الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
في خبر الواحد
(1)
وهو خبر العَدْلِ (2) الواحدِ (3) أو العدولِ المفيد للظن (4) وهو عند مالك رحمة الله عليه، وعند (5) أصحابه حجة (6) . واتفقوا على جواز العمل به (7) في الدنيويات والفتوى (8) والشهادات، والخلاف إنما هو في كونه حجة في حق المجتهدين* (9) ، فالأكثرون على أنه حجة لمبادرة الصحابة رضوان الله عليهم إلى العمل به.
الشرح
كون خبر الجماعة إذا أفاد الظن يُسمَّى: خبر واحد، هو اصطلاح (10) لا لغة (11) .
(1) ويُسمى: خبر الآحاد، وهو لغة: جمع أحد بمعنى واحد، وهمزته مُبْدلة من واو، فأصلها: وحد. انظر: لسان العرب مادة "أحد" و"وحد" واصطلاحاً: عرفوه بتعريفات متقاربة فمنها: هو خبر الواحد أو الجماعة الذين لا يبلغون حد التواتر.. وقيل: هو ما رواه الواحد أو الاثنان فصاعداً ما لم يبلغ حد الشهرة أو التواتر. وقيل: هو ما لم يَجْمع شروط المتواتر. انظر: تقريب الوصول ص289، التوضيح لحلولو 305، شرح الكوكب المنير 2/345. الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص16، شرح شرح النخبة للقاري ص209.
(2)
العَدلْ: بمعنى العادل أو ذي عَدْل أو على طريقة المبالغة لأن المصدر وُضع موضع الصِّفة، وهو من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة. انظر: شرح شرح النخبة للقاري ص247.
(3)
ساقطة من متن هـ.
(4)
عرَّف المصنف خبر الآحاد المقبولَ، لأنه سيُرتِّب عليه الحُجيّة والعمل، وإلا فهو اصطلاحاً أعمُّ من كونه مقبولاً.
(5)
ساقطة من س، ق.
(6)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص67، إحكام الفصول ص324.
(7)
عبرّ المصنف في المتن بقوله: "جواز العمل به
…
" تبعاً للحصول (4/354) ، ومن الأصوليين من يعبِّر بوجوب العمل به، وآخرون يقولون بالتفصيل، أي: بالجواز في الدنيويات والوجوب في الفتوى والشهادات، وهو ما مشى عليه المصنف في آخر شرحه هذه العبارة، والقول بالتفصيل أولى.
(8)
في ن: ((الفتاوى)) وهو مما استقلّت به، وهو صحيح أيضاً.
(9)
في ق: ((المجتهد)) خلافاً لجميع النسخ.
(10)
في ق: ((إصلاح)) وهو تحريف.
(11)
لأن خبر الواحد لغة: خبر إنسانٍ واحدٍ، بينما في الاصطلاح يشمل خبر الواحد والاثنين والثلاثة ما لم يصل حدَّ التواتر، فكلُّه يُسمَّى: خبر واحد أو آحاد. انظر: التلخيص 2/325.
وقد تقدَّم أول الباب أن الأخبار ثلاثة أقسام: تواتر، وآحاد، ولا تواتر ولا آحاد وهو: خبر الواحد المنفرد إذا احتفت به القرائن حتى أفاد العلم:
وجمهور أهل العلم على أن خبر الواحد حجة عند (1) مالكٍ والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم (2) .
قال القاضي عبد الوهاب في "الملخص"(3) : "اختلف الناس في جواز التعبد بخبر الواحد، فقال به الفقهاء والأصوليون، وخالف بعض المتكلمين (4) . "، والقائلون بجواز التعبد (5) به (6) اختلفوا في وقوع التعبد به (7)، فمنهم من قال: لا يجوز (8) التعبد به (9) ، لأنه لم يرد التعبد به بل ورد السمع بالمنع منه، ومنهم من يقول (10) : يجوز العمل به إذا عضده غيره ووجد أمر (11) يقويه. ومنهم من يقول: لا يقبل إلا خبر
(1) سقطت من جميع النسخ ما خلا نسخة ز.
(2)
طال بحث الأصوليين كثيراً في حجية خبر الواحد والعمل به، ومذهب أهل السنة والجماعة والأئمة ـ كما ذكر المصنف ـ أنه حجة يجب العمل به لدلالة الكتاب والسنة والإجماع والقياس عليه. وذهب بعض المتكلمين إلى أنه ليس بحجة، فمنهم من يردُّ حجيته عقلاً، ومنهم سمعاً، ومنهم من يمنع حجيته عقلاً وسمعاً، ومنهم من لا يحتج به إلا إذا عضده دليل آخر
…
الخ. انظر تفصيلات الأدلة والمناقشات في: الرسالة للشافعي ص401، المعتمد 2/98، العدة لأبي يعلى 3/859، الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي 2/279، الكفاية في علم الرواية له أيضاً ص 18، إحكام الفصول ص330، التلخيص 2/325، قواطع الأدلة 2/264، المحصول للرازي 4/353، الإحكام للآمدي 2/45، كشف الأسرار للبخاري 2/682، التوضيح لحلولو ص306، خبر الواحد وحجيته د. أحمد محمد عبد الوهاب، خبر الواحد في التشريع الإسلامي وحجيته لأبي عبد الرحمن القاضي برهون، الأدلة والشواهد على وجوب الأخذ بخبر الواحد د. سليم الهلالي.
(3)
انظر رفع النقاب للشوشاوي القسم 2/617.
