في
التقديم] (3) في الميراث (4) ، فيقدمون (5) في النكاح، وإلى ما اعتُبِر جنسه في نوع الحكم كإسقاط الصلاة عن الحائض بالمشقة، فإن المشقة جنس وهو (6) نوع من الرخص. فتأثير النوع في النوع مقدَّم على تأثير النوع في الجنس. وتأثير النوع في الجنس مقدَّم على تأثير الجنس في النوع (7) ، وهو مقدَّم على تأثير الجنس في الجنس.
والمُلْغَى (8) نحو: المنع من زراعة العنب خشية الخمر.
والذي جُهِل أمره (9) هو المصلحة المرسلة (10) التي نحن نقول بها، وعند التحقيق هي عامة في المذاهب.
(1) في متن هـ: ((اعتبار نوعه في نوع الحكم)) .
(2)
ساقط من س.
(3)
ساقط من س.
(4)
في متن هـ: ((الميزان)) وهو تحريف ظاهر.
(5)
في متن " هـ ": ((فيُقدم)) وهو سائغ باعتبار أن فاعله ضمير عائد إلى " اعتبار ". وفي س، ن:((فيقدموا)) بحذف النون بغير جازم أو ناصب. وقد سبق الكلام عن توجيه ذلك.
(6)
في س: ((وهي)) وهو خطأ؛ لأن مرجع الضمير يجب أن يكون ((إسقاط)) وهو مذكر.
(7)
سيأتي في شرحه ص (235) أن هذا وقع منه سهواً، وإلا فهما متساويان عنده. وانظر هامش (5)
ص (432) .
(8)
هذا القسم الثاني من أقسام المناسب وهو المناسب الغريب.
(9)
هذا القسم الثالث وهو المناسب المرسل.
(10)
سيأتي تعريفها ومبحثها ص (494) .
الشرح
الحكم أعَمُّ أجناسه كونُه حكماً، وأخصُّ منه كونه طلباً أو تخييراً وأخصُّ منه كونه تحريماً أو إيجاباً، وأخص منه كونه تحريم الخمر أو إيجاب الصلاة، وأعم أحوال الوصف كونه وصفاً، وأخص منه كونه مناسباً، وأخص [من المناسب](1) كونه معتبراً، وأخص منه كونه مشقة أو مصلحة أو مفسدة خاصة، ثم أخص من ذلك كون تلك المفسدة في محل الضرورات أو الحاجات أو التتمات (2) ، فبهذا (3) الطريق تظهر (4) الأجناس العالية والمتوسطة والأنواع السافلة (5) للأحكام والأوصاف من المناسب وغيره (6) ، فالإسكار نوع من المفسدة، والمفسدة جنس له (7) .
(1) في ق: ((منه)) .
(2)
في ن: ((التتميمات)) .
(3)
في ن: ((فهذا)) ، وفي س:((فهذه)) .
(4)
في ق: ((يظهر)) وهو جائز أيضًا. انظر: هامش (11) ص 67.
(5)
في ق: ((الشاملة)) وهو تحريف.
(6)
قال حلولو: ((اعلم أن للجنسية في الوصف والحكم مراتب، بعضها أعم وبعضها أخص وإلى العين أقرب، فأعم أجناس الحكم كونه حكماً، ثم كونه وجوباً، ثم وجوب الصلاة، ثم وجوب الظهر مثلاً، وأعم أجناس الوصف كونه وصفاً تناط الأحكام بجنسه حتى تدل عليه الأشياء، وأخص منه كونه مصلحة حتى يدخل فيه المناسب دون الشبهة وأخص منه كونه مصلحة خاصةً كالردع والزجر. وليس كل جنسٍ على مرتبةٍ واحدة، بل لها درجات متفاوتة في القرب والبعد لا تنحصر، فلأجل ذلك تفاوتت درجات الظن، والأقرب مقدم على الأبعد في الجنسية، ولكل مسألةٍ ذوق مفرد ينظر فيه المجتهد)) . التوضيح شرح التنقيح ص (344) . وقال الغزالي: ((ومن حاول حصر هذه الأجناس في عدد وضبطٍ فقد كلَّف نفسه شططاً لا تتسع له قوة البشر)) . المستصفى (2 / 329) . وللشوشاوي توضيح بديع لمراتب هذه الجنسية من حيث العموم والخصوص، فانظره في: رفع النقاب القسم 2 / 840.
(7)
والتحريم نوع من الطلب، والطلب جنس له، فاعتُبِر هاهنا النوع في النوع.
ويحكى عن علي رضي الله عنه أنه قال لما سُئِل عن حدِّ (1) شارب الخمر: ((إذا شَرِب سَكِر وإذا سَكِر هَذَى، وإذا هَذَى افترى، فأرى عليه حَدَّ المفتري)) (2) ، فأخذ علي رضي الله عنه مطلق المناسبة، ومطلق المظنة (3) .
والأُخُوَّة نوع من الأوصاف (4) ، والتقدُّم في الميراث نوع من الأحكام، فهو نوعٌ في نوعٍ (5) ، وكذلك التقديم* في النكاح (6) أو صلاة الجنازة نوع من الأحكام، فيقاس أحد النوعين على الآخر.
