الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرح
حجة الجواز بالأمارة:
أنها أمر يفيد الظن فأمكن اشتراك الجميع في ذلك الظن كما أن الغَيْم الرَّطْب (1) إذا شاهده أهل الأرض كلهم اشتركوا (2) في غلبة الظن مِنْ قِبَلِهِ بالأمطار، وكذلك أمارات الخَجَل والوَجَل (3) المفيدة لظن (4) ذلك يمكن اشتراك الجمع* العظيم (5) في إفادة (6) ظنها لذلك، فكذلك أمارات (7) الأحكام من القياس وغيره، والمراد بالدلالة ما أفاد القطع، وبالأمارة ما أفاد الظن (8) ؛ لأن الدليل والبرهان (9) موضوعان (10) في عُرْف أرباب الأصول لما أفاد عِلْماً (11)
والأمارة لما أفاد ظناً (12) ؛
(1) في ن: ((المركب)) وهو تحريف.
(2)
هنا زيادة ((كلهم)) في س لا حاجة لها.
(3)
أمارة الخجل: إحمرار الوجه، وأمارة الوجل (الخوف) : اصفراره. انظر: شرح السُّلَّم المُنَوْرَق للملَّوي بحاشية الصبان ص51.
(4)
في س: ((الظن)) .
(5)
ساقطة من ق.
(6)
ساقطة من ق.
(7)
في ن: ((أمارة)) .
(8)
انظر تعريف كلٍّ من: الدلالة والأمارة في: المعتمد 1 / 5، المحصول للرازي 1 / 88، البحر المحيط للزركشي 1 / 53.
(9)
جاء في تعريف البرهان عبارات متقاربة منها، هو: الحجة والدلالة، وهو: الذي يقتضي الصدق أبداً لا محالة، وهو: ما فَصَل الحق عن الباطل وميّز الصحيح من الفاسد بالبيان الذي فيه. انظر: الكليات للكفوي ص248ـ249. وعرَّفه الجرجاني في التعريفات ص (68) بقوله: هو القياس المؤلف من اليقينيات سواء كانت ابتداءً: وهي الضروريات، أو بواسطة: وهي النظريات.
(10)
في ن: ((موضوع)) والأصل تطابق المبتدأ والخبر في التثنية، ومع ذلك يجوز هنا انفراد الخبر على تقدير: كلٌ منهما موضوعٌ. والله أعلم.
(11)
جمهور الأصوليين على أن الدليل يشمل: القطعي والظني، وعرَّفوه بأنه: ما يتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري، ويدخل في المطلوب الخبري ما يفيد القطع والظن..وذهب بعضهم إلى التفريق بين ما يفيد القطعَ فيُسمَّى دليلاً، وما يفيد الظنَّ فيُسمَّى أمارة. ولا مُشاحَّة في الاصطلاح. انظر: الحدود للباجي ص38، شرح اللمع للشيرازي 1/155، الإحكام للآمدي 1/9، تقريب الوصول ص99، البحر المحيط للزركشي 1/51، شرح الكوكب المنير 1/53.
(12)
في ن، ق:((الظن)) .
[والطريق صادق على الجميع، لأن الأوَّلَيْن طريق إلى العلم، والثالث طريق إلى الظن](1)(2) .
وأما قولي: ((وجوزه قومٌ بمجرد الشبهة والبحث (3)) ) فأصل هذا الكلام أنه وقع في " المحصول "(4) أنه (5) : ((جوزه قوم بمجَّرد التَّبْخِيْت (6)
)) ، ووقع (7) معها من الكلام للمصنِّف ما يقتضي أنها شبهة لقوله في الرد عليهم:((لو جاز بمجرد التبخيت (8) لانعقد الإجماع عن غير دلالة ولا أمارة وأنتم لا تقولون به)) (9) ، دل (10) على أن القائلين بالتبخيت (11) لا يجوِّزون (12) العُرُوَّ (13) عن الشبهة، وقال أيضاً عن الخصم: ((إنه جوَّزه
(1) ما بين المعقوفين ساقط من ق.
(2)
انظر: المعتمد 1/5، نفائس الأصول 1/212.
(3)
في س: ((البخت)) ولكن لا تشفع لها نسخ المتن والشروح. وإن كان ما بعدها يعضد هذه اللفظة، وسيأتي معناها بعد قليل.
(4)
انظر: المحصول للرازي 4/187.
(5)
ساقطة من ق.
(6)
في ق: ((التبحيث)) وهو تصحيف، وليست في المحصول 4/187.
