الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن سُرَيْج (1) : إن ضاق وقته عن الاجتهاد جاز وإلا فلا (2)، فهذه خمسة (3) أقوال (4) . لنا: قوله تعالي: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (5) .
التقليد في أصول الدين:
ولا يجوز التقليد في أصول الدين لمجتهدٍ ولا للعوام عند الجمهور؛ لقوله تعالى:
{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (6) ، ولعظم [الخطر في الخطأ](7) في جانب الربوبية، بخلاف الفروع: فإنه رُبَّما كَفَر في الأول ويثاب في الثاني جَزْماً.
الشرح
العامي ليس له أهلية الاجتهاد (8) فيتعين أن يقلد كما في القِبْلة، والعالم الذي لم يبلغ درجة الاجتهاد احتمالات الخطأ في حقه موجودة غير أنها أقل من العامي، فهذا وجه التردد، وكما اتفقوا على تعيُّن (9) الحكم في حق المجتهد فكذلك من قلده، ومعناه لو فُرِضَ موصوفاً بسببه (10) وإلا فقد يجتهد في الغَنَم وزكاتها ولا غَنَم له، أو في الجنايات
(1) في ق، ن:((ابن شريح)) وهو تصحيف. وابن سريج هو: أحمد بن عمر بن سريج البغدادي أبو العباس فقيه الشافعية في عصره والذاب عنه والناشر له. من شيوخه: المزني، ومن تلاميذه: الحافظ الطبراني. من تآليفه: كتاب الرد على ابن داود الظاهري في إبطال القياس، والتقريب بين المزني والشافعي، وغيرهما، ت306هـ. انظر طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 3/21 تاريخ بغداد 4/287، سير أعلام النبلاء 14/201
(2)
انظر النسبة إليه في: المعتمد 2/266، التبصرة ص 412، قواطع الأدلة 5/109، الوصول لابن برهان 2/362، نهاية الوصول للهندي 8/3911
(3)
في متن هـ: ((أربعة)) وهو خطأ؛ لأن الأقوال خمسة.
(4)
حكى الزركشي في البحر المحيط 8/334-337 أحد عشر قولاً في المسألة.
(5)
التغابن، من الآية:16.
(6)
الإسراء، من الآية:36
(7)
في ق: ((الخطر والخطأ)) ، وفي س:((الخطأ في الخطر)) وهو مقلوب
(8)
ساقطة من ق
(9)
في ق: ((تعيين)) .
(10)
في ن: ((لسببه)) .
ولا جناية له ولا عليه، بل قد يجتهد في أحكام الحيض والعِدَّة وغيرها مما لا يوصف به، لكنه بحيث (1) لو اتَّصَف بسببه لكان (2) ذلك الحكمُ حكمَ الله تعالى في حقه، فهذا لابد منه.
وقد تقدَّم أول الكتاب (3) حجةُ منع التقليد على (4) المجتهد مطلقاً: أن الأصل ألَاّ يجوز الظن لقوله تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (5) خالفناه في أعلى مراتب الظنون الناشئة عن الاجتهاد، فيبقى ظن التقليد الضعيف على مقتضى الدليل.
حجة الجواز مطلقاً: أن غاية المجتهد في اجتهاده أن يُحصِّل مِثْلَ ما حصَّله غيره، وكما يجوز أن يكون الثاني أقوى يجوز أن يكون أضعف فيتساقطان، فيبقى التساوي، وأحد المِثْلين يقوم مقام الآخر. وبهذا يظهر تقليد العالمِ الأعلمَ؛ لأن الظاهر أن اجتهاد الأعلم أقرب للصواب. وأما ما يخصُّه فلأن الحاجة تدعو إليه بخلاف الفُتْيا، فله أن يُحِيْل (6) المستفتي على غيره، وكذلك إذا ضاق الوقت كانت حالةَ ضرورةٍ بخلاف اتساعه.
وأما أصول الدين فقد تقدَّم (7) حكاية إمام الحرمين في " الشامل " أنه لم يخالف في ذلك إلا الحنابلة، [وقول الإسفراييني: أنه لم يخالف فيه (8) إلا أهل الظاهر (9) ، مع أني
(1) في ق: ((يحنث)) وهو تصحيف
(2)
في ق: ((كان)) ، وفي س:((فإن)) .
(3)
لو قال: أول الباب لكان أولى أَمنْاً من اللبس. انظر: الفصل الثاني من هذا الباب ص 441.
(4)
هنا زيادة: ((أن)) في ن، وهي مخلَّة بالمعنى.
(5)
الإسراء، من الآية: 36
(6)
في ق: ((يلد)) ولعلها تحرفت من: ((يَدلُّ)) .
(7)
انظر: ص 442.
(8)
ساقطة من س
(9)
تقديم التعليق عليه في هامش (7) ص (442) .
سألْتُ الحنابلة] (1) فقالوا: مشهور مذهبنا منع (2) التقليد (3) ، والغزالي يميل إليه (4) وجماعة، وقد حكى القاضي عياض في " الشفاء "(5)
ذلك عن غيره (6) .
(1) ما بين المعقوفين ساقط من ق
(2)
ساقطة من س، وهو سقط قبيح.
(3)
انظر: رسالة في أصول الفقه للعكبري ص 128، العدة لأبي يعلي 4/1217، الواضح في أصول الفقه لابن عقيل 5/237، روضة الناظر لابن قدامة 3/1017، المسودة ص 457، أصول الفقه لابن مفلح 4/1533
(4)
ربما كان استشفاف هذا الميل استناداً إلى ما ذكره القاضي عياض في كتابه: الشِّفَا بتعريف حقوق المصطفى 2/601 ((وقد نحا الغزالي قريباً من هذا المنحى في كتابه: التفرقه)) . لكن بعض العلماء انبروا إلى الذبِّ عن الغزالي وتغليط من نسب إليه ميلاً إلى جواز التقليد في أصول الدين. انظر: نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض للشهاب الخفاجي 4/494-495، البحر المحيط للزركشي 8/279. وللوقوف على عبارات الغزالي الموهمة في هذه المسألة انظر كتابيه: فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة بتحقيق د. سليمان دنيا، ص 206-208، والمستصفي 2/401
(5)
كتاب: الشَّفا بتعريف حقوق المصطفى عليه الصلاة والسلام كتابٌ في السيرة النبوية، ألَّفه بمنهجٍ فريدٍ وطريقة مبتكرة..قال فيه حاجي خليفة ((وهو كتاب عظيم النفع، كثير الفائدة، لم يؤلف مثله في الإسلام)) كشف الظنون 2/1053، والكتاب مطبوع في مجلدين بتحقيق خمسة محققين، إصدار مؤسسة علوم القرآن، ودار الفيحاء بعمَّان ط (2) - 1407هـ والكتاب عليه شروحات منها: نسيم الرياض في شرح شفا القاضي عياض لشهاب الدين الخفاجي، وبهامشه شرح له يتعلق بالبناء والإعراب والكلمات لملَاّ علي القاريء، مطبوع بدار الكتاب العربي ببيروت.
(6)
كداود الأصبهاني الظاهري، وثمامة بن أشرس. انظر: الشفا 2/601 - 602.