وجُعِلت المشقة جنساً؛ لأنها متنوعة إلى مشقة قضاء الصلاة، ومشقة الصوم، ومشقة القيام في الصلاة، وغير ذلك من أنواع المشاق، فمطلق المشقة جنس، وهو نوعٌ باعتبار الوصف المصلحيِّ أو المناسب، وإسقاط الصلاة عن الحائض نوع من الأحكام والإسقاطات والرخص.
وتأثير النوع في النوع مقدَّم على الجميع؛ لأن الخصوصِيَّيْن قد حصلا فيه: خصوصُ الوصف وخصوصُ الحكم، والأخص بالشيء مقدَّمٌ على الأعم، ولذلك
(1) ساقطة من ن.
(2)
رواه الإمام مالك في الموطأ (2 / 842) . وقال ابن عبد البر: ((هذا حديث منقطع من رواية مالك. وقد رُوي متصلاً من حديث ابن عباس رضي الله عنهما) . ورواه البيهقي في سننه الكبرى (8 /320) ، والدارقطني في سننه (3 / 157، 166) قال ابن حجر: ((وهو منقطع
…
لكن وصله النسائي في الكبرى، والحاكم من وجهٍ آخر)) . تلخيص الحبير (4/75) . وانظر: سنن النسائي الكبرى
(3 / 252)، والمستدرك على الصحيحين للحاكم (4 / 375) وقال: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال ابن حجر في فتح الباري (12 / 82) : ((وهذا مُعْضَل، وقد وصله النسائي والطحاوي - ثم قال - ولهذا الأثر عن علي طرق أخرى
…
)) وضعَّفه الألباني في: إرواء الغليل 8 / 45.
(3)
هذا اعتبار جنس الوصف في جنس الحكم، وذلك أن شرب الخمر جنس الوصف الذي هو المصلحة، والحد جنس الحكم.
(4)
لأن النسب أو القرابة جنس للأخوة.
(5)
في المتن مثلَّه المصنف على اعتبار النوع في الجنس، فالصواب أن يقول هنا: والتقديم جنس في الأحكام؛ لأنه يحتوي على أنواع كالتقديم في الميراث والتقديم في النكاح وصلاة الجنازة، وبهذا يستقيم المثال. والله أعلم.
(6)
في ن: ((نكاح)) .
قُدِّمت البنوة في الميراث على الأخوة، والأخوة على العمومة (1) ، وكذلك قُدِّم لُبْس النَّجس على الحرير (2) ، فمُنِع (3) في الصلاة؛ لأنه أخص بالصلاة من الحرير، ولأن تحريم (4) الحرير لا يختص بالصلاة، فكان تحريم النجس (5) أقوى منه؛ لأنه مختص بها (6) ، وكذلك (7) إذا لم يجد المُحْرِم إلا مَيْتةً وصيداً أكل الميتة دون الصيد، لأن تحريم الصيد خاص بالإحرام (8)، فالقاعدة: أن الأخص أبداً مقدَّمٌ [على الأعم](9) ،
فكما أن النوع في النوع أخص الجميع، فالجنس في الجنس أعم الجميع، والمنقول: أن النوع في الجنس والجنس في النوع متساويان (10) متعارضان (11) مقدَّمان على الرابع (12) لوجود الخصوص فيهما من حيث الجملة، [والذي في الأصل (13) ما أرى نَقْلَه إلا سهواً](14) .
(1) في ن: ((العمومات)) .
(2)
مفاد العبارة: قُدِّم في المنع لبس النجس على لبس الحرير في الصلاة.
(3)
ساقطة من ق.
(4)
في ق: ((تقديم)) وهو متَّجه أيضًا بحسب المعنى.
(5)
في ن: ((التنجيس)) وهي غير مناسبة.
(6)
المشهور تقديم لبس الحرير في الصلاة على النجس؛ للعلة التي ذكرها المصنف. ومن العلماء من قدَّم النجس، ووجهه: أن النجس يجوز لبسه في غير الصلاة، فهو أخف من هذا الوجه من الحرير؛ لأن الحرير لا يجوز لبسه في الصلاة ولا في غيرها. انظر: الذخيرة 2 / 110، حاشية البيجوري على شرح ابن قاسم على متن أبي شجاع 1 / 269، رفع النقاب القسم 2 / 847.
(7)
في س: ((ولذلك)) .
(8)
وهناك وجهة أخرى في تقديم الميتة على الصيد للمحرم ألا وهي: إذا اجتمع مُحَرَّمان للمضطر وجب تقديم أخفِّهما مفسدةً وضرراً، فالصيد فيه جنايات ثلاث: صيده، وذبحه، وأكله، ثم إن النص أباح الميتة للمضطر. وهناك من قدَّم الميتة على الصيد؛ لأن كلاً منهما جناية يباحان عند الضرورة، فيتميز الصيد بكونه مُذكّىً. انظر: الكافي لابن عبد البر 1 / 439، تقرير القواعد لابن رجب 2 / 464، الأشباه والنظائر للسيوطي ص 178، غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر للحموي 1/289.
(9)
ساقط من س، ق..
(10)
في ق: ((مستويان)) .
(11)
الحكم بالتعارض بينهما فيه نظر. انظر مبحثه في باب التعارض والترجيح هامش (5) ص (432) .
(12)
في ق، س:((اللوازم)) وهو تحريف.
(13)
أي: في المتن السابق. انظر: ص 332، هامش (7) .
(14)
ما بين المعقوفين ساقط من س.