والتبخيت من البَخْت وهو الجَدّ والحَظُّ، كلمة فارسية معربة، وقيل: مولدة. قال الأزهري: لا أدري أعربي هو أم لا؟. ورجلٌ بخيت ذو جَدٍّ. قال ابن دريد: ولا أحسبها فصيحة. والمبخوت: المجدود (المحظوظ) . انظر: لسان العرب، المصباح المنير، تاج العروس، كلها مادة " بخت ". وعرَّفه الآمدي بقوله:((وأما البَخْت والاتفاق: فعبارة عن وقوع أمرٍ ما لا عَنْ قصدٍ، ولا عن فاعل)) . المُبين في شرح معاني ألفاظ الحكماء والمتكلمين ص 118. وسيرد تفسير المصنف لها في ص 174.
(7)
في ن: ((وقع)) بغير واو.
(8)
في ق: ((التبحيث)) وهو تصحيف.
(9)
عبارة المحصول (4/189) هي: ((أن ذلك يقتضي أن لا يصدر الإجماع لا عن دلالة ولا عن أمارة ألبتة، وأنتم لا تقولون به
…
)) فأنت ترى أنه لم تقع في عبارته هذه كلمة ((التبخيت)) . والرازي قال ذلك جواباً على الدليل الأول للمخالفين وهو: ((أنه لو لم ينعقد الإجماع إلا عن دليلٍ، لكان ذلك الدليل هو الحجة، ولا يبقى في الإجماع فائدة)) . وبهذا يكون تفريع المصنف على قول الرازي بأن التبخيت هو الشبهة غير صحيح. والله أعلم.
(10)
ساقطة من ق.
(11)
في ن، ق:((التبحيث)) وهو تصحيف.
(12)
في ن، س:((لا يجوز أن)) وهي غير مناسبة للسياق.
(13)
في ن: ((يعدوا)) ، وفي س:((يعروا)) وهما غير مناسبتين للسياق.
من غير دلالة ولا أمارة)) (1) ، ومتى انتفت الأمارة انتفت الشبهة قطعاً فصار لفظ المحصول فيه (2) تدافع (3)(4) .
واختلف المختصرون له: فمنهم من فسَّره بالشبهة (5) وهو سراج الدين (6) ، ومنهم من أعرض عنه بالكلية (7) ، ثم بعد وضع كتاب " الفصول "(8) طالعتُ كتباً كثيرة فوجدت هذه اللفظة فيها مضبوطة، ويقولون: منهم من جَوَّز الإجماع بالبخت (9) ، بالتاء المنقوطة باثنين من (10) فوقها، فدل على أن (11) قوله:((بالتبخيت)) ليس بالثاء
(1) ليست هذه العبارة في المحصول، لكن مؤداها أن الخصم يجوّز صدور الإجماع بالتبخيت، أي بغير مستند من دلالةٍ أو أمارة. انظر المحصول 4/187 ـ 189.
(2)
ساقطة من س، ن.
(3)
في ن: ((يتدافع)) .
(4)
لفظ المحصول مستقيم لا تدافع فيه، فإنه لم ترد فيه عبارة ((الشبهة)) أصلاً بل وردت عبارة ((التبخيت)) ، وهي في مقابل: الدلالة والأمارة، بل إن عبارة المحصول ـ ابتداءً ـ توحي بأن التبخيت يفضي إلى التقوُّل في الدين بمجرد الحظ والهوى لا لشبهةٍ. انظر: المحصول (4/188) ..ثم إن صاحب المحصول في المسألة التي بعد هذه عبرّ عن الأمارة بالشبهة. انظر: المحصول 4/192، نفائس الأصول 6/2737.
(5)
انظر: التحصيل من المحصول لسراج الدين الأُرْموي، (2/78) . لكن غلَّطه الأصفهاني في الكاشف عن المحصول 5 / 518. وكذلك ردَّه الإسنوي في نهاية السول 3/308.
(6)
هو أبو الثناء سراج الدين محمود بن أبي بكر بن أحمد الأُرْموي، نسبةً إلى أُرْمِية من بلاد أذَربيجان، وتسمى الآن: ضيائية، تابعة لإيران. من علماء الشافعية في الأصول والمنطق، قرأ بالموصل وسكن دمشق وولي قضاء قُوْنية وتوفي بها. من تآليفه: التحصيل من المحصول (ط) بتحقيق د. عبد الحميد أبو زنيد، بيان الحق، شرح الوجير للغزالي. ت 682هـ. انظر: طبقات الشافعية الكبرى 8/371، مقدمة كتاب التحصيل للأرموي.