(4)
وهم: جماهير القدرية، والرافضة، والقاساني وغيرهم. انظر: إحكام الفصول ص330، الإبهاج 2/300، التقرير والتحبير 2/361، أصول الفقه لمحمد رضا المظفر (رافضي)(2 / 61) إلا أنه نقل خلافاً في مذهبهم وقال بأن التحقيق أنهم يقولون بحجيته، وانظر: الفصول اللؤلؤية في أصول فقه العترة النبوية ص257.
(5)
أي: عقلاً.
(6)
ساقطة من س.
(7)
أي: شرعاً.
(8)
هنا زيادة: ((وقوع)) في س.
(9)
ساقطة من ن.
(10)
في ن: ((قال)) .
(11)
في ن: ((أمراً)) ووجهه إذا كان الفعل ((وجد)) مبنياً للمعلوم.
اثنين فصاعداً إذا كانا عدلين ضابطين (1)، قاله الجُبائي (2) . وحكى المازري وغيره (3) "أنه (4) قال (5) : لا يُقْبل في الأخبار التي تتعلق بالزنا إلا أربعة قياساً للرواية على الشهادة. " (6)
حجة المنع من جواز التعبد به (7) : أن التكاليف تعتمد تحصيلَ (8) المصالح* ودفعَ المفاسد وذلك يقتضي أن تكون (9) المصلحة أو المفسدة معلومة، وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن، وهو يجوز خطؤه فيقع المكلف في الجهل والفساد، وهو غير جائز.
وهذه الحجة باطلة إما لأنها مبنية على قاعدة الحُسْن والقبح ونحن نمنعها (10) ، أو لأن الظن إصابته (11) غالبة وخطؤه نادر، ومقتضى القواعد أن (12) لا [تُتْرك المصالح](13) الغالبة للمفسدة النادرة (14) ، فلذلك أقام صاحب الشرع الظن مقام العلم* لغلبة صوابه وندرة خطئه (15) .
(1) الضابط: هو من يُثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء. انظر: شرح شرح النخبة للقاري ص248.
(2)
انظر: المعتمد 2/138، التبصرة ص312، البرهان 1/392، وسيأتي مزيدُ بيانٍ لمذهبه وحجته ومناقشته في الفصل السابع من هذا الباب.
(3)
انظر: رفع الحاجب لابن السبكي 2 / 406، وانظر: المعتمد 2/138.
(4)
أي الجبائي.
(5)
ساقطة من ن.
(6)
في رفع النقاب للشوشاوي القسم (2/615) تحرير بديع لهذه التقسيمات فطالِعْه ثمة.
(7)
أي عقلاً.
(8)
في ن: ((حصول)) .
(9)
في س: ((يكون)) .
(10)
سبق الكلام عنها وأن مذهب أهل السنة والجماعة الوسطية وهو عدم قبول قاعدة الحسن والقبح مطلقاً وعدم منعها مطلقاً.
(11)
في س: ((إصابة)) وهو تحريف.
(12)
ساقطة من ن.
(13)
في ق: ((نترك المصلحة)) .
(14)
راجع في ذلك كتاباً فريداً في بابه وهو: قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام ص145، وانظر: ترتيب الفروق للبقُّوري 1/43.
(15)
يدل عليه قوله تعالى: {وما شهدنا إلا بما علمنا} [يوسف: 81]، وقوله: {فإن علمتموهن مؤمنات
…
} [الممتحنة: 10]، وقوله تعالى:{فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً} [النور: 33] وكل ذلك بمعنى الظن وأقامه مقام العلم لغلبته. انظر: القطع والظن عند الأصوليين د. سعد الشثري.
حجة المنع من الوقوع (1) : قوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} (2) وخبر الواحد لا يوجب علماً فلا يُتَّبع (3) . وقوله تعالى: {إن الظن لا يغني من الحق شيئاً} (4) وقوله تعالى: {إن يتبعون إلا الظن} (5) في سياق الذم وذلك يقتضي (6) تحريم اتباع الظن وهذه النصوص كثيرة (7) .
وجوابها: أن ذلك مخصوص بقواعد الديانات وأصول العبادات القطعيات (8) ، ويدل على ذلك قوله عليه السلام " نحن نقضي بالظاهر والله يتولَّى السرائر"(9)، وقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة} (10) فجعل [الله تعالى](11) الموجب للتبين (12) كونه فاسقاً، فعند عدم الفسق يجب العمل وهو المطلوب، وقوله تعالى (13) :{فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} (14)[أوجب تعالى الحذر](15) بقول الطائفة الخارجة من الفرقة [مع أن](16) الفرقة تصدق
(1) أي شرعاً.
(2)
الإسراء، من الآية:36.
(3)
في ن: ((يقع)) .
(4)
يونس، من الآية:36. والآية لم ترد في نسخة ن.
(5)
الأنعام، من الآية:116.
(6)
ساقطة من س.
(7)
يمكن أن يجاب عن الاستدلال بالآيات التي نَعَتْ على الظن بأن المراد به الظن المذموم المبني على التخمين والحَدْس ولا دليل عليه، لأن الظن في هذه الآيات مطلق، فيُحمل على الظن الكاذب جمعاً بين الأدلة. انظر: العدة لأبي يعلى 3/872، التمهيد لأبي الخطاب 3/402، نفائس الأصول 7/2943.
(8)
انظر: نفائس الأصول 7/2942.
(9)
مرَّ تخريجه.
(10)
الجحرات، من الآية:6.
(11)
ساقط من ق.
(12)
في ق: ((للتثبت)) وهي صحيحة أيضاً، وفي س:((للتثبيت)) وهو تحريف.
(13)
في س: ((ولقوله)) ، وفي ق:((وكقوله)) .
(14)
التوبة، الآية:122.
(15)
ما بين المعقوفين ساقط من س.
(16)
في ق: ((و)) .