(7)
كتاج الدين الأرْموي في كتابه: الحاصل من المحصول (ط)، والتبريزي في: تنقيح محصول ابن الخطيب (رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى)، والنقْشَواني في: تلخيص المحصول (رسالة دكتوراه بالجامعة الإسلامية) .
(8)
المراد به " تنقيح الفصول ". والله أعلم.
(9)
في ن: ((البحث)) وهو تحريف وخطأ، لأنه يؤدي خلاف المعنى المراد عند المصنف. ومن الكتب التي ذكرت ((البخت أو التبخيت)) التمهيد لأبي الخطاب 3/ 285.
(10)
ساقطة من ن.
(11)
ساقطة من ق.
المثلثة من المباحثة (1)
بل من البخت، فتحصَّل من ذلك أن من الناس من جوَّز الإجماع بالقِسْم (2) والبخت (3)، أيْ: يُفْتُون (4) بغير مستند أصلاً، وأيُّ شيءٍ أفْتوا به كان حقاً، وأن الله تعالى جعل لهم ذلك، وأنهم مُنْطَقون (5) بالصواب، ولا يُجْرِي الله تعالى على لسانهم (6) إلا إياه، وهو أمرٌ جائزٌ عقلاً، غير أنه لابد له من دليل سمعي، فقائلوه يقولون: ذلك الدليل هو قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تجتمع أمتي على خطأ)) (7) ونحوه، فمتى أجمعوا (8) كان حقاً ولا نَظَر إلى المستند، والفريق الآخر يقول (9) : فُتْياهم بغير مستند اتباعٌ للهوى، واتباع الهوى خطأ. فهذا تحرير هذه (10) المسألة.
حجة من قال لابد من الدلالة، وهي الدليل القاطع (11) : لأن الظنون تتفاوت، فلا يحصل فيها اتفاق، والدليل القاطع قاهر (12) لا مجال للاختلاف فيه، فيُتَصور بسببه الإجماع.
وجوابه: أن الغَيْم الرَّطْب تستوي (13) الأمة في الظن الناشيء منه ممن هو عارف بأحوال السُّحُب (14) . وكذلك كل أمارة تثير الظن، مع أن الدليل القطعي قد تَعْرِض فيه
(1) في س: ((المباخثة)) ، وفي ن:((المباختة)) وكلاهما تصحيف. كان من الأولى أن يقول المصنف: والحاء المهملة، من بحث: إذا سال وفتَّش عن الأمارة؛ لأن سكوته عن الخاء المعجمة يُوحِي بوجود كلمة " بخث " ولم أجدْها في معاجم اللغة..فالتغيير يكون في أمرين؛ في الحاء المهملة والثاء المثلثة. انظر: لسان العرب مادة " بحث ".
(2)
القِسْم: بالكَسْر هو النصيب والحظ. انظر لسان العرب مادة " قسم ".
(3)
في ن: ((البحث " وهو تصحيف.
(4)
ساقطة من ق.
(5)
في ق: ((يُنْطَقون)) .
(6)
في ق: ((ألسنتهم)) .
(7)
سبق تخريجه.
(8)
في س: ((اجتمعوا)) .
(9)
في ن، ق:((يقولون)) .
(10)
ساقطة من ن.
(11)
في س: ((القطعي)) .
(12)
في ق: ((قاصر)) والمثبت أصح.
(13)
في س: ((يستوي)) .
(14)
في ن، س:((السحاب)) .
الشبهات، ولذلك اختلف العقلاء في حدوث (1) العالم، وكثيرٍ من المسائل العقليات القطعيات، لكن عروض الموانع لا عبرة به (2) ؛ لأنَّا لا (3) ندَّعِي وجوب حصول الإجماع، بل ندَّعِي أنه إذا حصل كان حجة، وتعذر حصوله في كثير من الصور لا يقدح في ذلك.
وأما وجه الفرق بين الجلية والخفية فظاهر مما تقدم (4) .
(1) في س، ن، ق:((حدث)) . والمثبت من ص، ز، م.
(2)
في س، ن:((بها)) ويكون مرجع الضمير إلى " الموانع ".
(3)
ساقطة من ن.
(4)
قال الشوشاوي: ((فإن الأمارة الجلية يمكن اجتماع الكل في الظن بموجبها بخلاف الخفية)) رفع النقاب القسم 2 / 548.